عاجل
الخميس 6 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
السلسلة الذهبية الأزهرية.. حماة الهوية
بقلم
حزين عمر

السلسلة الذهبية الأزهرية.. حماة الهوية

إذا كان لنا أن ننسج سلسلة ذهبية من القناديل المضيئة؛ التي صبت زيتها، وأضاءتها مؤسسة الأزهر العريقة ؛ فلا شك في أن حلقات هذه السلسلة تنتظم أسماء بعينها: رفاعة الطهطاوي؛ محمد عبده؛ علي ومصطفى عبد الرازق؛ أمين الخولي؛ طه حسين؛ جادالحق علي جادالحق؛ السيد رزق الطويل؛ عبدالحليم محمود؛ محمد يونس القاضي؛ أحمد الطيب؛ محمد عبد الله دراز ؛:محمد الخضر حسين؛ محمود شلتوت حمدي زقزوق؛ حامد أبو أحمد؛ محمد مختار جمعة؛ محمد فايد هيكل ..ولا يستطيع مغرض أو منصف أن يغيب عن هذه السلسلة الذهبية شيخ هذا الزمان أحمد عمر هاشم..ورؤيتنا فيه وحوله ليست نقلا عن نقل؛ ولا رواية عن راو، بل هي معرفة مباشرة ؛ وتواصل؛ ومعايشة.



هذه السلسلة الذهبية - لمن يسوقه الحقد الدفين والغرض السيئ - لو انتزعناها من حركة مصر الثقافية والوطنية والأكاديمية في خلال القرنين الماضيين ؛ فلن يكون هناك (سياق) ولن تكون هناك (ثقافة)!!.. وهي استمرار لمعركة مزمنة يخوضها الأزهر طوال حوالي ألف عام.. ولا تنظروا للأزهر الآن في هذه الزاوية التي نتعرض لها: زاوية الذود عن الهوية القومية من ثغر  عمادها الأول: اللغة. على مدى تلك القرون الطويلة لم تكن هنالك جامعات تعنى باللغة القومية والأدب والثقافة بعامة.. ولم يكن هنالك مجامع لغوية، ولا صحافة؛ ولا إعلام.. هنالك فحسب لغة قومية تتعرض للهدم والقضم والانتقاص من كل اتجاه : طرد المسلمين من الأندلس؛ غزو صليبي لبلاد الشام؛ اجتياح مغولي لعاصمة العباسيين: بغداد، وإسقاطها عام ٦٥٦ هجرية؛ وإحراق الكتب وإغراقها في نهري دجلة والفرات؛ حكم الدول والإمارات من السلاجقة والبوهيين غير العرب؛ استيراد آلاف العبيد من أواسط آسيا ليتحولوا من عبيد مماليك إلى سادة حكام وليست العربية لسانهم ولا ثقافتهم، على الرغم من تبنيها والدفاع عنها فيما بعد ؛ ولعدة قرون يتمدد العثمانيون الأتراك على جل المساحات العربية، ثم يهجم علينا العصر الحديث بجحافله الغربية الجديدة: فرنسيين وانجليزا وإيطاليين وأمريكان.. وفي كل هذا لا ملجأ؛ ولا مأوى؛ ولا منارة لعماد القومية والأمة: اللغة العربية وثقافتها سوى صرح الأزهر.                                  فماذا إذن عن هذه السلسلة الذهبية من العلماء واللغويين والمفكرين الأزاهرة؛ التي استهلها الطهطاوي واختتمها - حتى الآن - أحمد عمر هاشم؟ يجمع هؤلاء انتماء واحد: هو الأزهر الشريف..وهدف واحد هو الذود عن الهوية: لغة وثقافة ودينا.. لكن وسائلهم متعددة؛ لا تسير في اتجاه واحد.. هذه الوسائل يمكن أن تتخذ ثلاثة اتجاهات:  _ الانفتاح على الغرب المتقدم، واكتساب آليات القوة لديه: الطهطاوي؛ أمين الخولي؛ عبدالحليم محمود؛ حمدي زقزوق.  _ العلاج بالصدمة لإفاقة المجتمع: طه حسين؛ علي عبدالرازق؛ حامد أبو أحمد.. _ المواجهة المباشرة: محمد عبده؛ ولحق به عبدالله النديم في الثورة العرابية؛ ثم محمد يونس القاضي.... _ العقل والموعظة الحسنة: أحمد الطيب؛ أحمد عمر هاشم؛ السيد رزق الطويل؛ عبده زايد؛ محمد مختار جمعة.                          

    الانفتاح 

خريطة الصراع بين الشرق: نحن؛ والغرب: أوربا؛ كانت مطروحة على مائدة العقول في مطلع عصرنا الحديث. ولم يغب عن هذا الطرح رجل غير عربي وغير مصري لكنه أكثر عروبة ومصرية من ملايين ينتسبون لهذه الهوية؛ ومن حكام عرب كثيرين سابقين ولاحقين.. إنه محمد علي..نظر الرجل في هذه الخريطة؛ فرأى أن النصر للقوة وأن القوة في العلم.. فكان قراره ودأبه بالانفتاح على الغرب القوي العالم. ومد يده ليخرج من جعبة الوطن شبابا أرسلهم لجني ثمار العلوم الأوربية..وجوهرة هذه الجعبة هو السوهاجي الطهطاوي رفاعة رافع. أمسك الطهطاوي بخيط القوة: العلم ؛ ونهل واغترف من علوم فرنسا ما شاء له الاغتراف. وعاد ليحض أهله على سلك هذا الدرب عبر (خلاصة الإبريز في وصف باريز)؛ وغيره من الكتب. ونفذ على أرض الواقع ما تعلم على أرض الفرنجة.. فكانت (الوقائع المصرية)؛ والمدارس والتعليم الجديد. بعد عقود مارس هذا الانفتاح أزهري آخر ؛ ليس بشهرة الطهطاوي؛ وإن اقترب منه تأثيرا.. هو الشيخ المعمم المستنير جدا: أمين الخولي..كانت قبلته إيطاليا لا فرنسا : المنتمي الطهطاوي لمدرستها وكذلك طه حسين ؛ ولا انجلترا القريب من ثقافتها عباس العقاد..فأرسى الشيخ أمين الخولي مدرسة ثالثة في الفكر العربي الحديث؛ مع المدرسة الانجليزية العقادية والمدرسة الفرنسية لريادة الأزهري طه حسين.. فكانت مدرسة أخرى ليست بشهرة الدولتين الأخريين؛ لكنها عميقة في الحضارة البشرية؛ ثقافة إيطاليا الحديثة وروما القديمة. سنوات قلائل بعد عودة الشيخ أمين من إيطاليا والتف حوله (الأمناء)؛ وهم نخبة أعمدة الأكاديمية المصرية في القرن العشرين والقرن الحالي: شكري عياد ؛ عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطئ)؛ عزالدين إسماعيل ؛ عبدالله خورشيد؛ عوني عبد الرؤوف.. مع صلاح عبدالصبور وفاروق خورشيد.. وغيرهما. ومع اتجاه الانفتاح الأزهري هذا ورمزيه الكبيرين ورمزي الوطن كذلك: الطهطاوي والخولي.. نستطيع أن ندرج كثيرين تالين لهما: عبد الحليم محمود ومحمود حمدي زقزوق وأحمد الطيب وحامد أبو أحمد.                              

     الصدمة!! 

قبل أن ينحت مصطلح (العلاج بالصدمة) مارسه طه حسين تلقائيا أو تعمدا..وهو يوجه اللكمات للجمود الاجتماعي والعقلي عبر كتابه: (في الشعر الجاهلي) وسيرته الذاتية: ( الأيام) وبعض مقالاته عن الأزهر وعدد قليل من شيوخه. اصطدم العميد مباشرة بحائط صلب من التقاليد الجامدة التي لم يعد لها مكان في عصرنا الحديث؛ داخل المؤسسة العريقة، بصفتها مؤشر المجتمع المسلم وبوصلته..لا في مصر فحسب بل في أرجاء العالم الإسلامي كذلك.. وربما كان يرى أن صمود الأزهر لألف عام ؛ وحمايته للغة والثقافة والهوية؛ يحتم عليه أن يتطور ويأخذ بمقود القوة التي أخذ بها الأزهريان: الطهطاوي من قبله والخولي من بعده  وعلى الرغم من سخط بعض الأزهريين ؛ ومن معاقبة طه؛ فإن طريقة (العلاج بالصدمة) قد آتت أكلها؛ وأضاءت مشاعل شتى في بقاع وطننا العربي. وظل طه حسين هدية من هدايا الأزهر القيمة التي لم يتوقف عن نفح المجتمع العربي الإسلامي بها. لم يكن العميد وحده في تيار العلاج بالصدمة هذا..فهنالك الأزهري الكبير علي عبدالرازق و(الإسلام وأصول الحكم)؛ ونفيه لظن قديم مستقر بوجود خلافة وخلفاء للدولة الإسلامية طوال قرون؛ وما كان في الأمة من خلافة إلا الراشدين - وربما إلا أبا بكر وحده!! - ثم سارت الأمور (ملكا عضوضا) يتصارعون عليه، كما تسرد كتب التاريخ. وفي صمت وهدوء جاء ورحل رجل ثالث من الأزاهرة المحترمين المؤمنين والمنفذين لآلية العلاج بالصدمة: هو الدكتور حامد أبو أحمد العميد الأسبق لكلية اللغات والترجمة ؛ والمتواصل مع جذورنا البعيدة هنالك في الأندلس ؛ عبر دراسته في إسبانيا. وقد شاء الراحل حامد أبو أحمد أن يطلق رصاصة على مفاسد المجتمع غالبا ومظاهر الروتين في الأزهر أحيانا من خلال كتابه: (الشهاب)؛ الذي أصدره قبيل ثورة ٢٥يناير بشهور قليلة.. وجاءت الثورة نفسها منقذا  له من تنكيل السلطة به؛ وربما فصله من العمل  واعتقاله..كما جاءت الثورة بسلبية في المقابل بالنسبة له: لم يلتفت الناس إلى شهادته الحادة الجادة الحاسمة في الشهاب..الناس كانت مستغرقة في الصراخ والهتاف والاحتشاد بالميادين، لا في تأمل نتاج تجربة لمفكر ؛ وتعاطي علاج قدمه بين دفتين..وترك الرجل شهادته بعد سنين ؛ ورحل في هدوء ؛ على أمل أن يلتفت أحد لتجربته هذه..وأنا أول الملتفتين!!                                      المواجهة 

لا نتوقف عند قيادة الأزهر للشعب في ثورتي القاهرة الأولى والثانية ضد الاحتلال الفرنسي ؛ ولا تزعمه للتيار الوطني في ثورة ١٩١٩ ؛ بل نشير - كدأبنا في هذه الكلمة - إلى قيادات منه أعادت تشكيل المجتمع ؛ ودفعه للأمام؛ وتخليصه من شوائب الجهل والتخلف والفساد.. ونقصد هنا مواجهة الرمز الأزهري الكبير الشيخ محمد عبده. كان (الأستاذ الإمام) يرى أن مواجهة الطامعين من الإنجليز والأوروبيين بعامة والخديوي توفيق الفاسد وما يمثله ؛ إنما تتأتى بالتعليم ونشر الوعي وتثقيف الناس وحسن تربيتهم.. وكان بصفته أحد مؤسسي الحزب الوطني الثائر بقيادة عرابي ؛ يتبنى هذا الموقف في بدء المعركة الفكرية والسياسية بين الطرفين المتناقضين: الوطنيين بقيادة عرابي؛ والخونة بقيادة توفيق؛ ثم انضم إليهم سلطان باشا ومن خلفهم الإنجليز المتربصون الواقفون على الأبواب للغزو والاحتلال. لكن صوت الحكمة هذا لم يجد له موطئ قدم بين عرابي ورجاله الثائرين المصرين على المواجهة العسكرية. ولذا لم يشق الجماعة ويخرج عن طاعتها ؛ والتزم بالمواجهة كما يلتزمون ؛ وراح يدعو لها ؛ ويحشد حولها؛ ويحبذها في أعين الشعب.. ويحمل معه هذا (الملف) الشاعر والخطيب والصحفي عبدالله النديم . .وعلى الرغم من انكسار شوكة المواجهة هذه فإن آثارها وثمارها نمت في النفوس؛ وازدهرت حتى أثمرت ثورة ٢٣يوليو ١٩٥٢ بعد عقود..هذه الثورة التي سبقها وشهدها وعاشها واحد من الأزهريبن المواجهين بالكلمة الجماهيرية واسعة الانتشار: الشيخ محمد يونس القاضي ؛ صاحب نشيد (بلادي بلادي) وأغنية ( يا بلح زغلول) وعشرات الأغاني والمسرحيات المواجهة للاحتلال الإنجليزي.                               العقل والموعظة 

جدول رقراق يصب فيه الأزهريون من روحهم ؛ وعقولهم؛ وعلمهم؛ وتواضعهم..هذا الذي نسميه ( الدعوة بالعقل والموعظة الحسنة).. كتيار من تيارات نهوض الأزهر بالمجتمع. فمع آليات الانفتاح على الغرب؛ والعلاج بالصدمة؛ والمواجهة المادية المباشرة ..يظل أصحاب الكلمة والحجة الدامغة سائرين في طريقهم؛ في شتى الأزمنة..وفي زمننا هذا يتخذ موقعه من المسؤولية رجال مخلصون كالراحلين محمد متولي الشعراوي وعبد الحليم محمود وجادالحق علي جادالحق.. وبين أيدي المجتمع من هؤلاء المصلحين بالكلمة والرأي والحجة: أحمد الطيب ومحمد مختار جمعة وأحمد عمر هاشم .. ودورهم معقد مركب؛ لأنه يمارس في ساحات شتى وميادين عدة. أولها ساحة السلطة. وهنا يبرز موقف الشيخ أحمد الطيب - لا بصفته الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر فحسب - بل كذلك كمسلم دارس باحث عالم منصف واع ؛ يدرك حدود الاجتهاد ؛ ويدعو إليه؛ ويحبذه؛ وفي الوقت نفسه لا ينساق وراء البدع الضارة  الدخيلة على الدين والمنحرفة عن العقيدة..كأن تجرم أو تحرم السلطة تعدد الزوجات ؛ أو منع الطلاق وتقييده بما لم يرد في الشرع ؛ بحجة الدفاع عن المرأة وإنصافها!! وكأن المرأة في ميدان حرب مع الرجل !! وكأننا نعيد اجترار فساد الغربيين لا ميزاتهم..فيما يتعلق بالأسرة ومكوناتها ؛ بشكل أعمى أصم. فما يناسب مجتمعهم لا يناسبنا؛ مما يخوضون فيه الآن متدرجين من تمزيق العلاقات الأسرية السوية ؛ وإقامتها على أساس التنازع والتصارع والمصالح بين الزوجين ؛ ثم محاصرة فكرة الزواج والتنفير منها ؛ فانتشار التحلل ؛ ثم أخيرا إباحة الشذوذ وما يتصل به من التزاوج بين الرجل والرجل والأنثى ومثيلتها!!  هذه الطريق تؤدي في نهايتها إلى انقراض العنصر البشري!! وقد بدأت بوادر الانقراض فعلا في أوربا : فتجمد عدد السكان؛ ثم راح يتراجع في ألمانيا وغير ألمانيا. بعض الحكام يدفعوننا - تقليدا لفساد الغرب لا ميزاته التي يتجاهلونها !! - في هذا النهج ؛ وما يتلوه كذلك مما يسمونه (الديانة الإبراهيمية) ..ثم نزعات الإلحاد وتسفيه العقائد من ثلة جاهلة أو مغرضة أو ممولة من جهات معادية.. وهنا بدا الدور المشهود والمحمود من كل مفكر واع - حتى لو كان غير مسلم - دور الدكتور أحمد الطيب ..هو الآن يواجه التردي ومحاولات تذويب الهوية ؛ بوسائله العقلانية والحاسمة في الوقت نفسه. وفي ساحة أخرى غير ساحة السلطة وقلة وعيها ومحاولة تقويضها للهوية.. تجري معركة الأزهريين مع أسراب من الجراد البشري الوهابي الجاهل - يسمون أنفسهم سلفية!! - لتسطيح دين الله؛ ولوي عنق العقيدة بما يناسب مموليهم !! وعلى الرغم من انحسار هذا التيار الصحراوي في مسقط رأسه - السعودية - والتفات أهل الحكم هناك إلى خطورته ؛ وسعيهم لتصفيته والتخلص من أعبائه الثقيلة، فإن وهابيي مصر مازالوا شوكة في حلقها، يتصدى لهم رجال أشداء العقل مثل محمد مختار جمعة، وقبله، ومعه أستاذه وأستاذ أجيال شتى: أحمد عمر هاشم.                                 أحمد عمر هاشم  

مس من البلاغة العالية؛ عرق من اللغة الرصينة؛ خيط من الصوفية والزهد؛ سلسال من المعارف الدنيوية ؛ فيض من الإلمام بالشريعة والتفسير والفقه ؛ ومحيط لا قعر له من علم الحديث : حفظا ؛ ورواية؛ وجرحا ؛ وتعديلا..ذلك هو الحافظ الثبت الثقة فضيلة الشيخ الدكتور أحمد عمر هاشم: عماد تيار الوعي عبر الكلمة المضيئة ؛ والحكمة الهادئة؛ والحجة الدامغة القاطعة. أحمد عمر هاشم استوعب علاقة المؤسسة الأزهرية العريقة بالمجتمع المتجدد الفوار بسائر أشكال التيارات السياسية والأيديولوحية؛ وراح يبني لبنات مصالحة بين هذا وذاك .لا على الأوراق الحافلة بالعلم فحسب؛ بل كذلك تنقلا وتواصلا بين سائر فئات الشعب. تراه ضوءا ساطعا بالحق في المساجد؛ والنوادي؛ والجمعيات؛ وحفلات الزواج؛:وتجمعات المآتم .. وكان لي شرف مزاملته في تجمع آخر للنخبة - حينذاك قبل تدهوره واندثاره! - هو اتحاد الكتاب. هذا التواصل الحميم، والحب العميم الذي يحل أينما حل الدكتور أحمد عمر هاشم كان مظلتنا ونحن نصحبه في مجلس إدارة اتحاد الكتاب..وكان الرجل يعالج مشكلات الأدب والأدباء ؛ ويتعرض لقضايا الثقافة والمثقفين، ويتصدى لهموم المبدعين كما لو كان لا هم له ولا انشغال إلا الأدباء والمثقفون والمبدعون. كانت جلسات ذاك المجلس - ربما منذ عقدين - تشهد مناوشات ومشاحنات حادة ؛ تجرح سهامها نفسيا من يترامون بها..فإذا بكلمة ود  وإشارة حب من هذا الحكيم الأديب العالم تفض الاشتباك في برهة؛ وتصب البرد على نار المشاحنة. والحق أن أيا من الأدباء أعضاء مجلس إدارة الاتحاد لم يكن ملزما بهذا الحب والتبجيل ؛ فلا قهر فيهما ؛ لكنه اليقين في حياد هذا الشيخ، وموضوعيته ؛ ومن وراء هذا جميعا كان قبلة لكل منهم ؛ كمسؤول كبير في جامعة الأزهر والحزب الوطني والبرلمان في بعض دوراته..فكل مشكلة لأديب حلها لديه: خاصة أو عامة..وكل أزمة تنفرج على يديه بإذن الله. لم يكن يشارك الدكتور أحمد في هذه المكانة أو الميزة أو المكرمة سوى الراحل الكبير ثروت أباظة: رئيس الاتحاد وأحد مؤسسيه ووكيل مجلس الشورى لدورات عدة..فبعد رحيله عن الاتحاد ؛ وبعد التفات أحمد عمر هاشم وأحمد هيكل وأضرابهما عن هذا الكيان، أحس أكثر الأدباء باليتم ؛، وأن ركلة كبرى أطاحت بهم إلى هاوية، أو أن بدا أنفة مشمئزة حملتهم ببنانها، ورمتهم إلى جوار حائط!!                                    

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز