عاجل| كريستيانو رونالدو.. لماذا خسر "الدون" وفاز ميسي؟
أحمد فتحي
كريستيانو رونالدو.. لا تزال أصداء نهاية كأس العالم مونديال قطر 2022 تُخيم على الأجواء، مشاعر متباينة شطرت العالم إلى شطرين، كل منها يغني على ليلاه، عشاق البرغوث الأرجنتيني يعيشون نشوة الفوز، وانتزاع اللقب الثالث للأرجنتين، بعد غياب 36 عامًا عن منصات التتويج.
على الجانب الآخر، يعيش أنصار كريستيانو رونالدو ومحبيه، أجواء مشحونة ومُغلفة بالأسى، إثر الخروج الدراماتيكي الحزين، والسقوط أمام أسود الأطلسي، بهدف دون رد، ضمن مواجهات الدور نصف النهائي، وهي الخسارة التي تركت ندبة واضحة، وجرحًا غائرًا بقلب الدون البرتغالي، لم تُفلح أمامه محاولات المُسكنات الإعلامية والدعم المعنوي، في إحداث أي تغيير.
لماذا سقط الدون
الإحباط والحزن يخيمان على المشهد
لماذا خسر الدون؟.. السؤال الأبرز الذي شغل أذهان عُشاق كريستيانو رونالدو ومحبيه حول العالم، الكل يبحث عن إجابة شافية، علها تخفف من حدة الآسى، الذي يشعرون به تجاه الفتى الفذ، الذي طالما كان مصدرًا لسعادتهم وفخرهم.
تتطلب الإجابة عن هذا السؤال بحثًا عن الأسباب الخفية، التي أدت لهذه النتيجة، بعد ارتفاع سقف الآمال والطموحات، لترتقي لعنان السماء وتلامس السحاب، ورسم فيها البعض لوحة خيالية، للسيناريو الأجمل على الإطلاق.. "مباراة أسطورية" تجمع بين الموهبتين الكرويتين الأبرز خلال العقدين المنصرمين، وحبتي اللؤلؤ الأخيرتين في عقد الأساطير.
قراءة متأنية
سيناريو عمره 4 سنوات
القراءة المُتأنية لخسارة الدون ورفاقه بالمنتخب البرتغالي، تكشف أنها لم تكن وليدة اللحظة، وإنما ظهرت لها عدة مُقدمات، وهي المؤشرات التي لم يلتفت لها السواد الأعظم من مريديه، الذين غلبت لديهم العاطفة على المنطق والعقل.
قصة خسارة وانكسار رونالدو، وتحطم حلمه بالوصول لمنصة التتويج المونديالي، لم تبدأ على الأراضي القطرية، وإنما صيغت تفاصيلها بعناية قبل أربع سنوات، وتحديدًا مطلع يوليو 2018، وتواصلت فصولها أواخر أغسطس 2021، لتكتمل ملامح المشهد، وتتجلى الصورة كاملةً، على مدار الـ15 شهرًا التالية، وصولًا للحظة الفارقة في نوفمبر 2022، وهنا كانت تفاصيل القصة المُثيرة.
وداع قلعة المجد والبطولات
105 ملايين يورو كتبت فصل النهاية
منتصف عام 2018، كان شاهدًا على بداية قصة انهيار أسطورة الدون، وكان مُقدمة أساسية للنتائج والتبعات التي تلته، 105 ملايين يورو وعقد ممتد، يؤمن وجوده بالملاعب لأربع سنوات مُقبلة، مثلت إغراءًا ماديًا مُرضيًا، دفع الدون لاتخاذ قراره المُفاجئ، بإنهاء مسيرته المُظفرة داخل جدران قلعة الملكي، والابتعاد عن أرضية ملعب سانتياجو برنابيو العظيم، موجهًا وجهه شطر مدينة تورينو الإيطالية، ليدافع عن ألوان قميص البيانكونيري، ويبحث عن مجد جديد يُضاف لخزانة أرقامه وبطولاته.
قرار الانضمام لـ"اليوفي" جاء على غير هوى غالبية عشاق الدون البرتغالي، ورأوا فيها تقليصًا لفُرص تتويجه بالمزيد من البطولات القارية، وتحجيمًا لأحلامهم بمواصلة التوهج، وإطالة أمد مُطاردته للبرغوث الأرجنتيني ليونيل ميسي، على صعيد الأرقام والإنجازات -الفردية والجماعية- استنادًا للفوارق الرقمية الرهيبة بين "الملكي" و"السيدة العجوز".
نتائج هزيلة
رهان الدون الخاسر
مرت الأيام وتحققت التوقعات على أرض الواقع، وخلال الفترة الفاصلة ما بين يوليو 2018 وأغسطس 2021، وعلى مدار 36 شهرًا، قضاها داخل جدران قلعة البيانكونيري، اكتفى الدون البرتغالي باقتناص خمسة بطولات محلية، حصدها بألوان اليوفي، بعيدًا عن ألقابه الفردية التي حققها خلال الفترة ذاتها.
ومع تخطيه حاجز الـ36، اتخذ رونالدو قراره الحاسم بالرحيل عن اليوفي، والاكتفاء بالفترة التي قضاها هناك، إثر اندلاع عدة خلافات مع ماسيميليانو أليجري "مدرب السيدة العجوز"، ليبدأ فاصلًا جديدًا من التخبط والإحباط، بعدما تراجعت أغلب الأندية الجماهيرية، وفرق الصفوة الأوروبية عن التعاقد مع ماكينة الأهداف البرتغالية.
المزيد من التخبط
عودة للشياطين الحُمر
الطامة الكبرى كانت بعد إعلان مُلاك مانشستر سيتي وقف المفاوضات والتراجع عن إتمام صفقة انتقال رونالدو، رغم موافقة الأخير على كافة الشروط التي تم الاتفاق عليها، وهو الأمر الذي خلف غصة شديدة في حلق "الدون".
وجاء إخلال مُلاك السيتيزن لوعدهم مع الدون البرتغالي، ليضطر الفتى الذهبي صاحب الأرقام القياسية، الاستجابة لإغراءات وضغوط مُديره الفني الأسبق –السير أليكس فيرجسون– ومسؤولو مانشستر يونايتد، ليبدأ فاصلًا جديدًا لم يكتب بين سطوره سوى الأزمات والمشاكل، ما أبعده عن منصات التتويج والأضواء التي اعتاد عليها، طوال مسيرته الطويلة مع الساحرة المُستديرة.
ضغوط جماهيرية
شقيقة الدون تدافع عنه
تزايدت حدة الضغوط الجماهيرية على رونالد، وتعالت الأصوات المُطالبة بإبعاده عن المشهد الكروي، وعدم استدعائه لتمثيل المُنتخب البرتغالي، بعد السقوط أمام الماتادور الإسباني -أواخر سبتمبر الماضي- والخروج خالي الوفاض من بطولة دوري أمم أوروبا 2022، وهي الفترة الأسوأ على مدار تاريخ "الدون".
شهدت تلك الفترة أعنف هجوم شنه أبناء جلدته، بعد اتهامه بالتقصير وأنه أصبح يُمثل عبئًا على الفريق، ما دعا شقيقته كاتيا أفيرو لتقديم كافة أشكال الدعم النفسي المُمكنة، والرد على الإساءات المُتتالية الموجهة لشخصه، عبر صفحتها الرسمية على موقع الصور والفيديوهات القصيرة إنستجرام، واصفة من هاجموه بـ"المرضى الجاحدون وناكري الجميل".
نتائج مُخيبة للآمال
أسرار الخلاف مع تان هاج
ولأن المصائب لا تأتي فرادى، تراجعت نتائج مانشستر يونايتد، وزادت هوة وحدة الشقاق بين "الدون" و"إيريك تان هاج" المدير الفني لـ"الشياطين الحمر"، بسبب جلوسه على مقاعد البدلاء وعدم الاستعانة به في المباريات، ما شكل تشويشًا إضافيًا على رونالدو.
زادت الأمور اشتعالًا في التاسع عشر من شهر أكتوبر 2022، بعدما غادر "رونالدو" أرضية ملعب أولد ترافورد، قبل إطلاق صافرة نهاية اللقاء، الذي جمع فريقه بنادي توتنهام هوتسبير، ضمن مواجهات البريميرليج، وهو الأمر الذي قوبل بفرض عقوبات قاسية على "الدون".
وفاة الابن السادس
الحوار الأزمة
في التوقيت ذاته، جاء نبأ وفاة نجله، ليُضاعف من أوجاعه، ويُعزز من حدة الأزمة النفسية التي يعيشها، ويفرض مزيدًا من الضغوط، التي يبدو أنها اتحدت لتتكالب عليه من كل حدب وصوب.
وخلال المقابلة التي أجراها مع الصحفي بيرس مورجان، وبثها الأخير عبر صفحته الرسمية على موقع يوتيوب، فجر الدون البرتغالي عدة مُفاجآت، وشن هجومًا عنيفًا على إدارة مانشستر يونايتد ومسؤوليه ومدربه "تين هاج"، ما عجل باتخاذ قرار فض العلاقة بين الطرفين، وإنهاء الارتباط بشكل رسمي وباتفاق متبادل.
الخلاصة
خاض معركته الأخيرة وحيدًا
خاض الدون البرتغالي صاحب الأرقام القياسية والإنجازات الفردية، والقطب الثاني لعالم الساحرة المُستدير معركته الأخيرة في كأس العالم، بلا ناد أو سند جماهيري وطني داعم، يحفزه على تحقيق حلمه الشخصي وطموحات بلاده، بالوصول إلى منصة التتويج، واقتناص الكأس الأولى على مدار تاريخ مُشاركاتهم بالمونديال.
هناك وفي قلب العاصمة القطرية الدوحة، ورغم هتافات عُشاقه ومُحبيه المخلصين، الذين عجت بهم مدرجات ملعب الثمامة، على اختلاف أعراقهم ولهجاتهم، وجد الدون البرتغالي نفسه يقف بمفرده، في مواجهة طموحات الأسود المغربية.
سقط الدون البرتغالي وفشل في أداء رقصته الأخيرة، لتلتقط عدسات المصورين مشهدًا دراماتيكيًا حزينًا، غادر فيه أرضية الملعب باكيًا، لتبثه كافة القنوات التليفزيونية، وتضع كافة الصحف والمجلات، الصادرة بكل لغات العالم، تفاصيله في صدارة عناوينها.
شاهد.. لحظة مُغادرة رونالدو وأسرته للدوحة
مفاتيح الفوز وأسباب الخسارة
هنا حلم وطن بأكمله
في المقابل حظى ليونيل ميسي بكافة أشكال الدعم النفسي والجماهيري والإعلامي، وهي الرسالة التي وصلت فحواها إلى البرغوث الأرجنتيني على النحو المطلوب، وعبر عنها اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم بمقطع فيديو مؤثر، رُبما يكون هو الأفضل على الإطلاق، ردًا على الإهانة التي تلقاها "البرغوث" من الجمهور السعودي، عقب الخسارة أمام الأخضر في المباراة الافتتاحية بدور المجموعات.
“هنا ميسي.. هنا حلم وطن بأكمله.. هنا ميسي الذي يسكن بداخلنا جميعًا وللأبد”
وهنا كان الفارق، وهنا تكمن مفاتيح الفوز وأسباب الخسارة.