عاجل
الإثنين 5 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تأملات.. حبيتك بالصيف ولا بداية ولا نهاية

تأملات.. حبيتك بالصيف ولا بداية ولا نهاية

مثلما تتركك رائعة فيروز والرحبانية "حبيتك بالصيف" مشدوها ومتسائلا وحائرا تجاه عيون الحبيب الذي هو كالصيف وعيون الحبيبة التي كالشتاء حيث لا لقاء يمكن أن يجمع الصيف مع "الشتي". فلا تبدأ قصة الحب ولا تنتهي، أو لا ينتهي الشوق للقاء بالحبيب في رائعة "حبيتك بالصيف"، كذلك تتركك احد روائع كلمات منصور رحباني بصوت "هبة طوجي" القاطع كسيف، والناعم كحرير، والنابض بالأنين، فتجد نفسك حائرا من جديد مع حب بلا بداية ولا نهاية.



تتمكن طبقات صوت "هبة طوجي" من الهمس المحتار في مطلع الأغنية بالتساؤل المطل على الطبيعة: "ليش صيف السنه انتهى بسرعة، واحمرت أحراش الغار"، ذلك التساؤل الذي يقترن معه لون الأحراش الأحمر باللون المختار لشعر الحبيبة " والمرا اللي شعرها أحمر مثلهن شعلانه بالنار". ثم تنساب ريشة كلمات منصور رحباني بموسيقى "ميشال لوغران" من إعداد وتوزيع "أسامة الرحباني":

"لا بداية ولا نهاية، والوقت مارق غريب،

مثل مروري بأفكارك، لحظة بتلمع وبتغيب".  

وكعادة منصور الرحباني فالطبيعة حاضرة في الأغنية، حيث العصافير والقمر وتغير فصول العام جزء من تغير المشهد " الدنيا حلقة وعم بتدور، والقمر بالسما يدور، صيف السنة انتظرنا القمر، ع سطوح السهر تايطل، وهدينا عقارب الساعة، خايفين الوقت ليفل".

ويواصل منصور رحباني ضربات فرشاته التجريدية: مافي قوة بهالدنيا بتأخر هبوب الريح، شعرك، والكرز واللوز بأول الموسم تلويح، ياعصافير السهل اللي جاية، تبشر بشتي تشرين، وجوه وأسامي ببالي، حدا يذكرني لمين".

وتجيد طبقات صوت "هبة طوجي" الأوبرالية الحساسة من أن تعترض على أحوال الحبيب " الصيف انتهى ماقلتلك شئ بيزعل، ليش زعلان"، وتنبه إلى أمنية استمرار الحب "العشاق بتبقى أساميهم، على الموج وع الشطئان".

ثم يصل صوتها حزينا إلى جملة " وانا بتذكرني وبتغيب، بمرق ببالك وبروح".

وبأسى " مين بدو يداوي الجروح".

فتصرخ الموسيقى وتختتم اللوحة بصيحة فريدة من صوت "هبة طوجي" الأوبرالي الممتد كقشعريرة "آه آآ آآ آآه". وتنتهي الأغنية المبهرة كلاما وصوتا وأداء ونغما فتجد نفسك تقوم بإكمالها.

وللرحبانية تاريخ مزهر في تقديم مثل هذا النوع من الأعمال التي تدفع المتلقي لأن يقوم هو بإكمالها بنفسه، فيكملها كما يشاء وبحسب حالته الشخصية والمزاجية، حيث تطرح بداخله تساؤلات سواء مباشرة تبثها الأغنية أو غير مباشرة توحي بها الحالة الفنية.

وهي أعمال تزداد جمالا مع مرور الوقت. حيث لا تمل من تكرارالإستماع للأغنية، ولا تتوقف عن التأثر مما تبعثه فيك الأغنية من تساؤلات.

تلك التساؤلات التي تسوقها ما تتضمنه الأغنية من قسوة المسافة بين الشوق والصد، وبين الحلم والضد. فتظل تطارد المستمع صيحة الموجوع "مين بدو يداوي الجروح".

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز