أشرف أبو الريش
دار القرآن الكريم فى العاصمة
شاهد المصريون والعالم وقت انعقاد «القمة الإسلامية» الاقتصادية للدول الثمانى النامية الأسبوع الماضى فخامة العاصمة الإدارية التي انعقدت فيها هذه القمة، وسط انبهار من المشاهدين المتابعين لهذه الدورة من الانعقاد على القنوات الرسمية المصرية.
الأغرب فى الموضوع حالة الانبهار والإعجاب من الحاضرين أنفسهم للقمة، الرؤساء الضيوف والأطقم المعاونة، المتحدثين الرسميين، والسكرتارية، والمساعدين والحراسات، الكل يقول فى نفسه كيف صنعت مصر هذه المدينة الفريدة من نوعها.
وأنا أتابع القمة على القنوات المصرية، فى نفس اللحظة كنت أشاهد القنوات العربية وهى ترصد ما يحدث فى الدول العربية الشقيقة وفى فلسطين.
المصريون يشعرون بالسعادة بأن بلدهم فى استقرار وأمان، من خلال عظمة البناء والإعمار ويأتى ذلك تحت شعار قوله تعالى «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».
أستعرض معكم واقعة حقيقية وقت انعقاد المسابقة العالمية للقرآن الكريم فى دورتها الحادية والثلاثين برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، قبل انعقاد القمة الإسلامية الاقتصادية بأسبوع واحد فى العاصمة الإدارية.
ذهبت إلى العاصمة بدعوة خاصة من الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف النشيط، وقد حظيت بشرف الاستماع ومشاهدة تكريم حملة كتاب الله من مصر والدول العربية والإسلامية والأفريقية والأوروبية، وقبل ختام المسابقة صليت المغرب فى مسجد مصر، وفور خروجى شاهدت عددًا من المتسابقين فى جماعات، يسيرون بجوار المسجد فى طريقهم إلى دار القرآن، أسرعت خلفهم لكى أشاهد هذه التحفة الفنية الفريدة من الداخل على الطبيعة لأول مرة.
دار القرآن تنزل إليها عبر درجات سلم طويل من الرخام الفخم، وفور الانتهاء من الدرج تشعر وكأنك فى إحدى منازل الجنة، رائحة المسك والعود والعنبر تفوح من كل مكان، تشاهد مجسمًا كبيرًا للمنطقة الإسلامية المحيطة، تتجه ناحية اليمين واليسار تبدأ فى رؤية بانوراما الغرف القرآنية، ألواح من الرخام الخاص، على شكل أوراق المصحف الشريف، مكتوبة بالخط العربى، يشبهها «دفات» مصحف مصر الذي تشرفت الجمهورية الجديدة بطبعه والعناية برسمه، أدخل إلى غرفة تلو الأخرى، ينطق لسانى بذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله - ﷺ-، واصلت السير إلى آخر أجزاء القرآن الكريم الجزء الثلاثين، يجذبنى نور مشع فى آخر الردهة الطويلة من الدار، إنه لشرف عظيم أن تشاهد آخر مصحف موجود على الأرض، كتب فى عهد سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه، ولهذا المصحف ذكريات جميلة عندما كان محفوظًا فى مكتبة المخطوطات المركزية بالسيدة زينب رضى الله عنها.
التقطت بعض الصور، وقمت بعمل فيديو لتوثيق هذه اللحظة الطيبة من هذا المكان الطاهر، واستمعت لرأى أحد المتسابقين وهو يعبر عما يشاهده فى دار القرآن بقوله «لن تهزم دولة ولن تنهار ولن تجوع بإذن الله، طالما حافظت على القرآن الكريم بهذه الطريقة الجمالية الفريدة التي ليس لها مثيل فى العالم.
افرحوا بهذا الوطن، افرحوا بجيشكم، افرحوا بقيادتكم، افرحوا بالأمن والأمان والاستقرار والتنمية والازدهار.. انظروا حولكم فى هذا الشهر، والثلج يتساقط على شعوب شقيقة بجواركم، كانت منازلهم جميلة فى أعوام سابقة، الآن يسكنون الخيام وسط الخراب والدمار بعد انهيار دولهم، الجوع مقدور عليه يمكن أن نأكل رغيف خبز واحد يكفينا ويمكن أن نصبر، والتراجع الاقتصادى مقدور عليه بالعمل والإنتاج، وكل ما نراه سلبيًا يمكن أن يكون فى يوم من الأيام إيجابيًا، ولكن عدم الاستقرار وانعدام الأمن وتفكيك الجيوش وانهيار الأنظمة وسقوط الدول، وتنفيذ مخطط إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، هذا ما لا نقدر عليه.
تحيا مصر