عاجل
الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
حكومة بدائية وشارع ثوري

حكومة بدائية وشارع ثوري

بقلم : عاطف حلمي




عاش الإنسان البدائي حيناً من الزمن لايؤمن بوجود الحواجز وكان يعتقد أنه يمكنه المرور عبر الكتل الصخرية وأن يخترق الأشجار وغيرها من العوائق، ولم يستوعب الطبيعة المادية له ولهذه الحواجز إلا بعد أن تورم جسده من كثرة الإصطدام والارطام بها، وهي نفس مشكلة حكومة الدكتور الببلاوي التي لم تستوعب حتى الآن أنها جاءت على أكتاف ثورة شعبية جارفة في الثلاثين من يونيو الماضي، ولاتزال لاترى الحراك الثوري في الشارع المصري، ومن ثم تخرج من حفرة لتسقط في مستنقع، مع اختلاف بسيط عن نتائج ما كان يفعله الإنسان البدائي، فالضحية هنا التي تورمت و"تخرشمت وطلع عنيها وعنين اللي جابوها" هم الشعب المصري نفسه، ولاتزال تبذل حكومة المعاشات كل محاولاتها للعمل وقد أدارت ظهرها للحراك الثوري ... فالأزمة الآن بين الحكومة والشارع في "فارق السرعات"، وربما لم يعد أمام الشعب سوى اللجوء إلى محامي خلع.

 

التفكير خارج الصندوق

من تجارب حكومة الببلاوي البدائية التي اثارت جدلاً كبيراً وأصابت المجتمع المصري بأزمة، قانون تنظيم المظاهرات الذي احتوى عدداً من المواد الخلافية، فرغم أن القوانين الحالية كفيلة بحل الأزمة والحد من عنف الإخوان، ورغم أن إعلان جماعة الإخوان تنظيم ارهابي، سوف يفتح آفاقاً غير عادية في مجال المجابهة وتجفيف منابع هذه التظاهرات اللاسلمية، إلا أن حكومة الببلاوي لجأت إلى حلول بعقلية لم تخرج كثيراً عن عقلية نظامي مبارك ومرسي، وهنا تكمن المشكلة في أن حكومة متوسط اعمارها يندرج تحت بند "المعاشات"، لاتزال تفكر داخل الصندوق العتيق الذي ظل قابعاً فيه نظام مبارك طيلة 30 عاماً، وانحشر فيه مرسي وعشيرته من بعده، بينما المطلوب من حكومة جاءت بشرعية ثورية أن تفكر خارج صندوق الماضي وتلامس تطلعات الشارع، لكن هذا الأمر يبدو صعب المنال طالما ظلت تسير الحكومة على هذا المنوال.

 

ورطة التطبيق

وباصدار قانون تنظيم المظاهرات وضعت الحكومة نفسها في مواجهة ليست أهلاً لها، فلا هي قادرة على تنفيذه بشكل كامل وليست أيضاً قادرة على التراجع عنه، ولعل ما قيل من أن الرئيس عدلي منصور سوف يصدر عفوا عن الإخوانيات اللاتي حكم عليهن بالسجن 11 عاماً، بعد صدور حكم نهائي، خير دليل على الأزمة التي ورطت فيها الحكومة نفسها بهذا القانون الذي لم يكن أيضاً توقيت صدوره مناسباً.

 

أين المحرضون؟

وإذا أخذنا بمبدأ لأمر الواقع وأن القانون نفذ ولا راد له، فلماذا لاتطبقه الحكومة بجدية حقيقية؟، فبدلاً من توجيهه فقط ضد المتظاهرين، كان الأجدر تطبيقه على المحرضين، وهنا نجد المحرض الرئيسي الواضح هو ما يسمى بـ "تحالف دعم الشرعية"، ورموزه معروفة للكافة، أيضاً يجب تطبيقه على قناة الجزيرة بما تبثه من أكاذيب وتضليل للواقع وتأجيج للشارع وتحريض علني وهو الأمر الذي ينسحب على قطر نفسها.

 

أحزاب مفروشة

وفقاً لما توصلت إليه لجنة الخمسين فأن الدستور الذي سيتم الاستفتاء عليه سوف يقر نظاماً مختلطا للحكم يتم خلاله تقليص صلاحيات الرئيس المطلقة التي كانت في السابق لصالح اعطاء الحكومة ــ التي يتم تشكيلها وفقاً للأغلبية النيابية ــ بعض الصلاحيات، وهذا الأمر يستلزم نظاماً حزبياً مؤسساتياً حقيقياً وليست أحزاباً كرتونية وهمية جل ما تصبو إليه ترخيص صحيفة تتاجر بها أو حصة من تأشيرات الحج تستغلها، وهنا تبرز أهمية ودور المجتمع المدني في ترسيخ العمل الحزبي وتوعية الشارع الذي ظل لعقود مضت لايثق في تلك الأحزاب التي أكتوت بنيران الانشقاقات تارة، والسير في ذيل الحزب الحاكم تقتات على ما يلقيه إليها من فتات تارة آخرى، بل أن بعض الأحزاب كانت بمثابة الشقق المفروشة يتم تأجيرها لمن يدفع أكثر، ومن ثم أتوقع خلال السنوات القليلة المقبلة اختفاء جل الأحزاب القديمة بلا رجعة، وعلى الأحزاب الجديدة الجادة أن تقوم بدورها وإلا سقطنا في مستنقع لاتحمد عقباه.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز