ضياء صبّاح يكتب: في قلب الفوضى السورية.. من يتحكم بمقاليد الأمور؟
مع استمرار الأزمة السورية، وتنامي الأحداث الأخيرة في إدلب وحلب السوريتين، يبرز تساؤل مركزي يتجاوز نطاق التحليلات السياسية التقليدية: من يملك اليد العليا اليوم في سوريا؟ بين النظام المدعوم من روسيا وإيران، والمليشيات المسلحة، والقوات الكردية، تبدو الإجابة أكثر تعقيدًا وتشابكًا من أي وقت مضى، تمامًا مثل خيوط هذا الصراع الطويل.
الشمال.. معركة مفتوحة على احتمالات متعددة
في الشمال الغربي، حيث تعتبر إدلب آخر معاقل المعارضة المسلحة، تشهد المنطقة مواجهات عسكرية مستمرة يقودها النظام السوري مدعومًا بالطيران الروسي.. هذه العمليات تعكس طموح النظام لاستعادة السيطرة الكاملة، في حين تبقى المعارضة المسلحة صامدة بفضل الدعم التركي، الذي يحمل أبعادًا تتجاوز الإطار الإنساني إلى مصالح استراتيجية واضحة. تركيا التي تعد لاعبًا رئيسيًا في هذا الملف، تواصل ترسيخ وجودها من خلال حلفاء محليين يخدمون أجنداتها في المنطقة. لكن يبقى السؤال: هل يستطيع النظام، رغم قوته العسكرية المتزايدة، حسم المعركة في إدلب؟ أم أن التوازنات مع تركيا ستُبقي الوضع كما هو عليه؟
الشرق.. موارد النفط وصراع النفوذ
أما في الشرق، الغني بالنفط، فالصراع يتخذ طابعًا مختلفًا. قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المدعومة من الولايات المتحدة، تمثل لاعبًا ثالثًا في هذا المشهد المعقد. ورغم الدعم الأمريكي، تواجه هذه القوات تهديدات مستمرة من تركيا ومن محاولات النظام لاستعادة هذه المناطق. النفط هنا ليس مجرد ورقة تفاوض، بل هو عصب الصراع ومصدر التمويل الرئيسي، مما يجعل هذه المنطقة ساحة لتنافس إقليمي ودولي محتدم. ويبقى التساؤل: هل تستطيع القوات الكردية الاحتفاظ بمكاسبها؟ أم أن التوازنات الإقليمية ستفرض عليها التنازل لصالح أطراف أخرى؟
روسيا وإيران.. تحالف قوي أم تنافس خفي؟
الدعم الروسي للنظام يتمثل بشكل رئيسي في الغارات الجوية والإسناد العسكري المباشر، بينما تركز إيران على بناء نفوذ طويل الأمد من خلال الميليشيات وتعزيز حضورها الاقتصادي والاجتماعي. ورغم هذا التحالف الظاهر، فإن اختلاف استراتيجياتهما قد يخلق توترات خفية. هل يمكن لهذه التوترات أن تؤثر على استقرار النظام السوري؟ أم أن المصالح المشتركة بين روسيا وإيران ستتجاوز أي خلافات؟
الجنوب.. احتجاجات تخترق الجمود
في الجنوب السوري، وتحديدًا في السويداء، تشهد الاحتجاجات الشعبية تحولاً من المطالب الاقتصادية إلى حراك سياسي يعكس حالة من السخط العام. تدهور الوضع المعيشي كشف ضعف النظام في الاستجابة لمتطلبات الشعب، ما قد ينذر بتغيرات داخلية قد تزيد الضغط عليه من الداخل.
إعادة ترتيب الأوراق.. من يسيطر؟
النظام السوري يواجه تحديات داخلية كبيرة تتعلق بالأوضاع الاقتصادية والشعبية. المعارضة، ورغم تقلص نفوذها، لا تزال صامدة، فيما تبقى القوات الكردية الأكثر استقرارًا لكنها تواجه تحديات خارجية ضاغطة.
الوضع في سوريا اليوم يعكس مزيجًا من التوازنات المعقدة، حيث لا يملك أي طرف سيطرة مطلقة، بل يعتمد الجميع على نقاط قوتهم وضعف خصومهم.
سوريا.. بين الغلبة والتوازن
الصراع السوري لا يبدو أنه يقترب من نهايته. كل طرف يسعى لتثبيت موقعه وسط معادلة متشابكة. ويبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن سوريا من الوصول إلى نقطة استقرار حقيقي، أم أنها ستظل ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية؟