أحمد الطاهري
فى انتظار الرئيس رقم 47 للولايات المتحدة نحلل ونبحث عن إجابات
الأسئلة المصيرية حول نتائج الانتخابات الأمريكية أمريكا تنتخب.. والعالم على المحك!!
فى انتظار اسم ((ساكن البيت الأبيض الجديد)) ستتجة- من الآن فصاعدًا- أنظار العالم أجمع من دون مبالغة إلى متابعة المشهد الانتخابى الأهم على كوكب الأرض. ونقصد بـ«الأهم» هنا الأهمية من حيث تأثيرها على الداخل الأمريكى على كل المستويات. ومن حيث تأثيرها على العالم ككل ومنطقتنا على وجه التحديد والصراعات الدائرة فى الإقليم. وعلى رأس هذه الصراعات الحرب الدائرة فى غزة والممتدة لجنوب لبنان. والتهديد باتساع رقعة الصراع فى الاشتباكات والتشابكات بين تل أبيب وطهران حول الأذرع الإقليمية والملف النووى.
وبالتالى؛ فإن اسم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية رقم (47) وكواليس اختياره ومَشهد انتخابه أمورٌ يتوقف عليها كثير من الملفات.. وإذا كنا نحاول أن نستشف مسبقًا مَن يمكنه حسم هذه المعركة الانتخابية فعلينا البحث عن إجابات على ما يمكن أن نسمية ((الأسئلة المصيرية فى الانتخابات الأمريكية)).
وذلك من خلال التفاعلات التي نتابعها جميعًا فى السباق الحالى بين هاريس وترامب. وبالتالى هدفنا من طرح الأسئلة الستة التالية والإجابة عليها أن نرسم مشهدًا متكاملاً يكشف لك عزيزى القارئ فهمًا أعمق للمشهد الانتخابى فى أمريكا.
ولذلك من المهم فى البداية أن نفهم فلسفة النظام الانتخابى فى الولايات المتحدة، الذي يختلف عن كثير من الأنظمة الانتخابية فى دول العالم.
النظام الانتخابى الأمريكى وفلسفته
آلية التصويت وكيفية أدلاء الناخب الأمريكى بصوته لها عامل كبير فى تحديد مسار الانتخابات ورجوح كفة أحد المرشحَيْن على الآخر، فالناخب الأمريكى يبدأ فى انتخاب أعضاء المُجمع الانتخابى أولًا والتصويت يكون تصويتًا غير مباشر، ولم يحدث خلل كبير فى التصويت الشعبى والتصويت فى المُجمع الانتخابى وظهرت فى أشياء بسيطة مثل ترامب وهيلارى كلينتون، وحصل هو على أصوات المُجمع الانتخابى، وحصلت هى على الأصوات الشعبية.
وللوقوف على شكل الخريطة الانتخابية فى الولايات المتحدة علينا العودة للتاريخ؛ حيث اعتادت ولايات على التصويت للحزب الديمقراطى وولايات أخرى اعتادت على التصويت للحزب الجمهورى..
وفى آخر 25 عامًا ظهر ما يُعرَف بالولايات المتأرجحة، والتي يكون التصويت فيها متباينًا بين انتخابات وأخرى، وبالرغم من هذا التبايُن أصبح هناك ما يُسمى بالحائط الأزرق والحائط الأحمر، وبالرغم من أنها ولاية متأرجحة ولكنها تميل ناحية الديمقراطيين وتميل ناحية الحائط الأزرق، أو أنها تميل ناحية الجمهوريين فى الحائط الأحمر.. وفى انتخابات 2024 يوجد سبع ولايات متأرجحة، 3 يميلون ناحية الحائط الأزرق، و3 ناحية الحائط الأحمر وولاية وحيدة متذبذبة وهى ولاية نيفادا، لكن لا يعوّل عليها كثيرًا لأنها 4 أصوات فقط فى المُجمع الانتخابى.. هذه هى الخريطة العامّة للانتخابات الأمريكية.
كيف نقرأ مؤشرات الانقسام الداخلى فى أمريكا؟
مفهوم الولايات المتأرجحة وحالة الاستقطاب الشديدة التي يشهدها الداخل الأمريكى بين هاريس وترامب تنقلنا لسؤال مهم جدًا حول الانقسام الداخلى فى المجتمع الأمريكى ..
فعندما نتحدث عن انقسام فى الداخل الأمريكى من المهم أن نعرف أنه ليس انقسامًا متعلقًا باللحظة أو بشخص دونالد ترامب أو كامالا هاريس؛ لكنه انقسام بدأ يطفو على السطح آخر 10 سنوات لأنه انقسامٌ متجذرٌ، بمعنى أننا أمام منتج سياسى غير مقنع للشعب الأمريكى على أىٍّ من الأطراف، وفى البداية نتحدث عن دونالد ترامب، فهو آخر أمَل للحزب الجمهورى وعمليًا لم يَعُد هناك حزبٌ جمهورىٌ، وأصبحت مجموعة ميجا «مجموعة دونالد ترامب»، والذين صعدوا من حزب شاى داخل الحزب، وهو جزءٌ من العصابية لدى الجمهوريين لأنهم يعلمون أنه إذا فشل ترامب فى الانتخابات؛ سيعانون كثيرًا.
الأزمة لدى الديمقراطيين أن خطابهم متشعب، بمعنى أنهم يخاطبون كتلاً مختلفة مثل الشباب والمرأة والمهاجرين والمتحررين وشرائح أخرى، وبشكل أو بآخر أصبح الأداء السياسى لدى الحزب الديمقراطى لم يعد يلبى كل هذه الشرائح، فقد يميل ناحية هذه الفئة ولا يلبى احتياجات فئة أخرى، بخلاف الكتلة الخاصة بترامب فهى كتلة محافظة «متدينة رأسمالية وتميل ناحية تميُّز العنصر الأبيض فى الجغرافيا السكانية فى الولايات المتحدة»، وتلك التركيبة عززت الانقسام المجتمعى وزاد من عبء الأمر انتشار السلاح بشكل غير مسؤول فى الـ10 سنوات الأخيرة، ما أنتج كمًّا مرعبًا من قضايا القتل العشوائى، وكمٌ كبيرٌ من تلك القضايا يتم تكييفها قانونيًا، حتى لا يظهر القتل العشوائى بصورته المرعبة، بالإضافة إلى انتشار المخدرات، وفرض مسألة المِثليّة بشكل لا يقبله الجمهوريون، وكل هذا يزيد من التباعد.
الجغرافيا السكانية والتأثير فى موازين التصويت
وبما أن التصويت فى الانتخابات الأمريكية يعتمد على المُجمع الانتخابى، الذي يعتمد بدوره على الطبيعة السكانية لكل ولاية؛ فمن المهم أن نتوقف عند التصنيف الأمريكى الذي لا يزال يظهر تفوُّق البشرة البيضاء سكانيًا على «اللاتين الأمريكيين» ثم العنصر الآسيوى ثم أصحاب الأصول الأفريقية.
ففى 2024 وبحسابات الورقة والقلم؛ فإن دونالد ترامب هو صاحب الحظ الأكبر؛ لأن الولايات الجمهورية التقليدية كاملة العَدد بالنسبة له، والولايات المتأرجحة على حسب آخر استطلاعات رأى؛ فإن حائط الصد الديمقراطى والذي ضم ولايات «بنسيلفانيا، ويسكونسن، وميشجان» استطاع ترامب اختراقه، فى حين أن الحائط الأحمر فى الولايات المتأرجحة لم تتمكن «هاريس» من اختراقه بالشكل الكافى بَعد، ونجح ترامب فى اختراق ولايتَى بنسيلفانيا، ويسكونسن؛ لأن المهم فيهما البُعد الصناعي والاقتصادى، وشعبيًا أحدثت شخصية نائب الرئيس «ترامب» الفارق بشكل كبير لأن شخصية النائب تشبه ملايين الأمريكان، وهى قصة معاناة إنسانية.. موضحًا أن المعركة الكبرى فى الانتخابات الأمريكية ستكون فى ولاية بنسيلفانيا لأنها تمتلك 17 صوتًا فى المُجمع الانتخابى، والفائز بالرئاسة لا بُدَّ أن يصل إلى 270 صوتًا.
وتخبرنا الجغرافيا السكانية أنه ولأول مرَّة، فى تاريخ الانتخابات الأمريكية، يكون للصوت العربى تأثيرٌ؛ خصوصًا فى ولاية ميشجان، وليس التفاعل مع غزة هو السبب، فالتفاعل مع ما يحدث فى غزة حدث بشكل عشوائى غير منظم ما بين تفاعُل طلاب جامعات بعض الجاليات العربية والجاليات الإسلامية وبعض الجاليات المناصرة للحقوق والحريات بشكل عام.. فالعدوان على لبنان تحديدًا هو مَن صَنع الفارق فى ميشجان؛ لأن الجالية اللبنانية قوية جدًا فى الولاية ومتشعبة مع الجاليات الموجودة هناك، مثل الجالية الأرمنية والجالية المصرية، ومؤخرًا داعب «ترامب» مشاعر هذه الجاليات بزيارات لشخصيات إسلامية وإعلان احترامه للعرب والمسلمين فى أمريكا، وهذا يجعل لأول مرَّة الصوت العربى فارقًا فى الولايات المتحدة.
ولكن؛ هل تتوقف نتائج الانتخابات الأمريكية على تلك المؤشرات والدلالات التي ذكرناها فقط؟
فى الحقيقة كلها مؤشرات لا بُدَّ أن تؤخذ بعين الاعتبار لكنها لا تغنى أبدًا عن ضرورة فهمنا لمتطلبات البيت السياسى الأمريكى من الداخل كونه أحد أهم المحددات فى الأساس.
تحليل متطلبات البيت السياسى الأمريكى من الداخل
فى آخر 25 سنة هناك مأساة فى البيت السياسى الأمريكى، نستطيع أن نلاحظها بحكم العمل الصحفى فى أداء السياسة الدولية للولايات المتحدة، ستجد الولايات المتحدة تبدأ ملفًا ولا تسطيع إغلاقه، وهذا حدث فى العراق وسوريا وليبيا تجدها بدأت الملف ولا تمتلك الخيال أو القدرة السياسية فى إغلاقه، وهذا يرجع من عهد كلينتون؛ حيث بدأت تركيبة البيت الأبيض فى التغيُّر، فكانت التركيبة فى السابق معتمدة على دولاب عمل المؤسَّسات الأمريكية أى المحيطين بشخص الرئيس أمَّا سابقًا فى البنتاجون أو سابقًا فى الخارجية الأمريكية أو سابقًا فى «CIA»؛ فالحال تبدَّل تجاه تيار أكاديمى وأصبح العنصر الأكاديمى هو الغالب فى تكوين الشخصيات الأقرب إلى أذنَىّ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وعزَّز ذلك حركة مراكز الأبحاث فى الولايات المتحدة، فالباحث أصبح يبنى مستقبله بالتواجد داخل مركز بحث معين المرتبط بمؤسَّسة ما للدخول للبيت الأبيض ليصبح مسؤولًا عن ملف ما.. وهذا فرق فى الخيال السياسى الأمريكى فى آخر 25 سنة، فالكادر الموجود من داخل دولاب عمل الدولة دائمًا يكون صاحب رؤية وتجربة وعلاقات مباشرة فيعلم أن السلوك أو الأداء السياسى سيؤتى ثماره أمْ لا؟.. والأكاديمى هدفه تطبيق نظرية ويدافع من أجل تطبيق النظرية ويحارب من أجل عدم فشل النظرية بكبرياء أكاديمى، وليس بخيال سياسى وبالتالى حدثت تلك الأزمة آخر 25 عامًا.
هذا المَشهد المتأزم ينقلنا لجزئية أخرى مهمة تتعلق باستطلاعات الرأى، والتي بالمناسبة نستطيع فى هذه الانتخابات الاعتماد عليها كمؤشر مهم. على عكس استطلاعات الرأى فى 2020 التي كانت مضحكة واستطلاعات الرأى 2016 و2012 كانت مضحكة أيضًا.. وذلك؛ لأن سوق العلاقات العامّة فى وقت الانتخابات تتراوح ما بين 3 :5 مليارات دولار بسبب شركات اللوبى والـPR، فتغير تركيبة الإعلام الأمريكى من 2012 وسطوة رأس المال على الإعلام الأمريكى، وأصبح مؤسَّسات كبيرة الموضوع بالنسبة لها بيزنس، ودخلت استطلاعات الرأى ضمن بيزنس الانتخابات وبالتالى كانت الاستطلاعات خاطئة فى 2012 و 2016و 2020، والملفت فى 2024 أن الشركات تحاول إعادة مصداقيتها لذلك تجد استطلاعات الرأى 2024 ترفع شعار «إحنا مش عارفين» ويحاولون إنقاذ «البيزنس الانتخابى» بشكل أو بآخر.
هل تقبل مؤسَّسات الولايات المتحدة عودة ترامب؟!
وعلى الرغم من أن العملية الانتخابية فى أمريكا ظاهرها الديموقراطية والصندوق والناخب الأمريكى؛ فإن سؤالاً مهمًا عن مدى قبول المؤسَّسات فى الولايات المتحدة لعودة ترامب له تاثيرٌ كبيرٌ على النتيجة النهائية..
وبما أن مؤشرات استطلاعات الرأى أصبحت مصدرًا يعتمد عليه فى الانتخابات القادمة. والتي تشير آخرها لتقدم ترامب، إلا أننا نجد أن هناك مشاهد تدل على انحياز المؤسّسات فى الولايات المتحدة لكامالا هاريس، وهو ما ظهر فى مَشاهد المناظرة بين ترامب وهاريس، فكانت شروط المناظرة كفيلة أن تسلب دونالد ترامب من كل أسلحته، و«ده شغل مؤسَّسات»، ثانيًا سبق المناظرة بيومين تقريبًا شهادات لشخصيات عملت مع ترامب داخل البيت الأبيض ومن الحزب الجمهورى، يؤكدون أن ترامب سيكون بمثابة «كارثة» إن عاد، ونلاحظ أن كل الشهادات من أبناء المؤسَّسات الأمريكية الذين عملوا مع ترامب، كان أحدهم من الخارجية والآخر من البنتاجون، وهذه كانت إشارة واضحة، أن الحزب الديمقراطى كان يعانى من خلل قبل ظهور أوباما؛ لأن أوباما أعطى الحزب قبلة الحياة وصنع له قاعدة شعبية كبيرة فى الداخل الأمريكى وقاعدة الشباب وقاعدة الملونين وقاعدة الحريات والرعاية الاجتماعية، وبالنسبة للجمهوريين كان حكم أوباما كارثة اقتصادية، ومع انسحاب بايدن نجد أن أوباما لم يبادر بتأييد كامالا هاريس، كما تأخر تأييده لـ«هاريس» لأنه كان يرى أن كامالا هاريس لن تسطيع هزيمة ترامب.. وبالنسبة للحزب الديمقراطى فإن «هاريس» هى الخيار الوحيد، لا يوجد بديل، لكن هل يقبل المجتمع الأمريكى حكم سيدة للبيت الأبيض، إذ أنه رغم كل «البروباجاندا» لا يقبل المجتمع الأمريكى حُكم سيدة.
خصوصًا أن التجربة السابقة لهيلارى كلينتون فى 2016، وتعاطف النساء معها بسبب فضيحة زوجها لم تكن كافية فى انتخابات الرئاسة.. إذ تم اختبارها فى ملفات دولية ومع ذلك حصلت على الأصوات الشعبية، لكنها فشلت فى المُجمع الانتخابى.
كل ماطرحناه فى السطور السابقة يجعلنا نفهم طبيعة المشهد هناك فى أمريكا، فماذا عن تأثير ذلك علينا هنا فى مصر؟. سنجد أن السؤال الشاغل لأغلب نقاشات النخب البحثية والسياسية فى مصر عن طبيعة العلاقة بين ساكن البيت الأبيض سواء كان جمهوريًا أو ديمقراطيًا معنا.
مصر .. والرئيس الأمريكى رقم (47)؟
من المهم أن نفهم أولاً أن الانتخابات الأمريكية تأتى فى المرحلة الأخيرة من مراحل انتقال أو تحوُّل النظام العالمى، وبالتالى فإن النظر لساكن البيت الأبيض وهذه الانتخابات، أمرٌ ينسحب على مجموعة من الملفات الفاصلة فى عملية انتقال النظام الدولى: أول هذه الملفات هو حرب الشرق الأوسط الدائرة حاليًا؛ لأنها تخطت حدود غزة.
أمَّا الملف الثانى؛ فهو ملف إيران، والملف الثالث حرب روسيا وأوكرانيا، والملف الرابع العلاقات مع الصين، والملف الخامس والأخير مسألة حماية التجارة الدولية وحرية الملاحة العالمية، وهو التزام فرض على الولايات المتحدة باعتبارها القوى الكبرى فى العالم.
من المهم الإشارة لكتاب دونالد ترامب «فن الصفقة» الذي تقوم تركيبته على مسألة عَقد صفقة. بالتالى سنجد أن كل هزة تستدعى دونالد ترامب، بمعنى إذا أصبح ترامب رئيسًا للولايات المتحدة يمكننا أن نتوقع أن يوم تنصيب الرئيس الأمريكى سيصل إلى صفقة مع بنيامين نتنياهو بموجبها تتوقف الحرب فى غزة، لتكون هدية نتنياهو لترامب، وفى المقابل فرض مناخ سياسى جديد فى الشرق الأوسط. أمّا الملف الثانى فهو الملف النووى الإيرانى.. ورئيس المخابرات الأمريكية كان له تصريح شهير منذ فترة، أن إيران فى أسابيع قليلة، تستطيع أن تصنع أو تمتلك قنبلة نووية، هذا التصريح لا بُدَّ أن يؤخذ على محمل الجد؛ لأن هناك تجارب سابقة.
و هناك سيناريوهان لمعالجة ملف إيران، الأول هو الحل السلمى والتفاوض، أمَّا السيناريو الثانى فهو المعالجة الحادة للملف، دونالد ترامب يميل للمعالجة الحادة للملف، «وهنا ممكن نربط بالدليل اللى ممكن يعمله ترامب مع الملف الثالث وهو حرب روسيا وأوكرانيا». وبالتالى هناك مناخ عام داخل الولايات المتحدة ينتظر هذا الرجل؛ خصوصًا أن إدارة بايدن لم تقدم إلا دبلوماسية «الجرى فى المكان».. جولات مكوكية دون تحقيق نتائج، على مدار سَنة فى حرب بهذه الشراسة، أمَّا بالنسبة لهاريس؛ فلا يمكن بناء أى رهانات عليها لأن هذه السيدة لم تختبر، لكن فلسفة الديمقراطيين ظهرت فى المعالجة، ولم تكن معالجة جيدة وخسرت الولايات المتحدة فيها الكثير وخسر الديمقراطيون أنفسهم وقد يخسرون الانتخابات أيضًا.
أمَّا بالنسبة للعلاقات «المصرية- الأمريكية»؛ فهى تأسَّست على الاحترام المتبادل، وكان حدوث خلل فيها عام 2011 عندما خرجت وزيرة خارجية أمريكا لتخاطب رئيس مصر وتطالبه بالرحيل.. حدث ذلك نتيجة تآكل العلاقات، وزاد حجم ذلك فى فترة حُكم الأخوان، وكانت السفيرة الأمريكية تتخيل نفسها المندوب السامى فى القاهرة، وتجاوزت محددات دورها. واستعادت مصر رونق العلاقات ومساحات الاتفاق والاختلاف والقدرة على العمل المشترك، عقب ثورة 30 يونيو، وتأكدت وترسخت خلال العقد الماضى من حُكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبالتالى ما كانت ترفضه الولايات المتحدة، أصبحت تقبله وفق المبادئ الجديدة فى العلاقة، وأهمها تنويع مصادرنا فى السلاح، فهذا الأمْرُ ما كانت تقبله الولايات المتحدة قبل 2011.
ومن المهم الإشارة إلى أن استخدام هذا السلاح من إدارة «أوباما» بعد 2011، حدث عند تعليق المعونة العسكرية لمصر، لكن احترام مصر موجود طوال الوقت، وتقدير مصر موجود، والاعتراف بدور مصر لا غنى عنه، وهو تعبير عن إدراك أمريكى كامل بأهمية العلاقات المؤسَّسية مع مصر.
قد تجد فترة فيها نوع من التقارب بشكل فعّال جدًا، وفترة أخرى تجد العلاقات مضطربة، لكن العلاقات لا تهتز، مثل فترة الرئيس السادات والرئيس كارتر.. وفترة الرئيس مبارك وكلينتون، وكان هناك حالة فتور خلال الفترة الأخيرة من إدارة أوباما، وكان بايدن جزءًا من هذه الإدارة، وفى فترة معينة من إدارة ترامب، وظهر اعتماد بايدن على الدولة المصرية فى الأزمة الأخيرة فى غزة، لذلك تجمع العلاقات «المصرية- الأمريكية» أطرٌ استراتيجية تحفظها.