عاجل
الأحد 9 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
شتاء غير مرغوب فيه

شتاء غير مرغوب فيه

بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني

أكره الشتاء منذ الصغر.. يثير ذكرياتي الكثيرة ويصيبني بالصداع.. فربما كنت أعشق الكاكاو الساخن لكنني بالتأكيد أكره كيف تصيبك بالكسل الشديد بعد نصف ساعة من تناولها.. وهذا هو الشتاء بالنسبة لي..



الشتاء في رأيي ليس فصلًا مناسبًا لبداية علاقات عاطفية جديدة.. وقبل أن تتذمر من كلماتي عليك أن تعلم أن ما تشعر به في الدفء قد يتغير تمامًا مع أول نسمة صيف.. لطلما اتهمنا الصيف بأن حب شواطئه يشبه قصور الرمال ، ولكن الحقيقة أن قصر الرمال حين ينهار لا يزعج ساكنًا واحدًا ، أما حب الشتا فحب استغرقت فيه العمق فيك والذكريات والمزيد المزيد من الأحلام.. لأن الشتاء يعطيك العمق.. يتغلغل الدفء في العظام ويمر نسيم الصيف بجوار الجسد.. لذا حين تعشق في الشتاء فإنك تعشق حالة دافئة إذا لم تحتجها بعد الشتاء ستتضر لاقتلاع جذورها من الأعماق بصعوبة.. حذار من الشتاء..

يقولون في مصر (الشتا عمره قصير) وهذه حقيقة تجعل هذه البلاد تلائمني أكثر وأكثر ، فثلاثة أشهر من الشتاء الدافيء نسبيًا ترضي أملي بأن الشتاء سينتهي قريبًا ، لكن هذا الفصل القصير أحيانًا يزعجك إذا انخرطت فيه ، فأصدقائي الشتائيو المزاج لو صح التعبير يظلون طوال العام ينتظرون ثلاثة أشهر وأصدقائي الصيفيو المزاج وهم قلة يشعورن بالشتاء كشوكة صغيرة تزعج كل الجسد ، ومن أصدق ما سمعت من أحدهم عن الشتاء : (ينقص عمري ثلاثة أشهر كل عام).. فالحياة في الشتاء كسولة خجولة لا تأتيك سعيًا بل تخبرك بأمارات تعني أنها حية تحت الغطاء..

أفتخر بكوني من مواليد فصل الربيع ، بل وعشية شم النسيم أيضًا ، ومواليد هذه الفترة يعانون دومًا من إصابتهم بحالة من الإيقاع السريع دائمًا طوال حياتهم ، حتى أن السبب الرئيسي لإحباطاتهم ربما يكون أنهم يصلون لمرحلة يظنون فيها أن الحياة أبطأ من خطواتهم فيتوقفون فجأة ، وهذا ما أحاول الهرب من الوقوع فيه ، وإذا بالشتاء يقدم لك وجبة دسمة من الإيقاع البطيء بكل مظاهره الكسولة ، لذا ألجأ لأشياء أخرى لتسريع الحركة ، أجهز مثلًا لحفل رأس السنة شهرًا كاملًا حتى أشعر أن العام قارب على الانتهاء ، وأشترى الكثير من الملابس لكل مناسبة رغم أني أكره ملابس الشتاء ورائحة الصوف ، مع ذلك يظل الربيعيون معانون في الشتاء.

أعرف أن فصل الشتاء مظلوم معي ، لكن أي شيء أفضل من أن تفتح النافذة صباحًا لتقبل وجنتيك شمس ساطعة تطلب منك أن ترتدي ثوبًا ملونًا يجيد النسيم تكسير موجاته؟!.. لا شيء يغريني بفتح صفحة الشتاء سوى المطر.. فياليت الاحتباس الحراري يجلب المطر صيفًا.. من يدري ؟! ويسعدني كثيرًا أن الشتاء تأخر هذا العام.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز