أشرف أبو الريش
غزة.. الإعمار والجهود المصرية
هنا فى هذا الوطن كتب الله علينا الرحمة، المصريون وضع الله فى قلوبهم طاقة من المحبة لكل شعوب الأرض، هذا قدر مصر منذ ٧٧ عامًا، أن تقف مع الأشقاء فى فلسطين، وغيرهم من الدول العربية فى سنوات ماضية.
القضية الفلسطينية ستظل القضية المركزية بالنسبة للأمة العربية والإسلامية، وهى قضية إنسانية للدولة المصرية فى هذا التوقيت الصعب بعد العدوان على غزة وتدمير البنية التحتية للشعب الفلسطينى .
فى الشدائد والأزمات التي تعرضت لها دولة فلسطين كانت مصر ولا تزال هى السند للأشقاء وقت المحن.. وعلى مدار ما يقرب من عام وثلاثة أشهر منذ بداية الاعتداءات الإسرائيلية فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ على غزة، وقفت مصر كالجبال الراسية تدافع عن الأشقاء الذين يتعرضون لحرب بشعة وإبادة جماعية وسط صمت مريب من كل دول العالم .
هنا فى القاهرة كانت الإنسانية المصرية تتمثل فى أبطال العمل الأهلى التطوعي، والجمعيات الخيرية كانوا على أهبة الاستعداد بالجهود الذاتية وبمحبة خالصة، تقوم بإعداد قوافل الإغاثة بدون توجيهات من أحد.. هذه المنظومة البشرية المحبة للخير والتي تعتبر أهم روافد القوى الناعمة للدولة المصرية فى عصر الجمهورية الجديدة، التي وضعت أسسًا ولوائح تنظم العمل الخيرى فى إطار مؤسسى يتبع رئاسة الجمهورية مباشرة.. الجميع يسابق الزمن من أجل تجهيز قوافل الإغاثة للأشقاء فى غزة.. الكل يعمل فى إطار ملحمة وطنية خالصة لله أولًا ثم للضمير الإنسانى لأبناء هذا الوطن.
بالأمس القريب وبعد وقف إطلاق النار وبداية الهدنة التي أسهمت القيادة السياسية المصرية فى هذا الاتفاق، ظهرت مصر من جديد بصورة مشرفة، من خلال أسطول من المساعدات الانسانية وأسطول من سيارات الإسعاف المصرية على منفذ رفح الحدودى، استعدادا لنقل الجرحى والمرضى والمصابين من الأخوة الأشقاء فى غزة، للعلاج فى المستشفيات المصرية بالعريش، وظهر نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة، يتفقد بنفسه هذا الاصطفاف لسيارات الإسعاف، فى إشارة لبدء ملحمة إنسانية مصرية جديدة لنجدة الأشقاء الفلسطينيين.
على مر التاريخ وبالوثائق والمواقف ودون شك أو بهتان فقد احتلت القضية الفلسطينية جزءا كبيرا من عقل القيادة المصرية، وهذا الشعب العظيم وحتى هذه اللحظة الفارقة فى تاريخ نضال الأخوة الأشقاء ضد الطغيان الإسرائيلي، كانت المواقف المصرية ثابتة ولن تتغيير، والتاريخ شاهد عيان، ومحبة المصريين لفلسطين والمسجد الأقصى ومدينة القدس، وأهالى غزة فى المحنة الأخيرة وما تعرض له القطاع من تدمير كامل، كانت المواقف على الأرض خير دليل.. هنا فى مصر لدينا من الإمكانيات البشرية القادرة على بناء غزة من جديد، بأياد مصرية خالصة، خلقت لكى تصلح ما أفسدته آلة الحرب الإسرائيلية على الأرض فى البشر والحجر فى القطاع .
التقارير الأممية الأخيرة تشير إلى صدمة كبيرة من حجم الخراب والدمار فى غزة، حيث تم تقدير كمية الركام الناتجة عن الدمار بنحو ما يقرب من 42 مليون طن، وهو رقم يعادل خطًا من الشاحنات يمتد من غزة إلى آخر نقطة فى أمريكا، أو من نيويورك إلى سنغافورة، وفقًا لبيانات بلومبرغ.
تكلفة نقل هذا الركام وحده تبلغ حوالى 700 مليون دولار، وتتطلب هذه العملية سنوات طويلة حتى فكرة التخلص من الركام فى البحر تثير تعقيدات سياسية، حيث يمكن أن تؤدى إلى تغيير جغرافى لتوسيع مساحة قطاع غزة.
التكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار مرة أخرى، تؤكد التقديرات إلى أن تكلفة الإعمار تصل إلى 80 مليار دولار، تشمل هذه التكلفة بناء المدينة السكانية، وترميم البنية التحتية، وإعادة تأهيل الأرض المحترقة بالقنابل الفوسفورية، للزراعة، يطرح هذا الرقم تساؤلات كبيرة حول مصادر التمويل والجهات التي ستتولى تقديم الدعم المالي .
من هذا المنطلق نقول للعالم المتحضر، هل حان الوقت لكى نقف يدا واحدة لبناء غزة من جديد، وأخذ تعهدات على إسرائيل بعدم العودة مرة أخرى للاعتداء على الشعب الفلسطينى الشقيق.. هنا فى القاهرة نحن أول من يمد يده للبناء وإعمار غزة من جديد. تحيا مصر.