
نيويورك تايمز: عمليات النهب المنظمة تدفع غزة إلى مزيد من الفوضى

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، أن العصابات المسلحة باتت تملأ الفراغ الذي خلفته إسرائيل في بعض أجزاء جنوب قطاع غزة المنكوب حيث زادت عمليات نهب وسرقة المساعدات التي يحتاج إليها السكان الفلسطينيون بشدة، مما دفع المنطقة إلى مزيد من الفوضى والبؤس .
ورصدت الصحيفة -في سياق مقال تحليلي- معاناة الفلسطينيين في القطاع المُحاصر والمنكوب منذ أكثر من عام من جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل الذي راح ضحيته أكثر من 45 ألف شخص، وفقًا لبيانات وزارة الصحة في غزة، فضلًا عن انتشار الجوع والمرض على نطاق واسع لأسباب تعود معظمها إلى فرض إسرائيل قيودًا على دخول المساعدات إلى غزة وعرقلة حركة شاحنات المساعدات بين الشمال والجنوب، مما فجر أزمة إنسانية حادة بين السكان .
وتناولت الصحيفة قصة حازم إسلام، وهو سائق شاحنة فلسطيني كان يمر عبر أنقاض جنوب غزة الشهر الماضي بشاحنة محملة بالمساعدات عندما نصب لصوص مسلحون كمينًا لشاحنته، وقال حازم - في اتصال هاتفي أجراه من غزة مع مراسل الصحيفة- إن أحد المسلحين اقتحم شاحنته، مما أجبره على التوجه إلى حقل قريب وتفريغ آلاف الأرطال من الدقيق المخصص للفلسطينيين الجائعين. وبحلول صباح اليوم التالي، كانت العصابة قد جردت كل الإمدادات تقريبًا من قافلة تضم نحو مائة شاحنة من مساعدات الأمم المتحدة، وهو ما يكفي لإطعام عشرات الآلاف من الناس، فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه أحد أسوأ حلقات الحرب.
وأضاف إسلام، 47 عامًا، والذي احتجزه اللصوص لمدة 13 ساعة بينما كانوا ينهبون الدقيق:" لقد كان الأمر مرعبًا. ولكن الجزء الأسوأ هو أننا لم نتمكن من توصيل الغذاء إلى الناس".
وتعلق "نيويورك تايمز" على الأمر بأنه على الرغم من هزيمة حماس في معظم أنحاء القطاع، إلا أن إسرائيل لم تضع حكومة بديلة في مكانها. وفي أجزاء من جنوب غزة، ملأت العصابات المسلحة الفراغ الناتج عن ذلك، الأمر الذي جعل جماعات الإغاثة غير راغبة في المخاطرة بتسليم الإمدادات .
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" هذا الشهر إنها لن تقوم بعد الآن بتسليم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الحدودي الرئيسي بين إسرائيل وجنوب غزة، بسبب انهيار القانون والنظام، فيما أشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن مئات الشاحنات المحملة بالإغاثة تتكدس عند المعبر جزئيًا لأن جماعات الإغاثة تخشى أن تتعرض للنهب.
ونقلت الصحيفة عن جورجيوس بيتروبولوس، وهو مسؤول كبير في الأمم المتحدة يعمل في مدينة رفح الجنوبية، قوله: إن ما بدأ كمحاولات أصغر حجمًا للاستيلاء على المساعدات في وقت مبكر من هذا العام، وغالبًا ما يحدث ذلك من قبل سكان غزة الجائعين، أصبح الآن نهبًا منهجيًا وتكتيكيًا ومسلحًا من قبل عصابات الجريمة المنظمة"، مضيفًا:" أن هذا مجرد سرقة بمعناها الواسع".
وأكدت "نيويورك تايمز" أن مقالها في هذا الشأن استند إلى أكثر من عشرين مقابلة مع مسؤولين إسرائيليين ومن الأمم المتحدة وعمال إغاثة وسكان غزة ورجال أعمال فلسطينيين.
كما استعرضت الصحيفة مذكرات داخلية للأمم المتحدة ناقش فيها المسؤولون عمليات النهب وعواقبها. وتابعت أن الوضع في غزة تدهور للغاية بعد أن غزا الجيش الإسرائيلي رفح في مايو الماضي تحت مزاعم الإطاحة بحماس من أحد معاقلها الأخيرة.
وبعد ذلك، فرت قوات الأمن التابعة لحماس، وبدأت العصابات المنظمة- دون أن يوقفها أحد- في اعتراض شاحنات المساعدات . وتقول جماعات الإغاثة وسكان إن هؤلاء الأشخاص يسرقون الدقيق والزيت وغير ذلك من السلع ويبيعونها بأسعار فلكية. وفي جنوب غزة ارتفع سعر كيس الدقيق الذي يزن 55 رطلاً إلى 220 دولارًا. وفي شمال غزة، حيث تقل حالات انقطاع المساعدات، قد يكلف نفس الكيس 10 دولارات فقط. وقد اتهم عمال الإغاثة الدوليون إسرائيل بتجاهل المشكلة والسماح للناهبين بالتصرف دون عقاب. كما أن الأمم المتحدة لا تسمح للجنود الإسرائيليين بحماية قوافل المساعدات، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى المساس بحيادها، وقد دعا مسؤولوها إسرائيل إلى السماح لشرطة غزة، التي تخضع لسلطة حماس، بتأمين قوافلها.