
نهر النيل يجمع الأشتات والأشلاء
12:00 ص - الجمعة 10 أبريل 2015
بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني
حين علمت أن مدينة المنصورة في طريقها لكتاب موسوعي عالمي كإحدى مدن نهر النيل الهامة ، شعرت بسعادة ، ليس لتعصبي لهذا المدينة بصفتي أحد أبنائها ، ولكن ربما لفكرة أن لديك ماهو أكثر من العاصمة لتقدمه للعالم وهو ما تفعله الدول الكبرى التي تحمل ملامح هامة على أكثر من مكان في أراضيها.
كانت زيارة الأستاذ الدكتور نزار الصياد رئيس قسم الدراسات الشرقية بجامعة كاليفورنيا لنا في كلية الآداب جامعة المنصورة حيث أعمل - من أجل الحصول على مشروع بحثي مطبوع في مجلدات ثلاثة- أمر له أكثر من دلالة بالنسبة لي ، فهذا المشروع قام به مجموعة من أساتذتي بقسم التاريخ بالكلية وتناول مدينتي ، وانطباع الحضور حول كم المعلومات الذي دارت حولها جلسة الإعداد للكتاب الموسوعي أعطاني صورة مستقبلية صغيرة لما يمكن أن تصبحه هذه المدينة الصغيرة التي منذ بداياتها حاولت أن تجمع داخلها لا أن تأخذ من خارجها ، تبحث عن الاكتفاء الذاتي بقوة دائمًا وتحاول قدر ما أوتيت من قوى..
فكرة الكتاب نفسها تحمل ابتكارًا إذ أن المؤلف ذاته معماري وهذا يجبر بعضًا من الفجوة التي نجدها في الكثير من الكتب اللافرنسية التي تتحدث عن مدن في تاريخها ، إذ أن مدينة المنصورة مثلًا –على سبيل الاسترسال في ذات الصدد- يندر أن تجد مؤلفات تتكلم عن عمارتها وتخطيطها المدني في العصور الوسطى وحتى مراحل من العصور الحديثة رغم أهمية الأحداث التي دارت بها ، لذا نرى الأهمية الواضحة في اهتمام معماري بالكتابة عن مدن النيل مما يعني اكتشاف وحفظ طابع خاص لبشر عاشوا بالقرب من نهر واحد حار المناخ والتفاصيل في معظمه لو صح التعبير.
ومما لا شك فيه أن نهرًا يمر بأفريقيا يحمل أسرارها.. يحمل أسرار الطمي والجثث التي يحتضنها بعد كل حرب قبلية. ولأن الحضارة تلحق بالأنهار أولًا ثم تنشيء المدن ثانيًا فإن المدن تعني وجهًا للحضارة ، وإذا كنت نيليًا مثلي ستشعر برغبة شديدة في معرفة الملامح المشتركة بين مدن النيل وأظن أن هناك الكثير من التشابه الذي لم نعرفه سيقول لك ببساطة : (الجسد الذي يملك شريانًا واحدًا يموت قلبه بالإضرار بالشريان)..
شرفت بأن أكون عضوًا في جلسة تحضيرية لهذا الكتاب وأظن أنني خرجت منها بطاقة كبيرة نحو الأرض ، وعرفت أنه مهما كانت الأخطاء العلمية الشائعة أو المنهجية أو المعلومات التي تختفي عفوًا فإن الأرض هي الباقية ، وأن عمارتها هي الهدف ، لذا من البساطة بمكان أن نعمل مادام الهدف موجود بجلاء. انظروا للأرض يا أهل الأرض.
تابع بوابة روزا اليوسف علي