الحسيني عبدالله
حكايات مصيرية
فيس عربي
منتصف ثمانينيات القرن العشرين زار الرئيس الأمريكي رونالد ريجان الجنود الأمريكان في كوريا الجنوبية وألقى خطابا أمامهم، كان مما جاء فيه جملة توقفت أمامها طويلا، حيث قال للجنود الأمريكان في (سول) عاصمة كوريا الجنوبية لا شيء أروع من الحرية والقوة.. نعم لا شيء أفضل في الحياة من أن يكون الإنسان (حرا وقويا).
ولعل سائل يسأل ما علاقة هذه المقولة بما تمر به المنطقة العربية من أحداث؟ والجواب يكمن في أننا في المنطقة العربية نعاني من اختلال المعايير الدولية في تناول حرية تداول المعلومات.
وهو ما ظهر جليا خلال العام الماضي في تناول الأحداث والحروب الدائرة في قطاع غزة فعندما تكتب جملة دعم واحدة أو تطلب إيقاف حرب الإبادة ضد الفلسطينين أو تدعم لبنان برسالة تجد رسائل تحذيرية من إدارة الفيس بوك أو تقيد حسابك أو منع منشوراتك من الرؤية وهو ما يظهر سياسة الكيل بمكيالين.
وهو ما يلزمنا كدول عربية ومبرمجين عرب عن إيجاد بديل عربي ١٠٠٪ بإدارة عربية لتبني القضايا العربية العادلة وأولاها القضية الفلسطينية وبل يكون منصة عربية للشرح والدفاع عن العرب والإسلام والمسلمين وتحسين الصورة الذهنية لدى العالم الآخر عن أن المسلمين والعرب والقضايا العادلة ليست لها علاقة بالإرهاب لا من قريب أو بعيد. والمتابع لموقف فيس بوك وانستجرام في الأحداث الأخيرة من حرب على غزة ووضع باقي المنطقة على صفيح ساخن.
في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر نجد تحيزا كبيرا يصل لدرجة الخزي والعار، فقد أخفى موقعا إنستجرام وفيس بوك، الهاشتاجات المتعلقة بحركة حماس وطوفان الأقصى من البحث. وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها فترات من العنف بين إسرائيل والفلسطينيين قمعا للمستخدمين الفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي. ففي عام 2021، حجب إنستجرام المنشورات التي تذكر المسجد الأقصى في القدس، كما أن سياسات التضييق التي تطبقها شبكات التواصل الاجتماعي لا تستهدف بشكل متساوٍ كلا الطرفين في الصراع، ففي حين يتم حظر أو حذف حسابات فلسطينية لأسباب غامضة، يظهر أن بعض الحسابات المؤيدة لإسرائيل تستخدم خطابا عدائيا ومحرضا دون عقاب. ويشير هذا الانحياز الواضح من وسائل الإعلام والتواصل التي تدعي حريتها، التي من المفترض أنها على مستوى عال من الاحترافية إلى موقف الدول الغربية التي تطالب دائما بتطبيق الديمقراطية ومنح الحريات والاهتمام بحقوق الإنسان، واستعدادها للتخلي عن كل هذه المبادئ السياسية والإنسانية في سبيل ضمان مصلحتها وتواجدها بالشرق الأوسط عن طريق توفير الحماية المطلقة لإسرائيل مهما كانت الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها.