

أسامة سلامة
أكبر جرائم إسرائيل.. منع الفلسطينيين من الإنجاب
«جريمة ضد الإنسانية» و«إبادة جماعية» عبارتان ترددتا كثيرا فى عدة تقارير دولية صدرت بشأن العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة وهى تقارير كان مصيرها النوم فى أدراج مكاتب الأمم المتحدة، دون اتخاذ أى إجراء يوقف هذه الجرائم، لكن التقرير الأخير الذي أصدرته منذ أيام لجنة التحقيق الدولية التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هو الأخطر لأنه يكشف عن خطة إسرائيلية ممنهجة لإبادة الفلسطينيين فى المستقبل القريب عن طريق قتل الأطفال والأجنة وإضعاف الخصوبة حيث تتحدث لجنة التحقيق عن أن «السلطات الإسرائيلية دمّرت جزئيًا القدرة الإنجابية للفلسطينيين فى غزة عبر التدمير الممنهج لقطاع الصحة الإنجابية»، ولمن لا يعرف فإن هذه اللجنة شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عام 2021 للتحقيق فى الانتهاكات والتجاوزات للقانون الدولى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية ورفضت إسرائيل التعامل معها ومنعتها من الدخول والالتقاء بالفلسطينيين، ورغم ذلك واصلت اللجنة عملها وأصدرت على مدى السنوات السابقة عدة تقارير كلها تدين إسرائيل، التقرير الجديد يشير إلى وجود خطة إسرائيلية للقضاء على الفلسطينيين عن طريق حرمانهم من الإنجاب وهو ما أكدته «نافى بيلاى» رئيسة لجنة التحقيق التي قالت «الانتهاكات الإسرائيلية لم تتسبب بإيذاء بدنى ونفسى شديد مباشر للنساء والفتيات فحسب، بل أدت كذلك إلى تداعيات طويلة الأمد لا يمكن إصلاحها على الصحة النفسية والإنجابية، وفرص الخصوبة للفلسطينيين كمجموعة».، وحينما يأتى هذا الكلام من سيدة لها وضع دولى ومصداقية كبيرة حيث شغلت بيلاى من قبل مناصب مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وقاضية فى المحكمة الجنائية الدولية ورئيسة المحكمة الجنائية الدولية لرواندا فإنه يؤكد أن الأمر خطير للغاية، التقرير يكشف خطوات قادة إسرائيل للوصول إلى هدفهم والذي يتم عبر قتل الرجال والنساء والأطفال ومنع الإنجاب بحيث ينتهى الفلسطينيون خلال عدة أجيال، الأطفال هم المستقبل ومهما كان عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى الوحشى فإن القضية الفلسطينية ستظل باقية وحية طالما كان هناك جيل جديد من الفلسطينيين،الأطفال حتما سيكبرون ويوما ما- مهما طال الزمن- سيرفعون أصواتهم مطالبين بوطنهم وسيقاومون الاحتلال الإسرائيلى، لهذا يظن قادة إسرائيل أن أحد الحلول بجانب التهجير القسرى هو منع الفلسطينيين من الإنجاب والقضاء على الأطفال وتدمير الأجنة فيقل عددهم مع الأيام ويندثرون ويصبحون مثل الهنود الحمر، يقول التقرير «منعت إسرائيل المساعدات بما فى ذلك الأدوية اللازمة لضمان سلامة الحمل والإنجاب ورعاية المواليد، ودمرت أقسام ومستشفيات الولادة بشكل ممنهج فى غزة، وكذلك العيادة الرئيسية للخصوبة المخبرية بها»، وضرب التقرير مثلا بمركز البسمة الذي تعرّض للقصف فى ديسمبر 2023، ما ألحق أضرارًا بنحو 4000 جنين فى عيادة كان يتردد إليها ما بين 2000 إلى 3000 مريض شهريًا، وحسب التقرير فإن قوات الأمن الإسرائيلية هاجمت العيادة عمدًا ودمرتها، بما فى ذلك جميع المواد الإنجابية المخزّنة من أجل الحمل مستقبلًا فى القطاع، ولم تعثر اللجنة على أى أدلة موثوقة تشير إلى أن المبنى كان مستخدمًا لأغراض عسكرية وهى الذريعة التي استخدمتها إسرائيل كمبرر لتدمير المركز»، الأفعال الإسرائيلية حسب ما رأت لجنة التحقيق «غرضها منع الولادات فى أوساط الفلسطينيين فى غزة، وهو ما يمثل إبادة جماعية»، الهدف الإسرائيلى واضح وهو لا أطفال فلسطينيين فى المستقبل، ولكى تتم الخطة فلا بد من إلحاق الضرر بالنساء الحوامل والمرضعات والأمهات الجدد فى غزة وهو ما حدث على «نطاق غير مسبوق» حيث تركت هذه الأضرار تأثيرا كبيرا لا يمكن إصلاحه على فرص الإنجاب»، ووفق التقرير «توفيت نساء وفتيات أيضًا نتيجة مضاعفات مرتبطة بالحمل والولادة نظرًا إلى الظروف التي فرضتها السلطات الإسرائيلية والتي تؤثر على الوصول إلى الرعاية الصحية الإنجابية»، وخلصت اللجنة إلى «وجود مساعٍ إسرائيلية متعمدة لتدمير الفلسطينيين، وفرض إجراءات تهدف إلى منع حدوث ولادات»، هذا هو ملخص التقرير والذي تكررت به عدة مرات عبارتى «جريمة ضد الإنسانية» و«أفعال إبادة»، والذي أكد أيضا «أن الأعمال الإسرائيلية المرتكبة خلال العملية العسكرية فى غزة التي أُطلقت بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023»، ترقى إلى «فئتين من أعمال الإبادة الجماعية»، وينطبق عليها «تعريف جريمة الإبادة الجماعية فى اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية والتي حددتها بأنها «أى أفعال ارتُكبت بنيّة تدمير مجموعة وطنية أو عرقية أو دينية بالكامل أو جزئيًا»، فماذا سنفعل لوقف هذه الجريمة؟ وهل يمكن استغلال التقرير عالميا لوقف الخطة الصهيونية الممنهجة؟ أم يكون مصيره مثل التقارير السابقة الصادرة من جهات دولية عديدة ويأخذ مكانه بجوارهما فى أدراج مكاتب الأمم المتحدة، بعد أن تحدت إسرائيل وبمعاونة أمريكا المنظمة الدولية وهيئاتها ومنعتها من اتخاذ أى قرارات فعلية ضدها،وهل يمكن أن يعود للعالم إنسانيته وشجاعته ويكون هناك فعل حقيقى لإنقاذ الفلسطينيين من الإبادة؟