عاجل
السبت 19 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
ثورة 30 يونيو
البنك الاهلي
30 يونيو.. حماية الهوية وتعزيز قدرة الدولة على أداء وظائفها بالتنمية الشاملة "3"

30 يونيو.. حماية الهوية وتعزيز قدرة الدولة على أداء وظائفها بالتنمية الشاملة "3"

في الذكرى العاشرة، لثورة الثلاثين من يونيو، التي تحل اليوم، يجدر بنا تقييم أسبابها ومبرراتها، وأهدافها، ومعدلات إنجاز تلك الأهداف على أرض الواقع. ولقد أشرنا في المقالات السابقة من هذه السلسلة، إلى التحديات التي هددت كيان الدولة على كافة المحاور الاستراتيجية.



 

ولعل أخطر تلك التهديدات محاولات تغيير الهوية الوطنية الجامعة، لحساب انتماءات لتنظيمات وأيديولوجيات تمتد ولاءات معتنقيها إلى خارج حدود ومصالح الدولة الوطنية، تعيش وتنمو على تغذية النعرات الطائفية والصراعات المذهبية.

ولخصنا هدف أعداء مصر وأذرعهم الداخلية، في هدف رئيسي تمثل في هدم الدولة الوطنية، واختراق مؤسساتها لحساب الأيديولوجية الجديدة من خلال استراتيجية "أخونة المؤسسات"، فجاءت ثورة 30 يونيو صاعقة لكل المخططات والتوقعات.

ولقد وصف الرئيس السيسي 30 يونيو في كلمته اليوم بأنها على رأس أيام التاريخ الخالدة، "أيام لامعة كالنجوم تضيء عتمة الليل وتبدد ظلمة الطغيان وتنير الطريق أمام السائرين وتهديهم سواء السبيل".

في ثورة الثلاثين من يونيو، انتفض شعب مصر العظيم ثائرًا على من أرادوا اختطاف وطنه، رافضًا الظلم والطائفية والاستبداد، ومعلنًا بصوت هادر ملأ أرجاء الدنيا: "إن هوية الوطن مصرية أصيلة لا تقبل الاختطاف أو التبديل".

لكن من خطط لاختطاف الوطن، وغرس بذور الطائفية، لتدمر شجرتها الخبيثة وحدة الوطن، لم يستسلم لإرادة الشعب الفولاذية، وحاول، على مدار عشر سنوات، كسر تلك الإرادة، فخاب ظنهم، وأثبت شعب مصر، ومؤسسات الدولة الوطنية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر قادرة على استعادة صلابة مؤسساتها وبناء قدرتها الشاملة لتؤدي الدولة الوطنية وظائفها بأعلى درجات الكفاءة المتنامية رغم كل تحديات المتغيرات والأزمات الدولية الطارئة.

 

ماذا تستهدف العدائيات وما وظائف الدولة الوطنية؟ 

 

تستهدف العدائيات هدم قوة الدولة الوطنية، بأسلحتها المتنوعة، سواء كانت إرهابًا ماديًا على الأرض، أو حملات موجهة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بهدم الروح المعنوية، وإثارة الفتن، لخلق تصدعات بالجبهة الداخلية.

ولما كانت وظائف الدولة الوطنية، تتمثل في: 

١- الوظيفة الدفاعية: وتتمثل في حماية حدود الوطن وأمنه الداخلي، ودوائر أمنه القومي.

٢- الوظيفة الاستخراجية: وتتمثل في القدرة على الاستثمار الأمثل لموقع الدولة وثروات الدولة، وحشد إمكاناتها لتعزيز موارد الميزانية.

٣- الوظيفة التوزيعية: وتتمثل في قدرة الدولة على تحقيق تنمية وخدمات لعموم الشعب بعدالة وشمول، تحقق معدلات أفضل من الحياة الكريمة.

٤- الوظيفة القانونية: وتتمثل في صياغة الدستور، والالتزام بنصوصه التي أقرها الشعب، وسن القوانين المتوافقة مع مبادئ الدستور، وتحقيق القضاء العادل للفصل في المنازعات، وإنفاذ أحكام القضاء.

٥- الوظيفة السياسية: وتتمثل في ترسيخ مبادئ الديمقراطية، وتنمية نفوذ الدولة في الخارج لتعظيم القدرة على حماية مصالح الدولة.

تقوى قدرة الدولة على أداء وظائفها، مع تنامي قدرتها الشاملة، التي تمثل محصلة تنمية قوتها البشرية والاقتصادية والدفاعية والدبلوماسية، ولُحمتها الداخلية، لذلك تسعى القوى المعادية لاستخدام كل الأسلحة لإضعاف مكونات القوة الشاملة، وفي القلب من ذلك سلاح الإرهاب.

تُعد القدرة الاقتصادية أهم مقومات القدرة الشاملة للدولة، فالقوة الاقتصادية تعني أن الدولة تمتلك موارد تمكنها من توفير ميزانيات تعزيز مكونات القدرة الأخرى؛ لأداء وظائفها على الوجه الأكمل.

وتنمو القوة الاقتصادية للدولة عبر تعزيز قدرتها على أداء وظيفتها الاستخراجية، بمعنى الاستثمار الأمثل لموارد الدولة من مكانة جيوسياسية، موقع مصر الجغرافي على سبيل المثال، مكّنها من حفر قناة السويس القديمة والجديدة لخلق مصدر دائم للدخل القومي، من رسوم عبور السفن.

والقدرة على استخراج واستثمار الثروات الطبيعية، ومنها الغاز بعد ترسيم الحدود مع قبرص، ومشروعات الرمال السوداء، وغيرها من المشروعات التي تحقق عوائد للدولة وتخلق فرص عمل.

رفع كفاءة البنية التحتية، ومضاعفة رقعة العمران على الخريطة المصرية، مجتمعات سكنية جديدة، عاصمة ومدن جديدة، وإنشاء الدلتا الجديدة على نحو 2.5 مليون فدان، مليون منها للإنتاج الزراعي.

ولقد واجهت دولة 30 يونيو الإرهاب ومحاولات هدم الدولة ومؤسساتها، بالعمل الجاد على تعزيز القدرة الشاملة للدولة، ورفع كفاءتها في أداء وظائفها، للحفاظ على الدولة الوطنية وخدمة شعبها، وفي الوقت ذاته مواجهة الإرهاب وإحباط مخططاته.

تنامي القوة الاقتصادية للدولة، بتعظيم قدرتها على أداء وظيفتها الاستخراجية، ينبغي أن يقابله تنامٍ في القدرة على أداء وظيفتها التوزيعية، من خلال تنمية متزامنة وشاملة وعادلة، تفي بمتطلبات المواطن من خدمات صحية وبنية تحتية، وحماية مجتمعية، وارتقاء بالمنظومة التعليمية، وغيرها من الخدمات التي تزيد من معدلات الرفاهية.

ومن ثم بدأت الدولة في تنمية شاملة ومتوازنة وعادلة، فالريف المصري ينال حقه في تنمية عادلة ترفع من جودة الحياة عبر مشروع "حياة كريمة"، الذي يخدم 52% من شعب مصر.

القضاء على العشوائيات، يمنح ملايين المصريين حقهم في سكن كريم، وبيئة وحياة آمنة تتوافر بها خدمات الصحة والتعليم وغيرهما من متطلبات الحياة.

التأمين الصحي الشامل، وغيرها من الخدمات الصحية، أحد انعكاسات أداء الدولة لوظيفتها التوزيعية، وكذا ما يخصص للاستثمارات في البنية التحتية والمشروعات الإنتاجية، التي تثمر لاحقًا لمضاعفة الموارد. 

وتمكن القوة الاقتصادية الدولة من تعزيز قدراتها على أداء وظيفتها الدفاعية، حماية الحدود وبسط الأمن داخليًا، وحماية ثروات ومقدرات الدولة، ومن ثم فإن سلعة الأمن غالية، تتطلب نفقات عالية لتنمية القدرة التسليحية وغيرها من متطلبات الأمن.

وقد تعاظمت القدرة العسكرية عبر المحاور التالية:

١- تعزيز القدرة العسكرية على جميع المحاور الاستراتيجية للدولة، ومثال على ذلك قاعدة محمد نجيب بغرب مصر، على مساحة 18 ألف فدان، إنجاز عسكري وليد على خريطة القدرة العسكرية، حيث أنبأت بتغييرات كبيرة في الاستراتيجية وفي التكتيك العسكري المصري؛ لتوفير الحماية للمشروعات القومية، على رأسها محطة الضبعة النووية وحقول البترول والحدود الغربية.

كما أسهمت في حماية الحدود وردع محاولات قوى خارجية، استغلت حالة الانفلات الأمني في مناطق ليبية، لمحاولة تهديد الأمن القومي المصري، وإلى جانب مهامها العسكرية، باتت قاعدة حضارية للتدريب العسكري المشترك مع الدول الصديقة والشقيقة، لما يتوافر بها من أعلى الإمكانيات، وهي شهدت مناورات دولية غير مسبوقة، بينها النجم الساطع سبتمبر 2021، بمشاركة 21 دولة، بما تحققه من أهداف التعرف على أحدث أنظمة القتال العالمية، وتعكس تنامي القدرة المصرية، ليتواصل البناء لتعزيز القدرات بسلسلة من القواعد العسكرية ذات الأهداف الاستراتيجية مثل قاعدة "برنيس"، التي تؤّمن السواحل المصرية الجنوبية على ساحل البحر الأحمر، وقاعدة 23 يوليو، التي تُؤمن الاتجاه الاستراتيجي بساحل البحر المتوسط.

٢- تنويع مصادر التسليح.. نجحت مصر في تطوير ورفع كفاءة المنظومة التسليحية من مصادر عالمية مشهود لها بكفاءة التصنيع، للحصول على أحدث التكنولوجيا في الطيران عبر مقاتلات رافال الفرنسية، والغواصات الألمانية والمقاتلات الروسية، وغيرها من مصادر التسليح من قوى عالمية كالصين وأمريكا.

هذا التنوع في مصادر التسليح بخلاف تعزيز القدرة، فإنه للمدقق يحرر القرار السياسي والعسكري من احتكار دولة لإمدادات التسليح، وما يليها من قطع غيار وغيرها، ونجحت مصر بأعلى درجات الكفاءة في قهر ذلك التحدي، الذي انعكس على قدرة الردع.

تنامي قدرة الردع، هو العمود الفقري للقضاء على الإرهاب الدولي المهدد لمصر للأسباب التالية:

١- حققت حماية للاستثمارات المصرية العملاقة، مثل حقل غاز "ظهر"، وقناة السويس، وغيرها من المشروعات مثل آبار البترول وخطوط الغاز، ومن ثم إحباط وردع محاولات استهداف المشروعات القومية، وتأمين الحدود وقطع الطريق على إمدادات التنظيمات الإرهابية بالعنصر البشري والسلاح، مما أسهم في القضاء عليه واقتلاعه من جذوره.

كما عززت مصر من قدرتها على تصنيع السلاح، لتدخل سوق الإنتاج والتصدير العالمي، وهذه القدرة التي تنامت قبل الأزمات العالمية كلفتها التمويلية كانت ستتضاعف إذا ما تأخر إنجازها قبل جائحة كورونا والحرب الروسية- الأوروبية، التي ضاعفت من معدلات الطلب على التسليح، فضلًا على تنامي احتياج دول مصدرة مثل ألمانيا بما يحد من فرص التصدير خارج أوروبا.

وبهذا النجاح الذي يعكس رؤية استراتيجية، عززت مصر أمنها ووفّرت الحماية لمشروعاتها القومية، وردعت المخططات العدائية، وحققت تكاملًا في مقومات القدرة الشاملة للدولة. 

هذه القدرة، التي تتطلب وعيًا من كل مصري بأهميتها واستراتيجيات تُعزز من الوعي العام بتاريخ جيش مصر الضارب بجذوره إلى ما قبل عهد مينا موحد القطرين، مع العمل على تنمية قدرة التصنيع المحلي للسلاح وتوطين التكنولوجيا، عبر شراكات عربية وإقليمية وعالمية.

 

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز