عاجل
الإثنين 4 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
«المنطق ما بيحطش منطق»!

«المنطق ما بيحطش منطق»!

عندما أثيرت أزمة إلغاء أو تقليل المواد الدراسية الأدبية فى سنوات المرحلة الثانوية تذكرت على الفور الأدباء والشعراء الذين تخرجوا من كليات الطب والعلوم مثل الدكتور ابراهيم ناجى الطبيب الشاعر صاحب قصيدة الأطلال والدكتور يوسف إدريس والدكتور مصطفى محمود، هذا بخلاف الأطباء العرب والأجانب الذين تحولوا إلى أدباء وفلاسفة بفضل غزارة المواد الأدبية التي درسوها فى صباهم، ولن ننسى العلماء العرب مثل ابن سينا وجابر بن حيان وابن رشد الذين جمعوا بين العلم والفلسفة.. عبر القرون تشبعت الأجيال بالعلوم الإنسانية حتى وصلنا إلى أجيال الستينيات والسبعينيات، تلك الفترة التي عاصرتها دراسيًا وكانت لها الأثر الأكبر فى فهم طرق التفكير والسلوك من خلال دراسة المنطق والفلسفة بمدارسها الفكرية بأنواعها، وإن لم أتذكر الكثير منها مثلما لا يتذكر بعضها أبناء جيلى إلا أن شخصياتنا وثقافتنا قد تبلورت وترجمت بفضل تلك العلوم «المنطق والفلسفة وعلم النفس».. ثم نأتى للتاريخ والجغرافيا والتربية القومية فإن أبسط مقومات الحضارة أن تعرف تاريخ أمتك فمن لا يعرف تاريخه لا يبنى مستقبله، هكذا تعلمنا، ومن لا يعرف كل عناصر الجغرافيا لن يصنع التاريخ، هكذا نشأنا، ولنتذكر فى هذا الشأن الدكتور جمال حمدان فى مؤلفه العظيم «شخصية مصر» دراسة فى عبقرية المكان، وتعد أهم الدراسات الجغرافية عن مصر، حيث مزج حمدان بين التاريخ والسياسة والجغرافيا والعلوم الطبيعية والإنسانية.. ألا يعلم من أراد تهميش التاريخ أنه يوجد ما يسمى بعلم المصريات يتم تدريسه فى معظم البلدان الأجنبية وأن الكثيرين فى الخارج أعلم منا بالتاريخ المصري القديم.. فى مصر والأمة العربية وفى كل دول العالم نماذج صنعت التاريخ كيف لا تعرفها الأجيال الجديدة منذ الصغر حتى الثانوى، لقد تم حذف تاريخ بعض القادة العرب الذين حققوا فتوحات أو انتصارات من المناهج الدراسية بحجة أن ذكرهم فى المادة الدراسية ربما يبعث برسالة تحض على كراهية الغرب، فهل الغرب لا يشيد بتاريخ قادته؟! بالإضافة إلى المبرر الهش أن خريجى الكليات الأدبية لا تتناسب دراستهم مع سوق العمل.. إن كانت تلك حقيقة فهى ليست مبررا لعدم إلمام الطالب فى جميع المراحل الدراسية من الابتدائى للثانوى بجميع العلوم الإنسانية، أما الكليات فهذا شأن آخر يجب أن يوضع له حلول.



تقليل أو تهميش أو حذف أو إلغاء كلها مسميات تعبر عن أفق ضيق ونظرة سطحية بالتركيز على مخرجات العملية التعليمية وماذا أو أين سيعمل دارسو المواد الأدبية.. لكن المسؤولين عن تلك التوجهات نسوا أو تناسوا أن تلك الدراسات هى التي ترسى مكارم الأخلاق والإنسانية وتعلى الانتماء الوطني وتوسع مدارك التفكير والأخذ بالمنطق فى السلوك.. لكن ما يحدث يذكرنا بمرسى الزناتى فى مدرسة المشاغبين عندما عرف المنطق «أنه لما واحد يخبط واحد على دماغه يقع ما يحطش منطق»!.

 

نقلاً عن مجلة روزاليوسف

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز