(شباب كاريوكا) و(شيخوخة غادة)!

تبدو غادة عبدالرازق وكأنها تمسك آخر طوق نجاة ألقت به فى بحر الدراما الرمضانية المترامية الأطراف، لكى يعيدها مجددا إلى ذروة المشهد، بعد أن تراجعت كثيرا عن قمة صدارة المشهد التليفزيونى، وكانت، قبل 15 عاما واحدة من أهم نجماته.

الزمن لا يسمح بـ(الكادر الثابت)، هناك دائما ما أطلقت عليه إعادة (تفنيط الكوتشينة)، بين الحين والآخر تصعد أسماء إلى قمة الرقعة وتهبط أخرى، وغادة لم تتوقف عن الحلم بالأمل فى العودة مجددا، وهكذا قررت أن تلجأ لأحد أشهر أفلامنا، (شباب امرأة)، وأمسكت بشخصية (شفاعات) فى محاولة أراها مستحيلة، تحية كاريوكا منحت الشخصية الدرامية الكثير من الإضافات الخاصة التي ارتبطت بها فى فهمها لشفاعات، وكان مخرج الفيلم صلاح أبوسيف يدرك ذلك، وهكذا منحها ضوء أخضر ليتحول الدور إلى (أيقونة) لأداء دور امرأة تعيش آخر زمن الأنوثة.

قصة (شباب امرأة) لها أساسا رواية، أتذكر بعد رحيل أديبنا الكبير نجيب محفوظ عام 2006، اكتشفنا أن الفيلم الشهير، الذي شارك فى مهرجان(كان) 1955، ليس كما كنا نعتقد بأن نجيب محفوظ شارك فى كتابة السيناريو، حيث كان فى كل أحاديثه يذكر هذا الفيلم، ضمن أعماله التي يعتز بها، ولم نلحظ أن (التترات) خالية من اسمه، ولم نحل سر هذا اللغز إلا قبل بضعة أعوام، فى مذكرات حققها الكاتب الصحفى عادل حمودة لصلاح أبو سيف، كشف أن هناك خدعة قانونية تمت عن طريق كاتب قصة (شباب امرأة) أمين يوسف غراب، فأصبحت القصة والسيناريو منسوبان له، رغم أنه - أقصد (أبوسيف) - مر بتجربة شخصية مماثلة لأحداث (شباب امرأة)، فى باريس، عندما كان يدرس فن السينما هناك، رواها لكاتب القصة فنسج منها حكاية الفيلم.

السيناريو فى تفاصيله منحته تحية كاريوكا ومعها شكرى سرحان الذي أدى دور (إمام) الشاب الريفى حالة من الخصوصية، كما أن عبدالوارث عسر الذي أدى دور(حسبو) بتألق، برغم محاولات محمد محمود فى تقمص دور (حسبو) بإضفاء مسحة من الشجن.

اعتقدت غادة أنها عندما تزيد من عدد التعديلات التي أجرتها على وجهها سوف تقترب أكثر (شفاعات) فاثرت سلبت على التعبير الصوتى والحركى، فعلا كان وجهها مشدودا وعلى (سنجة عشرة)، بينما التعبير على الكاميرا تاهت منه تماما (السنجة)، (شباب كاريوكا) على شاشة السينما صار على التليفزيون (شيخوخة غادة)!!.