طارق الشناوى
كامل الشناوى وعبدالحليم.. (يصدق فقط عندما يغنى)!!
الأخ الحبيب الأستاذ كامل الشناوى
دار أخبار اليوم
CAIRO EGYPT
U.A.R
قبل نحو أسبوع جاء عيد ميلاد الكاتب والشاعر الكبير كامل الشناوى 116 عاما، وجدت بين أوراق كامل الشناوى هذا الخطاب.
من عبر المحيط أكتب لك معبرًا عن شوقى وحبى وشكرى على كلمتك الحلوة الرقيقة ولأقول لك كل سنة وأنت طيب وأنت سعيد وأنت بكامل صحتك، وكل سنة وأنت تملأ الدنيا شعرًا وحياة وكل سنة وأنت معنا نحبك وتحبنا وتملأ حياتنا بكلماتكم الحلوة.
أقبلك وإلى اللقاء القريب
إن شاء الله
أخوك
عبدالحليم
ما تقرأه هو الرسالة تلك التي بعث بها «عبدالحليم حافظ» إلى «كامل الشناوى» فى مطلع شهر ديسمبر 1963 لكى يشاركه احتفاله بعيد ميلاده. كان «عبدالحليم حافظ» حريصًا على أن تتأكد أواصر صداقته بكبار الكتاب وعلى متابعة ما يكتبونه حتى لو كانت كلماتهم نشرت فى غيابه فى وقت كانت المسافات الجغرافية تلعب دورًا لا ينكر، فأنا أتحدث عن رسالة يتجاوز عمرها 60 عاما، تؤكد إلى أى مدى كان «عبدالحليم» دائمًا فى حالة يقظة.. تجد فى كلمات الرسالة شيئا خاصا حميما يعبر عما كان يجمع بين «كامل الشناوى» و«عبدالحليم حافظ» حيث منح «كامل الشناوى» قوة دفع لعبدالحليم فى بداية مشواره بعد أن قدم أغنية «على قد الشوق اللى فى عيونى» عام 1954، اعتبرها «كامل الشناوى» فى مقال نشره على صفحات جريدة «الأخبار» بمثابة الطائر الذي حلق بعبدالحليم إلى سماء النجومية.. وكان «كامل الشناوى» صديقًا للأربعة الكبار فى دنيا النغم.. كثيرًا ما كان بينهم صراعات معلنة ومستترة «أم كلثوم»، «عبدالوهاب»، «فريد»، «عبدالحليم»؛ ورغم ذلك كان لكل منهم فى قلب «كامل الشناوى» مساحة خاصة!!
فى حياة «عبدالحليم» كان حريصًا على أن يظل محاطًا بالكبار «كامل الشناوى»، «مصطفى وعلى أمين»، «إحسان عبدالقدوس»، «أحمد بهاء الدين»، «صلاح جاهين» ثم ينتقل إلى الجيل التالى «وجدى الحكيم»، (مفيد فوزى) «منير عامر»، «محمود عوض» وغيرهم، ليظل فى بؤرة الإعلام. ونكتشف أن الإعلام كان يمنح «عبدالحليم» مساحات كانت تتجاوز حتى ما هو ممنوح لأم كلثوم.. لا يمكن أن نعزى ذلك سوى لسبب واحد إنها جاذبية «عبدالحليم».. نعم فى حياته كان قادرًا على أن يسيطر على الإعلام مرئيًا ومسموعًا ومقروءًا.. الموهبة لا تكفى فقط لكى تحافظ على نجاحك ينبغى أن تتوفر لها حماية أخرى من خلال الإعلام!!
ورغم ذلك فإن كبار الكتاب كانت لديهم أيضًا قدرة على أن يرسموا بدقة صورة «عبدالحليم حافظ» يكتشفون المناطق السهلة والممنوعة وهذا هو ما دفع «كامل الشناوى» إلى أن يطلق عليه تعبيرا صار لصيقًا به وكأنه مفتاح لشخصيته «عبدالحليم يصدق إذا غنى ويكذب إذا تكلم».. البعض يرى فيها نصف الكوب الفارغ (عبدالحليم إنسان كاذب)، إلا أنك لو تأملت النصف الثانى ستجده ملآنًا يؤكد أن(«عبدالحليم حافظ» فنان صادق) وأنه خلق لكى يبدع فنًا، كل شيء بالنسبة لعبدالحليم لديه وظيفة واحدة ووحيدة وهى أن يضع «عبدالحليم حافظ» فى مكانة خاصة.. قد يضحى بصداقة، قد يلجأ إلى الضرب تحت الحزام، قد يسطو على لحن أو ملحن أو شاعر، من الممكن أن يستخدم سلاح السخرية أو حتى التشنيع، قد تبدو مثل هذه الكلمات تحمل قدرًا من القسوة، دعونا نتفق أن كل العمالقة فى حياتنا ليسوا ملائكة ولهم مناطق ضعفهم وهكذا «عبدالحليم حافظ»، الذي لم يعرف الصدق إلا فقط عندما يغنى، وهكذا عاش فى حياتنا ويتجدد لقاؤنا به فى ذكراه وأيضا فى ذكرى من بشروا بموهبته مثل الشاعر والكاتب الكبير كامل الشناوى!!.