عاجل
الخميس 26 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

حتى لا تكوني مثل مريم في فرصة تانية

كيف تتصرفين مع عنف زوجك؟

الأسرة تقوم على أسس ومنها الاحترام المتبادل والمودة والرحمة، وعندما يتبدل ذلك بالعنف الأسري سواء بالضرب أو النقد والتوبيخ المستمر وعدم استخدام المدح والعاطفة، كل ذلك وأكثر يفكك من كيان الأسرة واستقرارها، ونحن أمام قضية مهمة تزداد يوما بعد يوم، هي العنف ضد الزوجات، وقد جسد مسلسل "فرصة ثانية" هذه القضية من خلال مريم، التي تقوم بدورها الفنانة هبة مجدي، والتي تعاني من عنف جسدي ولفظي ونفسي من قبل زوجها الذي يقوم بدوره الفنان دياب.



 

الدكتورة إيمان عبد الله، استشاري الإرشاد الأسري والصحة النفسية، تؤكد أن هذا الموضوع شغل الباحثين والعلماء، حيث أثبتت دراسة حول العالم عن أبرز أسباب العنف، وأكثرها هو تعاطي المخدرات، ويأتي بعده في الترتيب الأمراض النفسية والاجتماعية لدى أحد الزوجين أو كليهما، ثم اضطراب العلاقة بين الزوجين لأي سبب آخر.

 

ولفتت إلى أن الأسباب التي تؤدي للعنف ضد الزوجات هي دوافع ذاتية تنبع من ذات الإنسان ونفسه، التي تقوده نحو العنف، ودوافع اقتصادية فعندما يكون وضع الزوج متدنيًا اقتصاديا يستخدم العنف إزاء أسرته لتفريغ شحنة الإحباط والفقر الذي تنعكس آثاره بضرب الزوجة أو أي طريقة منفعلة، وهناك الدوافع الاجتماعية التي تتمثل في العادات والتقاليد التي اعتاد عليها المجتمع، والتي تطلب من الرجل قدرا من الرجولة في قيادته لأسرته من خلال العنف والقوة، وذلك هو مقتبس الرجولة وهناك أمثلة لذلك مثل "اكسر للبنت ضلع يطلعها أربعة وعشرين"، "ادبح لها القطة"، كل ذلك وأكثر تراث ثقافي لمفهوم القوة والرجولة، ولذلك ينتج العقد النفسية وتفاقم الحالات المرضية وزيادة السلوك العدواني، وتتفكك الروابط الأسرية وتتلاشى الأسرة، ويقود ذلك لتهديد كيان المجتمع.

 

 

وأوضحت أن هناك ظاهرة هي الأكثر انتشارا، وهي العنف ضد الزوجات من خلال الضرب المؤلم الذي لم يأتِ من فراغ، فالزوج الذي يضرب زوجته كان لديه في مرحلة الطفولة نموذج أسري يحتذي به، فشاهد الأب يضرب أو يهين الأم، فعندما يكبر الابن يتوحد مع سلوك الأب ويقلده، رغم كرهه للأب، فأصبح سلوك الأب قدوة للابن، وأحيانا يشعر الزوج بأنه أقل من زوجته في المكانة العلمية أو العملية والاجتماعية هذا الإحساس بالنقص يجعله يفرض قوته الجسدية، فيستخدم الضرب لأنه عاجز عن لغة الحوار والمناقشة، وغير قادر على مقاومة الفكر بالفكر، فاعتاد على الضرب منذ الصغر كأسلوب للاستجابة، وللأسف هناك أزواج كثيرون يعتقدون بأنهم اشتروا تلك الزوجة المسكينة التي عليها جميع الأدوار والمسؤوليات مكبلة بجمل لا تنتهي من قبل الزوج، فهي من تشبع رغباته وتربي أولاده وتنظف وتعد الطعام وتعمل وتنتج، فهو لاغي قضية الحقوق والوجبات، فليس لديها أي حق إلا بما يجود هو عليها، وللأسف هناك أشخاص يعانون من خلل واضطراب في الشخصية فيمارسون الشك والانفعالات السريعة والغضب لأتفه الأسباب، ولا يشعرون بالذنب تجاه تصرفاتهم، والحقيقة أن الأزواج متساوون في الحقوق والواجبات وليس العكس.

 

 

وعند وقوع الضرب على الزوجة تنصحها د. إيمان بألا تغمض عينيها عن الموضوع أبدا، لأن الصمت هنا أكبر غلطة في حق نفسك، فعند سكوتك عن الإهانة تعطيه تصريحًا بأنه يستمر طوال حياته بهذه الطريقة، وهو ما فعلته مريم في مسلسل "فرصة ثانية"، وعندما يطلب منكِ شيئا يطلبه بالقوة، فهي الوسيلة التي يتخذها لإسكات الزوجة وتلبية احتياجاته دون معارضة، وإذا كان أول مرة يضرب يجب أن تتصدى الزوجة للأمر لأن بعض الزوجات تخلق مبررًا لسلوك الزوج، وهذا مرفوض منهن، ويجب على الزوجة أن تعي أن تلك الأمور يمكن مناقشتها بينهما بالمنطق وليس بالضرب، وتقول لزوجها بشكل واضح وصريح دون تردد منها أن تصرفه غير مقبول وأنها لن تسمح له أبدا أن يمد يده عليها، وأنها لن تسكت عن هذا التصرف أبدا، وهذه التهديدات جيدة، لكن إذا تكرر الضرب مرة ثانية يجب أن تصعد الأمور إلى مرحلة التهديد، فإذا كان يخشى من إعلان ذلك لأهله أو لأهلها إذا لم يتراجع فلا بد من فضحه أمام أهلها إن كان يخشى منهم، أو أهله وإذا استمر تأتي مرحلة التنفيذ للتهديد فتلجأ الزوجة لأهلها لمساعدتها وإذا كان لأهله دور جاد وفعال فلا مناع من الاستعانة بهم والأهم من ذلك هو رد فعل الزوجة في أول مرة عند ضربها، فإبداء الاستياء والرفض والتجنب وعدم التحدث معه إلا عندما يعلم جيدًا أن التفاهم والحوار هو الطريق للعيش معك غير ذلك لا حياة بيننا ويبلغ الأهل بذلك، حيث قال الله تعالى "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما".

 

وشددت عبد الله على ضرورة وجود أسس منذ العام الأول من الزواج وأن العنف في معالجة الأمور مرفوض، فإذا استسلمت الزوجي للعنف يترك لها شرخا فظيعا في نفسيتها ويؤثر على العلاقة الزوجية، ولذلك لا بد من منهج تروٍ حتى لا تنفجر الأسر وتتفكك سلامتها واستقرارها، فيجب أن يتعلم الطفل منذ طفولته المودة والرحمة بين الجنسين في الحياة الزوجية لكي ينشئ على هذه المبادئ ويتبعها طوال حياته، فالمنهج الرباني لعلاج لتلك الحالات قول الله تعالى: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا"، فهو منهج وقاية وحماية للزوجة من العنف الأسري، ونهى النبي- صلى الله عليه وسلم- عن ضرب الوجه ومتى دعت الحاجة إلى الضرب فهو ضرب غير مبرح.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز