مرتكزات الاقتصاد المصرى فى الجمهورية الجــديـدة
إسلام عبد الرسول
نجحت مصر خلال السنوات الماضية، فى تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى، مُحققة العديد من الإنجازات التي ساهمت فى دعم الاقتصاد الوطني، فى مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية التي فرضتها جائحة «كوفيد-19»، والأزمة « الروسية- الأوكرانية»، ورغم تأثر الاقتصاد المصري بتلك الأحداث التي طالت اقتصادات دول العالم، إلا أن الحكومة مستمرة فى تنفيذ البرنامج، إذ يرتكز المسار الجديد للاقتصاد المصري على إصلاحات هيكلية داعمة لمسيرة التعافى عبر الدفع بالقطاع الخاص ليقود قاطرة النمو والاستقرار والتطور الاقتصادى، مع جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية المحلية والأجنبية إلى السوق المصرية.
وفى هذا الإطار تتحرك الدولة فى مسارات متسقة ومتكاملة لتحسين وتقوية الوضع الاقتصادى لمصر؛ بما يُشكِّل الإجراءات التصحيحية الحاسمة والجريئة والمحفزة لسرعة استعادة النشاط الاقتصادى وتحقيق النمو المستدام، وذلك حسبما أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، حيث تعمل الحكومة على أكثر من محور فى السياسات المالية؛ لتعزيز جهود تطوير الموقف الاقتصادى، بما فى ذلك التعديلات الأخيرة لقانون المالية العامة الموحد التي صدق على إصدارها الرئيس عبد الفتاح السيسى، والتي تصبح بها المالية العامة للدولة أكثر قدرة على تحقيق المستهدفات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، وتسهم فى ترسيخ الانضباط المالى وترتيب أولويات الإنفاق العام لضمان الاستغلال الأمثل لموارد الدولة.
وكان البرلمان، قد أقر التعديلات الأخيرة لقانون المالية العامة الموحد، لتوفير آليات تشريعية تعمل على ضبط معدلات العجز والدين للناتج المحلى الإجمالى، حيث سيتم حساب المؤشرات الرسمية للمالية العامة للدولة على أساس إيرادات ومصروفات موازنة «الحكومة العامة» التي تم استحداثها، لتشمل موازنات جميع الهيئات العامة الاقتصادية والخدمية والجهات الإدارية للدولة والمحليات، ليبلغ إجمالى مصروفات الحكومة العامة ٦,٦ تريليون جنيه، وإيراداتها ٥,٣ تريليون جنيه للعام المالى ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥، على نحو يعكس جهود الدولة فى ترسيخ مبدأ شمولية الموازنة، ما يساعد فى إظهار قوة المالية العامة للدولة، ورفع كفاءة الإنفاق العام وامتلاك القدرة بشكل أكبر على التعامل الأكثر تحوطًا فى مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وتقديم رؤية أكثر إنصافًا لقدرات الاقتصاد، عبر بيان القدرات الحقيقية للمالية العامة للدولة وفق قراءة موضوعية أكثر شمولًا تتضمن كامل إيرادات ومصروفات الدولة وهيئاتها العامة.
فيما يأتى على رأس مستهدفات برنامج الإصلاح الاقتصادى، تخفيض الدين وأعبائه لكل كيانات الحكومة العامة، إذ تكثف الدولة جهودها للوصول بمعدل الدين للناتج المحلى إلى ٨٠٪ فى يونيهة ٢٠٢٧ والوصول بمعدل الناتج المحلى إلى 17 تريليون جنيه بالموازنة الجديدة، حيث ينص القانون على وضع حد أقصى لقيمة دين «الحكومة العامة» ونسبتها للناتج المحلى ولا يجوز تجاوزه إلا فى «الحتميات القومية» وحالات الضرورة بموافقة رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب، بالإضافة إلى توجيه نصف إيرادات برنامج «الطروحات» لخفض حجم المديونية الحكومية بشكل مباشر، مع العمل على إطالة عمر الدين، خلال المرحلة المقبلة، علاوة على الاعتداد بالحد الأقصى لدين «الحكومة العامة» فى حساب مؤشرات المالية العامة للدولة.
دعم الصادرات
وبالتوازى مع تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، تعمل الدولة على وضع خطة استراتيجية لدعم القطاعات الإنتاجية «الزراعة - الصناعة»، والاهتمام بزيادة الصادرات، الأمر الذي يدعم جهودها نحو تصويب المسار الاقتصادى للدولة، بما يتسق مع مستهدفات الموازنة الجديدة للعام المالى ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥، وتحقيق موارد أكثر لدعم معدلات النمو الاقتصادى من خلال التركيز على القطاعات الإنتاجية والتصديرية، من أجل إرساء دعائم التنمية المستدامة، وخلق فرص العمل، وتسجيل فائض أولى كبير أكثر من ٣,٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وخفض العجز الكلى على المدى المتوسط إلى ٦٪.
شراكة القطاع الخاص
واستمرارًا لجهود الحكومة لزيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص فى الخطط التنموية، وضعت الموازنة العامة الجديدة للعام المالى 2024/2025 سقفًا لإجمالى الاستثمارات العامة للدولة بكامل هيئاتها وجهاتها لا يتجاوز تريليون جنيه فى العام المالى، وذلك لإفساح المجال للقطاع الخاص على نحو يتسق مع جهود الدولة الهادفة لزيادة مساهماته فى النشاط الاقتصادى والتنموى.
ولضمان كفاءة وفاعلية استغلال موارد الدولة وتحقيق أهداف الخطة العامة للتنمية الاقتصادية، منعت الموازنة الجديدة الجهات الإدارية من إصدار أو تعديل أى قوانين أو لوائح أو قرارات أو توقيع أى تعاقدات أو اتفاقات أو مبادرات يترتب عليها أعباء مالية غير مدرجة بالموازنة العامة، ومنع ممثلى وزارة المالية بالوحدات الحسابية من الموافقة على صرف أى مبالغ قبل التأكد من وجود ارتباط مالى وسماح البند المختص بذلك.
وفى الوقت الذي تعصف فيه الأزمات العالمية باقتصادات العديد من الدول، تمكن الاقتصاد المصري من تحقيق معدلات نمو تفوق المتوقع، وذلك نتيجة الإجراءات الاستباقية التي نفذتها الحكومة، حيث فاقت نتائج الأداء المالى فى الفترة من يوليو إلى مارس ٢٠٢٤، التقديرات والمستهدفات الموازنية رغم قسوة آثار الأزمات الاقتصادية العالمية، فضلًا عن تباطؤ النشاط الاقتصادى والتوترات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، على نحو انعكس فى تحقيق مؤشرات إيجابية، تترجم الجهود المبذولة لإرساء دعائم الانضباط المالى.
زيادة إيرادات الدولة
وحقق الاقتصاد فائضًا أوليًا بقيمة ٤١٦ مليار جنيه بمعدل ٣٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى أول 9 شهور من العام المالى، مقارنة بـ ٥٠ مليار جنيه بمعدل نصف فى المائة «٥, ٪» فى نفس الفترة من العام المالى الماضى، بنسبة نمو سنوى أكثر من ٨ مرات ونصف المرة، علاوة على ارتفاع إجمالى قيمة الإيرادات العامة للدولة إلى ١,٤٥٣ تريليون جنيه بمعدل نمو ٥٧,١٪ عن نفس الفترة من العام السابق وبنسبة ٣٨٪ .
وارتفعت الإيرادات غير الضريبية بنسبة ١٢٢,٩٪، إضافة لزيادة الإيرادات الضريبية لأكثر من تريليون جنيه بنسبة ٤١,٢٪ نتيجة لأعمال الميكنة وتوسيع القاعدة الضريبية ودون فرض أى أعباء جديدة على المواطنين أو المستثمرين، أخذًا فى الاعتبار زيادة الإيرادات الضريبية غير السيادية بنسبة ٣٢٪ والإيرادات الضريبية السيادية إلى ٨٣٪، ناهيك عن زيادة المصروفات العامة للدولة إلى ٢,٣٢٣ تريليون جنيه بنسبة نمو سنوى ٥٠,٨٪ خلال التسعة أشهر الماضية، بسبب زيادة قيمة وفاتورة خدمة الدين نتيجة للارتفاع الكبير فى سعر الفائدة، وزيادة الإنفاق على الدعم والحماية الاجتماعية والأجور، فى إطار التزام الحكومة بالتعامل السريع مع التداعيات السلبية للأزمات العالمية وامتصاص أكبر قدر ممكن من آثارها عن المواطنين.
الإنسان أولاً
كما تستهدف الحكومة، تعزيز أوجه الإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والتنمية الاجتماعية، فى إطار تنفيذ استراتيجية بناء الإنسان، واعتبارها إحدى أهم أركان عملية الإصلاح الاقتصادى، حيث تم توفير كل احتياجات قطاع التعليم خلال التسعة أشهر الماضية بقيمة ١٨٠ مليار جنيه، والصحة ١٢٥ مليار جنيه، وذلك رغم شدة الصدمات المؤثرة على النشاط الاقتصادى، وزيادة الإنفاق الفعلى على الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بنسبة ٣٣,٩٪ لتخفيف الأعباء التضخمية عن الأسر محدودة ومتوسطة الدخل، علاوة على سداد ١٣٥ مليار جنيه قيمة مستحقات صندوق التأمينات والمعاشات و٦٩ مليارًا لدعم السلع التموينية و٢٤ مليار جنيه لـ«تكافل وكرامة».
المزيد .. جريدة روزاليوسف