عاجل
الأحد 23 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

رحلة الأمل.. قصص ضيوف المحروسة في يابان مصر

مدينة دمياط
مدينة دمياط

في قلب مدينة دمياط،الشهيرة بيابان مصر، وبين عبق التاريخ ونبض الحياة النابضة، تكمن قصص لم تُرو عن الصمود والأمل. مع استعداد العالم للاحتفال باليوم العالمي للاجئين في 20 يونيو من كل عام.



 

“بوابة روزاليوسف” تلقي الضوء على قصص بعض الأشخاص الذين اضطروا إلى ترك منازلهم، بحثًا عن ملاذ فرصة لبداية جديدة، ومشاركة تجاربهم بهدف تسليط الضوء على الجانب الإنساني من أزمة ضوف مصر من البلاد العربية وتشجيع المزيد من التفهم والدعم من المجتمع العالمي.

 

تستضيف مصر ما يقرب من 600 ألف طالب لجوء مسجلين من 62 جنسية مختلفة، ولكنها تستضيف 9 ملايين نسمة أغلبهم من الدول العربية، فمع نهاية أكتوبر 2023، أصبحت الجنسية السودانية هي الأكثر عدداً يليها الجنسية السورية، تليها أعداداً أقل من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، واليمن، والصومال، والعراق. طبقا لبيانات الأمم المتحدة.

 

من بين هذه القصص قصة رهف، الشابة السورية التي رغم الفرار من بلد تمزقه الحرب والبدء من الصفر، تسعى لاستكمال دراستها والاندماج في المجتمع المصري، غادرت رهف من الغوطة الشرقية بريف دمشق المدمرة بالحرب مع أهلها قبل 12 عاما. "طلعنا على مصر عن طريق الطيران، كانت مصر تقبل السوريين بدون الحصول على التأشيرة".

 

عائلة رهف المكونة من والدها ووالدتها وأخواتها الثلاث استقروا في البداية في محافظة الإسكندرية، ثم انتقلوا إلى محافظة دمياط بعد ثلاثة أشهر، "لأنها أقرب مكان يشبه مكان ما كنا عايشين وكانت جديدة هادئة مثل مدينة سقبا اللى كنا نعيش فيها".

 

كان والد رهف يعمل في صناعة الأثاث، لذلك بعد سؤال الأصدقاء رشحت لهم مدينة دمياط للاستقرار بها، وأول مشكلة قابلة رهف وعائلتها،"الدروس الخصوصية"، كانت تبلغ رهف عام 2012 تسعة عشر عاما.

 

وتقولرهف: "بالنسبة للدراسة عندنا في سوريا ما في دروس خصوصي، وهو أثر عليا وتنظيم وقتي".

 

كما أن العادات السورية في الغوطة الشرقية لا تسمح بتأخير الفتاة خارج المنزل،"وطبعا الدروس الخصوصية تستمر حتى العاشرة مساء، يعنى مصر منفتحة عنا".

 

لكن بعد ما يقرب من ثلاثة عشر عاما في مصر ترى رهف أن الشعب المصري ساعدهم كثيرا، "في محبة وتقاليدنا تشبه في النهاية كلنا عرب، بعكس عمتى التي تعيش في بريطانيا وجدت صعوبة في التأقلم مع العادات الأوروبية".

 

المشكلة الثانية التي تقابل رهف، "الإجراءات القانونية"، وتروى رهف قائلة: "في البداية كانت الحكومة المصرية تعاملنا بلطف كبير مثل المصريين في كل شيء، حتى بداية العام الحالي، أصبحت مصاريف الاقامة مرتفعة جدا ومكلفة ماديًا جدًا".

 

وتشرح رهف، "اذا معاك جواز سفر ممكن تدفع مقابل الإجراءات حوالى 500 جنيه شهريا، واذا كان لديك الكارت الأصفر وتعامل كلاجىء تدفع كل 6 أشهر".

 

وهو ما تراه رهف وعائلتها مكلف جدا، وتضيف، "مصاريف الانتقالات أصبحت مرتفعة جدًا، لأن كل الإجراءات بالقاهرة، ولا يوجد قنصلية أو مكتب للاجئين في دمياط".

 

المشكلة الثالثة التي بدأت تواجه رهف وأصدقائها البنات،"زيادة المصروفات الدراسية، بعد اندلاع الحرب في السودان". والتي وصلت طبقا لما قالته الى 2000 دولار سنويا، التي جعلت بعض أصدقائها في الدورة التدريبية التي تقدمها الجمعية الإيطالية التوقف عن الدراسة بعد المرحلة الثانوية ولكن كانوا سعيدين بالفرصة التي اتيحت لهم للحصول على تدريب ضمن نشاطات المشروع يؤهلهم لسوق العمل.

 

ووجد آخرون الحل في التسجيل في كلية افتراضية على الانترنت، وهي  university of the people  جامعة الشعب الامريكية في كاليفورنيا، "تقبل الشباب من لديهم صعوبات في الحصول على التعليم بسبب الحروب وغيره، لكن معترف بها فقط في الدول الأوروبية وبدأوا بالدول الخليج، لكن مصر لم يعترف بها بعد".

 

وتتابع رهف، "صحيح عمتى ببريطانيا وجدت بيئة الرفاهية أكثر وحسنوا من وضعهم المادى، صار عندهم عربيات وغيره، لكن مودة ومحبة الشعب المصري حلوة كتير، صار عندنا أهل وعائلة بدلا من عائلتنا التي فقدناها في سوريا".

 

لذلك عندما تسافر رهف الى القاهرة لاستكمال أوراقها القانونية، "أريد ان ارجع سريعا إلى دمياط لأنها المكان الذي أشعر به بالأمان، أول ما أعبر بوابة دمياط أشعر أنني دخلت بلدي".

 

محمد حسن، معلم اللغة العربية شاب ثلاثينى من سوريا، فقد جزء كبير من أفراد أسرته وعائلته بسبب الأوضاع الأمنية في سوريا، حضر إلى مصر منذ بداية العام الحالي 2024، وكان محمد قد خرج من سوريا في  عام 2014 متوجهًا للسودان، باحثًا عن الاستقرار والعمل، ولكن صوت المدافع والقنابل قابلته مرة أخرى بعد عشر سنوات مع اندلاع الحرب في السودان.

 

يقول محمد:"كان الخروج من السودان أصعب مقارنة ببداية الحرب بسوريا، رأيت مشاهد قاسية وشعرت بالخطر الحقيقي على حياتى وحياة زوجتى"، يتابع محمد أنه بعد الخروج من السودان رجع إلى سوريا مرة أخرى، لكن الحياة أصبحت صعبة في الغوطة الشرقية مع انقطاع المياه والكهرباء بشكل مستمر.

 

نصح أصدقاء محمد المصريين بالقدوم إلى مصر، وتحديدا محافظة دمياط، "المنطقة التي أعمل فيها الآن في مصر تشبه كثيرًا قريتى في سوريا وتسمى قلعة الموبيليا السورية".

 

وصل محمد إلى مصر، وقال إنه وجد الراحة في استقبال المجتمع الدمياطي له، رغم خسائره المتعددة يقضي أيامه ما بين تدريس اللغة العربية والعمل كإداري في إحدى المدارس السورية، وتعلم مهارات الإدارة، وقال:"لديالطموح أن أعمل لحساب منظمة دولية وأتمكن من مساعدة غيري أو أن يكون لي مشروعي الخاص".

لم يجد محمد خلاف كبير بين سوريا ومصر ويرى أن التعامل أكثر من رائع من المصريين لاسيما وأن البلدين لديهم تاريخ مشترك من الوحدة؛ لذا التعامل سهل، كما أنه يعتبر أن مدينة دمياط أكثر تقدمًا وحضارة عن دمشق، لكن محمد كان ينتظر دعم من الجهات الرسمية والخاصة في توفير فرص العمل، "المرتبات للأسف في مصر قليلة، والتضخم يتزايد كل يوم".

على العكس من "محمد" و"رهف" كانت رحلة "تسابيح" السيدة السورية القادمة من السودان مليئة بالمخاطر، من عبور الحدود بطريقة غير شرعية إلى تحمل صعوبات خطيرة كادت تودى بحياتها وحياة زوجها. اليوم، تعيش في شقة متواضعة في دمياط، وتصر على إعادة بناء حياتها وتوفير مستقبل لأطفالها يعكس قوة الروح الإنسانية وصمودها.

وصلت تسابيح، 28 عاما، في بداية عام 2024، "صاحب زوجى المصري نصحه بالسفر إلى مصر"، هربت تسابيح وزوجها من الخرطوم بعد زيادة حدة القتال، وتقول إن الطريق لم يكن سهلًا أبدًا، وصلنا إلى الجبل ثم منطقة ولاية عابدا، ثم استقرينا في الشمالية، لم يكن هناك فرص عمل متوفرة ونفذت مدخراتهم، واضطروا للحضور إلى مصر بحثًا عن الأمان والعمل".

وتبرر تسابيح سبب اللجوء للطريق غير الشرعي قائلة: "قبل الحرب كان لا يوجد تأشيرة للسودانيين للدخول إلى مصر، ولكن الان نحن بحاجة إلى تأشيرة للدخول، واحنا فقدنا كل فلوسنا، ما كان عندنا حل تانى". 

وتكمل تسابيح: دخلنا عن طريق التهريب من الصحراء في عربات مغلقة ثم وصلنا إلى أسوان ومن أسوان كل واحد يشوف عايز يروح فين، وصلنا دمياط بعد شهر ونص من وصلنا الأراضى المصرية.

في أسوان بحث زوج تسابيح أول شىء عن مفوضية شؤون اللاجئين، وتقول: عملوا معانا مقابلة وأعطونا الكارت الأصفر.

وتتابع "تسابيح" أنها تعرفت على تدريب "مايس" بالصدفة من جارتها، وتقدمت حتى تحصل على شهادة خبرة تساعدها في الحصول على فرصة عمل.

جميع القصص السابقة هي لبعض المشاركين في مشروع برنامج التدريب المهني للاجئين والمجتمعات المضيفة في دمياط المقدم من الجمعية الإيطالية للتمكين والتضامن (MAIS)، المشروع في إطار برنامج "آفاق" Prospects ILO التابع لمنظمة العمل الدولية وينفذ بالشراكة مع مؤسسة سوريا الغد للإغاثة Syria ALgad relief foundation ومؤسسة كوسبي مصرCospe Egypt.، والمشروع يتم في إطار تنفيذ برنامج الشراكة من أجل تحسين آفاق اللاجئين وطالبي اللجوء والمجتمعات المضيفة (آفاق) Prospects، وهو شراكة بين مملكة هولندا ومؤسسة التمويل الدولية ومنظمة العمل الدولية، بالشراكة مع مؤسسة سوريا الغد للإغاثة ومؤسسة كوسبي مصر. ومنظمة العمل الدولية ILO القاهرة.

تأتي جلسات التدريبات المهنية التي تستمر لمدة شهرين ضمن مشروع "برنامج التدريب المهني للاجئين والمجتمعات المضيفة في مدينة دمياط"، لسد الفجوة بين المعرفة التقنية للمشاركين واحتياجات سوق العمل الحقيقية، ويعقب هذه الجلسات التدريبية تدريب عملي مدته ثلاث أشهر للمشاركين البالغ عددهم 130 شخصا في شركات مختلفة وعدد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة بمحافظة دمياط.

وتم تصميم مجموعة من الدورات التدريبية بناء على اقتراحات ممثلي القطاع الخاص، من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي غالباً ما تفتقر إلى القدرة أو الموارد لتقديم التدريب المهني، لرفع مستوى الوعي بين الشباب والشركات حول أهمية وقيمة التعليم كوسيلة لزيادة تواجد الشباب في سوق العمل، وزيادة أرباح القطاع الخاص من خلال الاعتماد على الشباب المدربين وذوي الخبرة والموهوبين.

ووفقا للبحث الذي أجراه فريق المشروع تم تحديد 6 تدريبات مختلفة، وهي برمجة مواقع الانترنت، التسويق الالكتروني، أعمال الإدارة والسكرتارية والإدارة المتقدمة، تصميم الجرافيك، بالإضافة إلى المحاسبة.

وتم اختيار مدينة دمياط لأهميتها الاستراتيجية كونها مدينة صناعية تحتوي على فرص كبيرة للنمو للشركات والأشخاص من جنسيات مختلفة. كما تستضيف دمياط حوالي 9 آلاف لاجئ سوري، أي ما يمثل 9% من إجمالي السكان السوريين المسجلين.

 

جدير بالذكر أن اليوم العالمي للاجئين يحيي ذكرى اتفاقية حقوق اللاجئين لعام 1951، التي تنص على أنه لا يمكن إعادة أي شخص إلى بلد قد تكون حياته أو حريته مهددة بشكل خطير فيه. صادقت مصر على الاتفاقية في عام 1952.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز