عاجل
الثلاثاء 4 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الإذاعة المحلية لمركز ومدينة طهطا.. تحييكم

الإذاعة المحلية لمركز ومدينة طهطا.. تحييكم

تركت سوهاج وهي تركتني أيضا، أكملت دراستي الجامعية في تخصص الصحافة والإعلام وأصبحت القاهرة موطني عملا وسكنا.



قادتني الأيام مع مرض والدي إلى زيارة سوهاج مرة أخرى، مرضه أقلقني وأقلق كل من يعرفني، هرع أطباء سوهاج صغيراً وكبيراً مشكورين لإنقاذ والدي ووقف زملائي بسوهاج صفاً واحداً بجواري لتدبير ما يلزم والدي الحج من أدوات لإسعافه وإنقاذه.

 

لكننا جميعاً وقفنا عاجزين أمام عدد محدود من أكياس الدم غير المتوافرة لنقلها إليه.. ماذا نفعل وأين نذهب لكي نساعده في النجاه.. بحثنا هنا وهناك عن متبرعين أو مساهمين فلم نجد وبات الأمر فوق تفكيرنا وفوق إرادتنا المحدودة.

 

أشار علينا بعض ذوي المرضى بمستشفى طهطا المركزي إلى طرق أبواب الإذاعة المحلية لمدينة طهطا وترك رسالة نطلب من ورائها متبرعين ومتبرعات لنجدتنا.

 

في لمح البصر كنا جميعاً على أبواب ميكرفون الإذاعة المغطيطى بالقماش والأتربة وقالت الإذاعة ما نطلبه.. الإذاعة المحلية لمركز ومدينة طهطا تناشد أهالي طهطا الكرام بالتوجه لمستشفى طهطا للتبرع بالدم لحالة مرضية بين الحياة والموت وتكررت العبارة مرات واحدة تلو الأخرى.

 

لم أتخيل وأصدق حجم طابور الطهطاوية من شباب ورجال وحتى سيدات كريمات وهم يتزاحمون على باب بنك دم المستشفى يسألون عن الحالة التي تطلب الدم وتبرعوا لوالدي والحمد لله تمت المهمة بنجاح لكن ليس هذا ما جعلني أتكلم وأروي ما حدث فشهامة أهل طهطا وكل مراكز سوهاج بأكملها معروفة للجميع. 

 

ما لفت انتباهي كصحفي وقائد للرأي أن أهل الأرياف في صعيد مصر مازالوا يعتمدون ويستخدمون الأدوات البسيطة التي تحقق المحبة بينهم على الرغم من أن الصعيد بأكمله يتمتع بكامل الخدمات الرقمية الحديثة من تليفزيونات وقنوات فضائية وإنترنت وجروبات للتواصل وكل ما تتخيل من تكنولوجيا حديثة.

 

إن هذه رسالة كبيرة لكل صناع وقادة الدعاية والإعلام والرأي العام والتوجيه في مصر بأكملها والرسالة مفادها أن الكلمة أمانهطة ويجب ألا يفتح المجال عمال على بطال لكل من هب ودب لكل يتحدث فيما بفكر وفيما يريد وعندما نتكلم ونخاطب الجمهور نخاطبه فيما نحتاج منه أن يسمعه ويتمنى ويتوقع حدوثه. 

 

ما حدث في إذاعة طهطا المحلية ويحدث في كل إذاعات القرى والمدن الصغيرة المتواضعة بالمحافظة يومياً من إذاعة طلبات استغاثة وحالات زواج ووفاة هو نفس الشيء الذي حدث مع حكمدار القاهرة لو تتذكرون عندما أوقف الأغاني والاستعرضات في ماسبيرو وقال عبر ميكرفون الإذاعة المقدس عبارته الشهيرة "من حكمدار بوليس العاصمة إلى أحمد إبراهيم القاطن بدير النحاس لا تشرب الدواء الذي أرسلت ابنتك في طلبه، الدواء فيه سم قاتل.. الدواء فيه سم قاتل".

 

فكل أجهزة الدولة تعمل بجد وتعرف رسالتها والإعلام المصري يقف على الجانب ويتخذ دور المتفرج ونحن الآن في أشد الحاجة إليه وسط ما يحاك بمصر من مؤامرات داخلياً وخارجياً.

 

الصعايدة لا يعرفون اللعب أو اللهو هم أهلي أهل جد وعمل، لذلك تركوا مسخرة ومهازل الفيس والتيك توك ومالوا إلى ما يثقون فيه وصاحب الرسالة البسيطة.

 

مصر تسعى جاهدة إلى إنجاح كل ما يلزم المنظومة الرقمية ومصر نجحت سابقا في إمداد مواطنيها بالخدمات المحمومة والموبايل والإنترنت والأقمار الصناعية وكل ما يستلزم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لكل مواطن وفي أي مكان.

 

فالعيب أبدا لم يكن في الأدوات، لكن العيب كل العيب في الأدوار والمهمام واللغة المستخدمة وفشل تجربة تابلت المدارس أكبر برهان عما أتحدث عنه.

بوصلة الإعلام المصرية تائهة وحائرة والدولة قامت بتغيير العديد من الأسماء والقيادات ولم يتغير شيء، القنوات الفضائية في بث مباشر ليلاً ونهاراً والمواطن في وادٕ والإعلام في وادٕ آخر.

 

كان أهل طهطا يستطيعون أن يشيروا عليّ أن أطلب أكياس الدم من خلال إعلان عبر شاشة القناة الثامنة الصعيدية أو القناة السابعة ولكن من يسمح بذلك ويفهمه أو أقوم بالكتابة على جروبات طهطا وسوهاج بالفيس بوك، لكن هذه القنوات الفضائية والجروبات ليست لنا وليست لمزارعي سوهاج وطهطا هي لناس آخرين يرفعون عليها فيديوهات الراقصة بوسي وفيديوهات مقالب التيك توك. 

 

أبدا لم يكن العيب في سوهاج وناسها أو في محافظة سوهاج ومحافظها، العيب كل العيب وأنا هنا كصحفي أتكلم قبل أن أكون مواطنا صعيديا العيب كل العيب في رؤساء القنوات الإقليمية الذين لا يعرفون ويدركون من يخاطبون وفيما يفكر الصعايدة وكيف نجعلهم يتركون الوسائل التقليدية العتيقة ويعتمدون على وسائل الاتصال الحديثة.

 

وحتى يصل صوتي هذا إن وصل لوزارة الإعلام المصرية بالقاهرة والهيئة الوطنية للإعلام والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وكل إعلامي بالقنوات الفضائيه والأستاذ أحمد المسلماني، أتمنى أن يتغير أي شيء ويفهم القارئ ماذا أريد أن أقول. 

 

وحتى يحدث هذا أتقدم باسمي بكل الشكر والامتنان للإذاعة المحلية لمركز ومدينة طهطا بلاد رفاعة الطهطاوي، أتقدم لهم بالشكر وقبلهم لمحافظة سوهاج التي تحتاج لكثير وبها كثير من الوطنيين والمخلصين والشباب الواعد في كل المجالات.

 

 

شكرا يا أهل الأصول.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز