عاجل
الإثنين 2 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الأم.. عود المسك

الأم.. عود المسك

يحتفل ملايين الأبناء بأمهاتهم، الطيبات الصابرات، اللائي دفعن حياتهن وما يملكن برضا، من أجل أبنائهن، وفي هذا اليوم من كل عام يقدم الأبناء لمسة وفاء للأم في يوم عيدها.. ومهما كانت نعم الدنيا التي وهبها لنا الله جميلة، تظل الأم أجمل ما فيها.



"الأم".. كلمة يحويها من الجمال ما لا يحوي غيرها، الجنة تحت أقدامها، كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، هي الحنونة، الصابرة، الحريصة على بقائنا، إنها سر من أسرار الوجود.

 "الأم"، رمز الحب والعطاء والتضحية.. سبب من أسباب السعادة، جعلها الله عز وجل كنزًا، لا تشعر به إلا بعد فقده، هي "مشروع استفادة" للأبناء، في الدنيا قبل الآخرة، نجني من ورائها كل الخير بطاعتها.. وحب الناس يكون في ازدياد ببرك لها في حياتها وبعد مماتها.

 

إن "قلب الأم مثل عود المسك كلما احترق فاح شذاه".. مثل هندي يبين أهمية الأم في حياتنا، فتُرى ما علاقتك بأمك، هل علاقتك بها علاقة حنان فقط؟ أم يوجد أكثر من ذلك؟!

كان هناك في القديم عرب يسكنون الصحراء طلبًا للمرعى، ومن عادة العرب التنقل من مكان إلى مكان، حسب ما يوجد العشب والكلأ والماء، وكان من بين هؤلاء العرب رجل له أم كبيرة في السن وهو وحيدها، وهذه الأم تفقد ذاكرتها في أغلب الأوقات، نظرًا لكبر سنها، فكانت تُهذي بولدها فلا تريده يفارقها.

وكان تصرفها الغريب يضايق ولدها منها، واعتقد أن هذا سيقلل من قدره عند قومه، هكذا كان نظره القاصر!

وفي أحد الأيام أراد قومه الرحيل لمكان آخر، فقال لزوجته: إذا ذهبنا غدًا، اتركي أمي في مكانها واتركي عندها زادًا وماءً حتى يأتي من يأخذها ويخلصنا منها أو تموت وحيدة!

فقالت زوجته: سوف أنفذ أوامرك.. وتركت الزوجة أم زوجها بمكانها كما أراد زوجها، ولكنها فعلت أمرًا عجيبًا، لقد تركت طفلهما الرضيع معها، وكان والده يحبه حبًا عظيمًا، فإذا دخل البيت ليستريح، طلبه من زوجته ليلاعبه ويداعبه.

وساروا جميعًا، وفي منتصف النهار رغب القوم في راحة بعض الوقت، وجلس كل مع أسرته، فطلب الرجل ابنه كالعادة ليتسلى معه، فقالت زوجته: تركته مع أمك، لا نريده!

قال: ماذا؟ وهو يصيح بها، قالت: لأنه سوف يرميك بالصحراء كما رميت أمك!

فنزلت هذه الكلمة عليه كالصاعقة، فلم يرد على زوجته بكلمة واحدة، لأنه رأى أنه أخطأ فيما فعل مع أمه.

ركب فرسه وعاد لمكانهم مسرعًا، لعله يدرك ولده وأمه قبل أن تفترسهما الذئاب.

وصل الرجل إلى المكان وإذا أمه ضامة ولده إلى صدرها مخرجة رأسه للتنفس، وحولها الذئاب تدور تريد الولد لتأكله، والأم ترميها بالحجارة، وتقول لها: "ابتعدي هذا ولد فلان"!

وعندما رأى الرجل ما يجري لأمه مع الذئاب قتل عددًا منها وهرب الباقي، وحمل أمه وولده بعدما قبّل رأسها وهو يبكي ندمًا على فعلته، وعاد بها إلى قومه، فصار من بعدها بارًا بها لا تفارق عيناه عيناها، وصار إذا شدت العرب الرحيل لمكان آخر يكون أول ما يحمل على الجمل أمه، ويسير خلفها على فرسه، كما زاد غلاء زوجته عنده لفعلتها الذكية، والتي علمته درسًا لن ينساه أبدًا.

تحية لكل أم في يوم عيدها.. ورحم الله من فارقت دنيانا لرب رحيم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز