عمرو جوهر
ترامب وعمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين
من المقرر أن يتولى دونالد ترامب منصبه في 20 يناير 2025، لفترة ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة، وتشير وعود حملته الانتخابية وتصريحاته الأخيرة إلى أن سياسة الهجرة ستكون مرة أخرى على رأس الأولويات، مع التركيز على عمليات الترحيل الجماعي.
وتطبيق القوانين بشكل أكثر صرامة، وإجراء تغييرات كبيرة على نظام الهجرة، ومن المتوقع أن تؤثر هذه السياسات على ملايين المهاجرين وأن يكون لها آثار بعيدة المدى على الاقتصاد والمجتمع الأمريكي وسمعتها على الساحة العالمية.
خلال فترة ولايته ترامب السابقة، نفذ ترامب سياسات أدت إلى زيادة عمليات الترحيل بشكل كبير وخلق مناخ من الخوف بين مجتمعات المهاجرين.
وبالنسبة لإدارته القادمة، أشار ترامب إلى خطط للذهاب إلى أبعد من ذلك، بما في ذلك، بما فيها عمليات الترحيل الجماعي التاريخية التي لم تشهدها أمريكا من قبل.
حيث تعهد ترامب بترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين او غير الشرعيين، وهي الخطوة التي تتطلب تكثيف عمليات إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك إلى مستويات غير مسبوقة.
يعمل ترامب أيضًا على إنهاء حق المواطنة بالولادة او الحصول على الجنسية الأمريكية للأطفال من أبوين غير امريكيين، حيث كرر ترامب نيته في تحدي حق المواطنة بالولادة، مما قد يحرم الأطفال المولودين في الولايات المتحدة لأبوين غير مسجلين من الجنسية، ومن المرجح أن تواجه هذه الخطوة عقبات قانونية كبيرة، لأنها تتعارض مع التعديل الرابع عشر لدستور الولايات المتحدة.
يخطط ترامب أيضًا لإلزام جميع أصحاب العمل باستخدام نظام التحقق الإلكتروني لتأكيد حالة الهجرة لموظفيهم، بهدف تقليل فرص العمل للعمال غير الحاصلين على وثائق.
قد يكون التأثير الاقتصادي لسياسات الهجرة المقترحة من قبل ترامب شديدًا، حيث يشكل المهاجرون، بمن فيهم غير الحاصلين على وثائق، جزءًا أساسيًا من القوى العاملة في الولايات المتحدة، وخاصة في الصناعات مثل الزراعة والبناء والضيافة والرعاية الصحية، وقد يؤدي ترحيل ملايين العمال إلى نقص العمالة.
تعتمد العديد من الصناعات بشكل كبير على العمالة المهاجرة، وقد يؤدي إزالة جزء كبير من القوى العاملة إلى شل الإنتاج والخدمات، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وهذه مخاوف مشروعة يروج لها أعداء ترامب.
تساهم الأسر المهاجرة بمليارات الدولارات سنويًا في الاقتصاد الأمريكي، ومن شأن عمليات الترحيل أن تقلل من الإنفاق الاستهلاكي، مما يؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي والتأثير على الشركات المحلية.
وقد يتوازى الاضطراب الاقتصادي بسبب ترحيل المهاجرين، أو يتجاوز حتى آثار سياسات الهجرة، مثل برامج إعادة المهاجرين في ثلاثينيات القرن العشرين، والتي تسببت في نقص العمالة والركود الاقتصادي في قطاعات معينة.
إن العواقب الاجتماعية لسياسات الهجرة التي ينتهجها ترامب ستكون كبيرة، مع آثار واسعة النطاق على الأسر والمجتمعات السكانيه في بعض الولايات بشكل كبير عن اخرى.
ومن المقرر أن تؤثر سياسات ترامب على تتفكك العديد من الأسر، حيث قد يُترَك الأطفال المولودون في الولايات المتحدة وراءهم بينما يتم ترحيل والديهم، وقد يؤدي مناخ الخوف وعدم الثقة بين المهاجرين الي عدم التعاون مع سلطات إنفاذ القانون.
إن التدابير التي يقترحها ترامب تعكس برامج الترحيل واسعة النطاق في ثلاثينيات القرن العشرين، والتي تم خلالها ترحيل مئات الآلاف من الأسر المكسيكية الأمريكية قسراً، وقد خلفت هذه البرامج الكثير من الأضرار الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك زعزعة استقرار المجتمعات المهاجرة وفقدان العمالة.
إن تكرار مثل هذه التدابير في عام 2025 قد يكون له عواقب مماثلة قصيرة وطويلة الأجل على الاقتصاد الاميركي.
لكن يظل ترحيل المهاجرين أمراً ضرورياً وخصوصاً مع دخول اعداد كبيره جدا لم تشهدها الولايات المتحدة من قبل، حيث وصلت الأرقام الي ما يقارب 30 مليون مهاجر غير شرعي، وهو رقم كبير جدا ادي اي تراجع الخدمات في ولايات كثيرة، ناهيك عن ارتفاع أسعار السكن والمواد الغذائية بسبب زيادة الطلب بشكل لم يسبق له مثيل.
أعداء ترامب يعترفون بحجم الكارثة، ويصفون العدد الكبير من المهاجرين غير الشرعيين الذين دخلوا إلى الولايات المتحدة، بالقنبلة الموقوتة، وهو الأمر الذي يتطلب وقفة كبيرة من الدولة بغض النظر عن ترامب شخصياً أو سياساته المقترحة.