رحلة الوصول إلى رضوان الله تعالى

تستقبل الأمة الإسلامية عيد الأضحى المبارك، أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات، بعد انقضاء رحلة إيمانية استمرت لمدة عشرة أيام، حيث تُعدّ العشرة من ذي الحجة أيّامًا مباركة تغمرها البركة، فيها تُضاعف الحسنات وتُكفّر الخطايا، وتُفتح أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار.

تُعجّ الأيام العشرة الأوائل من ذي الحجة بالكثير من العبادات والأعمال الصالحة التي يتضاعف فيها الأجر والثواب. وتتميز هذه العشرة بفضلها العظيم ومكانتها الرفيعة، حيث فيها "يوم عرفة"، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، ويُعد أفضل يوم في السنة، حيث يقف الحجاج على جبل عرفة راجين مغفرة الله ورضاه، وقد قال رسول الله ﷺ: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟" . 

العشرة الأول من ذي الحجة تعد أفضل فرصة للمسلمين للتقرّب إلى الله تعالى ونيل رضاه، فينبغي عليهم اغتنام هذه الأيام المباركة بالإكثار من الأعمال الصالحة: ومنها "الصيام" فمن المستحب صيام الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله ﷺ: ما من عملٍ صالحٍ عمله العبد في هذه الأيام العشرة أفضل من صيامٍ وعمرةٍ".   بالإضافة إلى التكبير والتهليل، حيث من المستحب أن نُكبر ونُهلل ونُحمد الله تعالى بكثرة في هذه الأيام، حيث  يبدأ التكبير المطلق من فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم عيد الأضحى، فضلاً عن "الدعاء والذكر" أيضا يُستحب الإكثار من قراءة القرآن الكريم في هذه الأيام، والتصدق ففي هذه الأيام يتضاعف أجر الصدقة، بالإضافة إلى أداء فريضة "الحج" لمن استطاع إليه سبيلاً.  

يعد "يوم النحر"، الذي يواكب اليوم العاشر، هو يوم عيد الأضحى المبارك، وهو من أعظم الأعياد عند المسلمين، فالأضحية سنّة مؤكدة للمسلم القادر، وتُذبح في يوم النحر أو بعده بأيام التشريق،  ويوزع ثلث لحم الأضحية على الفقراء والمحتاجين، والثلث الثاني على الأقارب والجيران، والثلث الأخير يكون من نصيب المضحي، حيث قال تعالى في كتابه الكريم: "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" . 

في النهاية، يساعد تنوع أنماط العبادة في هذه الأيام على تقوية الإيمان وتزكية النفس وتطهيرها من الذنوب والخطايا، بالإضافة إلى أنها فرصة لتقوية الروابط الاجتماعية بين المسلمين، من خلال تأكيد صلة الأرحام وزيارة الأقارب، وما يترتب على ذلك من نشر المحبة والتسامح بين الناس. 

أخيراً وليس آخرا، إن عيد الأضحى المبارك، هو اليوم الذي أمر الله فيه نبيّه إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام كاختبار لإيمانه، فاستسلم إبراهيم لأمر الله تعالى، وفداه الله بكبشٍ عظيم، كما أنه يعد فرصة عظيمة للمسلم للتقرب إلى الله تعالى ونيل رضاه، من خلال أداء الأعمال الصالحة واغتنام الفضائل العظيمة التي تتميز بها هذه الأيام. 

ختاماً.. نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا إلى اغتنام هذه الأيام المباركة وأن يجعلنا من عتقائه من النار، اللهم بارك لنا في عيدنا وارزقنا البركة والخير في عيد الأضحى المبارك. اللهم تقبل منا أضحيتنا، وصلاتنا، ودعائنا، وصداقتنا، وصيامنا، وأعمالنا. 

اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أن ترفع عنا الكرب، وتدفع عنا الشدة، وترزقنا الرزق الحلال الطيب، برحمتك يا أرحم الراحمين.