أيمن عبد المجيد
زيارة دولة ناجحة بامتياز.. حضارة مصر في عاصمة النور
زيارة دولة ناجحة بامتياز، تُعمق العلاقات الاستراتيجية، وتقتحم القضايا الخلافية، وتبني على قواعد التفاهمات، لبنات جديدة، تعظّم من تحقيق الأهداف وتلاقي السياسات، في مواجهة أزمات العالم والمتوسط.
وزيارة الدولة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، واختتمها قبل ساعات، عائدًا بسلامة الله إلى أرض الوطن، هي أعلى درجات التواصل الدبلوماسي بين دولتين، فهناك أربعة مستويات لزيارات قادة العالم، تختلف باختلافها، المستويات البروتوكولية، وعدد الوفد المشارك وبرنامج الزيارة.
فهناك زيارة الدولة، والزيارة الرسمية، وزيارة العمل للمشاركة في فعاليات دولية، والزيارة الخاصة، وتأتي زيارة الدولة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، على قمة هرم التواصل الدبلوماسي بين دولتين، وتأتي بدعوة من جميع مؤسسات الدولة الفرنسية، يمثلها رئيس الدولة، ويسبق مثل تلك الزيارات تنسيق دقيق لبرنامجها، لضمان نجاح تحقيق أهدافها.
ولزيارة الدولة برنامجها الخاص، وبروتوكولات رفيعة للاستقبال، تشمل: إطلاق 21 طلقة مدفعية، وزيارات الرئيس لقبر الجندي المجهول بميدان "قوس النصر"، بالعاصمة الفرنسية باريس، ووضع إكليل الزهور وزيارة البرلمان الفرنسي- حيث زار الرئيس مجلس الشيوخ- واستعراض حرس الشرف، والخيالة، والإقامة بقصر رئاسي، وحظي الرئيس عبد الفتاح السيسي على استقبال مشرف، يعكس حجم مصر ومكانتها الإقليمية والدولية.
وتعكس تلك الزيارة الناجحة، عُمق العلاقات المصرية- الفرنسية، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتعاظم قدرة الدبلوماسية المصرية، لما للزيارة من أهداف سياسية واقتصادية ودبلوماسية، وثقافية وأمنية وعسكرية.
ففي محيط إقليمي متلاطم الأمواج، بات التنسيق مع قوة عالمية مثل فرنسا، ضرورة ملحة لتحقيق أمن شرق المتوسط، وتحقيق السلم في البلدان العربية، التي تشغل اهتمام فرنسا وتؤثر على أمنها القومي، وفي المقدمة ليبيا، يليها لبنان، وهما الدولتان اللتان أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال المؤتمر الصحفي مع نظيره ماكرون، حرص مصر التام على دعمهما، لإحلال السلام بهما، مؤكدًا في الوقت ذاته أن مصر لا تترك دولة عربية في حاجة لدعم.
ولعل التنسيق الأمني، والتعاون العسكري، بالغ الأهمية، كانا سبب رد الرئيس ماكرون القاطع، على صحفية فرنسية، عندما سألت عن إمكانية وضع شروط خاصة بحقوق الإنسان، لتصدير سلاح لمصر، بأن هذا لن يحدث، كون العلاقات بين البلدين تحكمها المصلحة، والحوار وليس الشروط.
الرئيس عبد الفتاح السيسي، كان رده حاسمًا، على تلك القضية، التي تثيرها وسائل إعلام ومنظمات، واقعة في بئر ضلال الإخوان ودعايتهم السوداء، فقد رد الرئيس بالأرقام؛ في مصر 55 ألف منظمة مجتمع مدني، مرخص لها بالعمل، وتلك المؤسسات شركاء مع الحكومة في التنمية، متسائلًا كم من هؤلاء شكت من إعاقة عملها؟!
وكان الرئيس موفقًا في رفضه الصورة الذهنية الخاطئة، التي يصدرها البعض عن الحكم في مصر، وتشديده على أن دولة بها 65 مليون شاب لا يمكن أن يحكم فيها أحد على غير إرادتهم.
"معندناش حاجة نخاف منها، أو نخفيها، نحن أمة تجاهد للحفاظ على شعبها في ظروف قاسية ومحيط إقليمي شديد الخطورة"، هكذا قالها الرئيس بحزم، معلنًا إطلاق أول استراتيجية لحقوق الإنسان بمعناها الشامل، تقوم على وضعها الحكومة بالتشاور مع منظمات المجتمع المدني.
وبذلك حسم الرئيس قضية، تستخدمها التنظيمات الإرهابية وأذرعها الإعلامية في الغرب، لمحاولة ابتزاز الدولة المصرية، وتشويه الصورة الذهنية للرأي العام الغربي عن حقيقة ما يحدث على الأرض من إنجازات.
ولقد عكس لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرئيس التنفيذي لشركة "داسو" للصناعات الجوية المصنعة لطائرات "رافال" العسكرية؛ سياسة مصر الناجحة في تعزيز القدرات العسكرية والأمنية، بأحدث تكنولوجيا عالمية، مع الحرص على تنويع مصادر السلاح لمجابهة التحديات.
وعلى المستوى الاقتصادي، نجحت الزيارة في تحقيق عدة أهداف، في القلب منها اتفاقيات تعزيز تصدير المنتجات المصرية للسوق الفرنسية، لتحقيق توازن في الميزان التجاري، بما لذلك من أثر مباشر على أرباح المصدرين وفرص العمل، وكذا على الدولة بزيادة النقد الأجنبي.
وتعد فرنسا سوقًا متميزة للسياحة المصرية، والمقاصد السياحية المصرية، أحد أهم وجهات السائح الفرنسي، وتلك الزيارة تشجع عودة السياحة الفرنسية لمصر بقوة، ودعا الرئيس لذلك في مباحثاته، وخلال المؤتمر الصحفي الذي أكد فيه أن حالات الإصابة بـ"كورونا" في المناطق السياحية في مصر، قد تكون منعدمة.
وتشهد مصر نهضة تنموية، وتنمية للمقاصد السياحية، ما بين شاطئية وثقافية من بين أهم المقاصد التي ستضاف لبرنامج السائح الفرنسي، المتحف المصري الكبير، ومتحف قناة السويس.
ومن نجاحات الزيارة، تعميق التعاون الاقتصادي، عبر وكالة التنمية الفرنسية، بما تتيحه من دعم للمشروعات التنموية، فضلًا على اتفاقيات التعاون وجذب استثمارات فرنسية، للسوق المصرية، التي تشهد تنمية غير مسبوقة شهد بها العالم.
ومن بين هؤلاء الذين شهدوا على النهضة التنموية المصرية، أنجل جوريا، سكرتير عام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الذي التقى الرئيس السيسي في باريس، مؤكدًا- بحسب ما أعلنه السفير بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية- "إن مصر حققت نجاحات وإنجازات اقتصادية شهد لها كل الجهات الدولية المختصة".
وقال أنجل: "إن استمرار مصر بذلك الأداء سيجعلها منارة جاذبة للاستثمارات، وقطبًا للتنمية في محيطها الإقليمي بل والعالم".
وهي شهادة من مختص دولي، بما أنجزته مصر، وكان رد الرئيس أن الفضل يعود للشعب المصري، الذي تحمل آلام الإصلاحات الاقتصادية، والتي تؤتي اليوم ثمارها.
مصر تستعيد مكانتها التي تليق بها، ومن ثم الحفاظ على استقرارها وأمنها، ومعدلات تنميتها، مسؤولية كل مواطن شريف، يحلم بغدٍ أفضل، ولعل المنظمات الاقتصادية الدولية، تؤكد تحقيق الرئيس وعده السابق بأن: "مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا".
ومن المكاسب الدبلوماسية للزيارة، التنسيق المصري- الفرنسي، في مواجهة المهاترات التركية في شرق المتوسط، وكذا في ملف تحقيق السلم في ليبيا، ودعم تشكيل حكومة في لبنان، تتولى مسؤولية إصلاح ما أفسدته الصراعات.
أهمية أخرى دفاعية عن الدين وتصحيح لمفاهيم الحرية، فقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الحرية الإنسانية، لا تبيح الاعتداء على الأديان السماوية، داعيًا لحوار هادئ وموضوعي، فليس من المنطقي الإساءة للنبي، وجرح مشاعر نحو مليار مسلم، تحت اسم الحرية، كما ذكر الرئيس الرأي العام الفرنسي، برفض مصر لكل أعمال العنف.
فمصر ترفض العنف، وتؤكد في الوقت ذاته، أن من يرتكبه لا يمثل الإسلام، كون المسلمين مليارًا، تصرف نسبة واحد في الألف تمثل مئات الآلاف من المتطرفين، وهذا غير متحقق، وبالتالي القلة القليلة التي تنتهج العنف مرفوضة، ولا يجب النظر إليها على أنها تمثل الإسلام.
في المقابل رأى ماكرون أن الرسام الفرنسي، لا يمثل الدولة، بل يمثل نفسه ويرد عليه آخرون بالطريقة ذاتها.
الخلاصة: أنها زيارة ناجحة، ورئيس مصر بحجمها، ويعلم بدقة كيف يضع ويحقق سياساتها وأهدافها، فزيارة الرئيس إلى جنوب السودان، لا تقل أهمية، لما لها من أهمية بالغة للأمن القومي المصري، والدبلوماسية البناءة لقواعد التعاون في شتى المجالات.
عاشت مصر عظيمة أبية.