عاجل
الجمعة 21 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
لاتظلموا مرسي

لاتظلموا مرسي

بقلم : عاطف حلمي
 
مخطىء من يطالب الرئيس محمد مرسي بالتراجع عن الإعلان الدستوري الفضيحة، فهو لاناقة له ولاجمل فيما يحدث لأنه وبكل بساطة لم يصدر عنه ولا يملك حتى حق تعديله والاعتراض عليه، فهذا الإعلان الدستوري صنع وأعد في مطبخ جماعة الإخوان المسلمين كوجبة سامة لؤأد الديمقراطية في مصر وقتل الثورة والثوار وأطفاء شعلة الأمل في مستقبل أفضل.
 
والأمر ليس بحاجة لأدلة ومستندات .. فكيف لايعلم معظم مستشاري الرئيس، ما لم يكن جميعهم بهذا الإعلان وفي مقدمتهم سمير مرقس المسؤول عن ملف التطور الديمقراطي، أي المعني الأول بين المستشارين بمثل هذه الأمور، في حين نرى شباب الجماعة أتوا من كل حدب وصوب وتجمعوا أمام دار القضاء العالي قبل حتى الإعلان عن نية الرئيس إصدار هذا القرار بساعات طويلة، اللهم إذا كان مكتب ارشاد الجماعة هو من كتب هذا الإعلان، ودفع بهؤلاء الشباب من أجل ضمان الضغط على الشارع وارهاب المعارضين من القوى الوطنية والثورية.
 
وما يحدث الآن تكرر من قبل ثلاث مرات الأولى عندما أعلنوا أن مرسي لن يقسم اليمين أمام المحكمة الدستورية، وعلى طريقة عبدالفتاح القصري، أضطر مرسي لأن يقول "تنزل المرادي"، لا لشيء سوى أنه ادرك صعوبة تنفيذ هذا التهديد، لكن ظل القضاء عقبة بالغة الصعوبة أمام مخطط الإخوان للسيطرة على مفاصل الدولة، فحاول مرة ثانية النيل من هيبة القضاء واستقلال السلطة القضائية، عندما رفض حكم المحكمة الدستورية القاضي ببطلان وحل مجلس الشعب، الذي كان يعلم الجميع أن قانون الانتخابات الذي تم تفصيله على مقاس الإخوان المسلمين يشوبه عوار دستوري فاضح، وسبق لنفس المحكمة أن قضت في أيام المخلوع في الثمانينيات من القرن العشرين ببطلان انتخابات مجلس الشعب لنفس الأسباب، وحاول مرسي تنفيذ المخطط الإخواني لتفكيك مؤسسة القضاء معلناً عودة المجلس المنحل لكنه بعدما وجد أن ظهره للحائط، عاد ليقوم بدور حنفي مرة اخرى ولسان حاله يقول "تنزل المرادي".
 
وعلى طريقة دس السم في العسل بذل مرسي محاولته الثالثة، مستنداً للغضب الجماهيري من أداء النائب العام، وهو غضب له الكثير من المبررات الوجيهة، إلا أن مقصد مرسي لم يكن هو رأس النائب العام بقدر أن يصل إلى الهدف الأكبر وهو السلطة القضائية برمتها وإستقلالها، وهنا أصطدم حنفي بحائط صلب، فلجأ إلى مقولته "تنزل المرادي".
 
ومن فشل إلى فشل في محاولات تقويض سلطة القضاء بعدما أصبح يحكم قبضته على السلطتين التنفيذية والتشريعية، وجد مرسي الفرصة سانحة بعدما حقق انجازاً اقليمياً في التهدئة بين حماس وإسرائيل وظن أنه أصبح زعامة إقليمية مؤثرة، بعدما حاز على الثناء والرضا من واشنطن وتل أبيب، وأعتقد أنه ربما يكون ذلك بمثابة "ضوء أخضر" دولي يمنحه التصرف كما يشاء ولعل في ذلك بعض الصحة إذا نظرنا إلى الموقف الامريكي الراهن من الأزمة وهو موقف شديد النعومة، يدل بشكل أو بأخر على أن مرسي لديه شعور قوي بأن واشنطن لن تعترض طريقه نحو الديكتاتورية طالما ظل صديقاً وفياً لها وحامياً لأمن إسرائيل.
 
المثير في أمر الرئيس أنه استعان بثلاثة من القضاة المحسوبين على تيار الاستقلال، حتى أن نائب الرئيس للمرة الأولى في تاريخ مصر كان حتى اللحظة الأخيرة قبل توليه المنصب قاضياً، فكيف يصف هو تلميحاً وقيادات حزبه وجماعته تصريحاً القضاء بأنه فاسد ويجب تطهيره؟.
 
الأمر الآخر أليس الأجدر بالرئيس أن يطهر وزارة الداخلية وأجهزتها التي قتلت المتظاهرين واتلفت أدلة الإدانة وأعاقت العدالة، وكانت سبباً رئيسياً في "مهرجان البراءة للجميع"، بدلاً من محاولاته المستميتة هدم المؤسسة القضائية التي تضم الآلاف من القضاة الشرفاء؟.
 
أما الإعلان الدستوري نفسه، وبعد البيانات المختلفة التي صدرت عن مؤسسة الرئاسة وقيادات جماعة الإخوان فنجد أنه بموجبه لن تتم إعادة المحاكمات إلا بظهور أدلة جديدة، وهذا أمر لم يكن بحاجة لإعلان دستوري لأنه موجود بالفعل في قانون الإجراءات القضائية، أي أن الرئيس لم يأت بجديد.
 
وكذلك الأمر بالنسبة للحديث عن أن تحصين قرارات الرئيس يتعلق فقط بالقرارات السيادية، وهذا أيضاً أمر مستقر عليه ولم يحدث أن طعن أحد على قرار سيادي لا في عهد مرسي أو في عهود من سبقوه.
 
إذن تبقى المشكلة في اصرار الرئيس أو بمعنى أدق جماعته على ارتداء ثوب الديكتاتورية المطلقة، وأيضا استمرار الهيئة التأسيسية للدستور التي لم يعد يوجد بها سوى ممثلو الإخوان والسلف وحزب النهضة الإسلامي، مع الإبقاء على مجلس الشورى الذي لايمتلك أي صلاحيات، وبذلك يصبح للرئيس الحق في فعل أي شيء وكل شيء بلا رقيب أو حسيب، ولا يجوز إطلاقاً التشدق بالقول إن "الرئيس لن يلجأ لذلك إلا في أضيق الحدود" فقد فعلها هتلر بنفس السيناريو عندما حصل على نفس الصلاحيات من البرلمان الالماني وقال وقتها أيضاً إن ذلك سيكون في "أضيق الحدود" إلا أنه سارع بهدم مبنى البرلمان وأعلن نفسه ديكتاتوراً مطلقاً، رغم أنه أيضاً جاء عبر انتخابات حرة.
 
لقد وضعت جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي في ركن الحلبة وجعلته رئيساً للجماعة دون غيرها، وفي جميع الأحوال مصر هي الخاسر الأكبر، فإذا أصر مرسي على قراره تحولت مصر إلى فوضى عارمة، وإذا تراجع سوف ينتهي إلى الأبد، فالجماعة الآن تخوض معركتها الأخيرة، وغالباً ما لم يكن من المؤكد سوف تخسرها عاجلاً أم آجلاً.
 
وإذا كانت جماعة الإخوان تراهن على الدعم الامريكي لها، فأن ذلك ينطبق عليه المثل "المتغطي بلحاف امريكا عريان"، لان واشنطن قد تقبل بفقدان حليف لها على رأس السلطة في مصر كما فعلت مع مبارك، لكنها لن تقبل أبداً بفقدان مصر كلها، وساعتها سوف تجعل مرسي وجماعته ذبيحة لارضاء الشعب الغاضب



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز