عاجل
الأربعاء 17 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

فرنسا على موعد غدا مع "الثلاثاء الأسود" ضد إصلاح نظام التقاعد

مع موعد من الإضراب الشامل، تترقب فرنسا غدا /الثلاثاء/ يوما تاريخيا وصفته وسائل الإعلام بـ"الثلاثاء الأسود" نظرا لحجم التعبئة الحاشدة التي دعت إليها النقابات العمالية وغالبية عريضة من الشعب الفرنسي ضد مشروع الحكومة لإصلاح نظام التقاعد، الذي سيعرض على الجمعية الوطنية للبت فيه اعتبارا من اليوم /الاثنين/.



وفي هذا الصدد، قال وزير النقل الفرنسي كليمان بون "إن قطاع النقل والمواصلات بالبلاد من المنتظر أن يشهد حالة من الاضطرابات الشديدة.. سيكون يوما صعبا، بل صعبا للغاية فيما يتعلق بالنقل العام، ونتوقع اضطرابات كبيرة".

وتأمل الأطراف الداعمة لتلك التظاهرات ضد المشروع في تكرار المشاركة الكبيرة التي حدثت في يوم 19 يناير الجاري، عندما احتشد ما يزيد على مليوني شخص احتجاجا على خطة الإصلاح في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى شل حركة العديد من القطاعات في الدولة، أهمها قطاعي النقل والتعليم.

وبعد عرض نص المشروع على مجلس الوزراء الفرنسي في 23 يناير الجاري، يعرض مشروع القانون على لجنة الشؤون الاجتماعية في الجمعية الوطنية اليوم، وسيبحث ما يقرب من 60 نائبا المشروع، مادة تلو الأخرى، والذي ينص على رفع سن التقاعد إلى 64 عاما بحلول 2030، وتسريع عملية رفع الحد الأدنى لعدد سنوات المساهمة في صندوق التأمين التقاعدي للحصول على معاش تقاعدي كامل.

وسيرفق هذا المشروع بتسريع تمديد فترة المساهمات التي سترفع إلى 43 عاما قبل 2035، الذي حدده إصلاح سابق، وتأمل الحكومة بهذا الإصلاح في خفض النفقات بحلول عام 2030، وقد تكون مستعدة لرفع الحد الأدنى لرواتب التقاعد إلى 1200 يورو لكل المتقاعدين.

ودعا وزير النقل الفرنسي المواطنين الذين يمكنهم العمل عن بُعد أو تأجيل رحلاتهم إلى القيام بذلك، فيما دعت النقابات الأربع لعمال السكك الحديدية إلى الانضمام إلى حركة الإضراب "بشكل كبير" وتخطط الهيئة الوطنية للسكك الحديدية إلى تشغيل قطار واحد فقط من كل ثلاثة على مستوى القطارات السريعة طويلة المسافات، كما ستخفض من تشغيل باقي القطارات على المستوى الوطني، وهو ما يجعل من المتوقع حدوث اضطرابات شديدة في جميع الخطوط. 

وفي قطاع التعليم، دعت نقابة طلاب المدارس الثانوية والتعليم إلى أن تكون تحركات 31 يناير على مستوى البلاد "الأقوى" من تلك التي كانت في 19 يناير، مؤكدة "نحن متحدون ومصممون على سحب مشروع إصلاح نظام التقاعد".. وبحسب وزارة التربية الوطنية الفرنسية، فإن 42.35% من المعلمين استجابوا لدعوة إضراب 19 يناير في المدارس الإبتدائية، و34.66% في الكليات والمدارس الثانوية.

وفي قطاع الخدمة المدنية، تواصل نقابات العمال للخدمة المدنية مطالبة الحكومة بالتخلي عن رفع سن التقاعد القانوني من 62 إلى 64 عاما، داعية الموظفين إلى "المشاركة الكبيرة" في "يوم التعبئة" غدا.

وأكد مسؤولون محليون، بمن فيهم عمدة باريس آن هيدالجو، إغلاق مقر البلدية حتى يتسنى للموظفين التظاهر بحرية، وذلك تضامنا مع الإضراب الثاني، وقالت هيدالجو "إن قصر البلدية سيظل مغلقا تضامنا مع هذا اليوم الجديد من التعبئة والحشد ضد إصلاح نظام التقاعد، وذلك استجابة لدعوة زعيم الحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل، الذي دعا أعضاء المجالس البلدية إلى إغلاق أبوابها بشكل رمزي".. أما في قطاع الطاقة والنفط، فمن المتوقع أن يدخل العمال في المصافي ومحطات الطاقة والموانئ والأرصفة في إضراب 31 يناير. 

لكن التحدي الآن أمام النقابات هو هل يوم الغد سيشهد بالفعل نفس قدر المشاركة التي سجلت في إضراب 19 يناير، الذي توحدت فيه ولأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات جميع النقابات العمالية الفرنسية في جبهة مشتركة ضد المشروع؟، لذلك تسعى النقابات العمالية إلى حشد الجماهير الفرنسية لتتحول هذه التعبئة الحاشدة إلى احتجاج جماهيري من شأنه أن يجبر الحكومة في النهاية على تغيير خططها. 

وحذر رئيس الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل لوران بيرجيه من تجاهل حجم المظاهرات والتعبئة الحاشدة المقررة غدا، مؤكدا أن ذلك سيكون "خطأ" من جانب الحكومة الفرنسية والجمعية الوطنية، أما رئيس الكونفدرالية العامة للعمال التابع للتيار اليسارى فيليب مارتينيز، فقد أكد مرارا دعوته "للجميع إلى الحشد والتعبئة بشكل مكثف ليقولوا لا لهذا الإصلاح"، داعيا إلى مضاعفة التحرك بحلول 31 يناير داخل القطاعات، وخاصة داخل الشركات الخاصة.

وفي مواجهة هذا التحدي، أكدت الحكومة عزمها وتصميمها على المضي قدما في مشروعها الإصلاحي حتى النهاية دون الاستسلام لمسألة رفع سن التقاعد القانوني، ففي تصريح ناري قبل "الإضراب العام"، قالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن أمس "إن رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، هذا الأمر الذي يواجه انتقادات واسعة، لم يعد قابلا للتفاوض".

وفي الوقت الذي تشدد فيه المعارضة على أن هذا المشروع "غير عادل"، تؤكد الحكومة الفرنسية على لسان وزرائها أنه "عادل"، حيث صرح وزير العمل الفرنسي أوليفييه دوسوبت بأن هذا المشروع كان "ضروريا وعادلا"، مضيفا "نريد فقط أن يكون الجهد موزعا بشكل عادل". 

واعتبارا من اليوم، سيتطرق البرلمانيون إلى لٌب الموضوع والدخول في هذا الصراع، حيث تبدأ دراسة نص تعديل نظام التقاعد في لجنة الجمعية الوطنية من خلال بحث دقيق مادة تلو الأخرى ليحسم حالة الصراع بين الحكومة والنقابات العمالية. 

وبالفعل، تسمح هذه المظاهرات للنقابات العمالية أن تقول إنه "لدينا دور في المجتمع لتمثيل عالم العمل".. ولكن السؤال الآن من سينتصر في هذه المعركة؟، هل ستنتصر النقابات العمالية من خلال حشد الرأي العام، أم ستمضي الحكومة قدما في خططها ضاربة بعرض الحائط رأي الشارع؟.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز