عاجل
الإثنين 30 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

خليل الذوادي يكتب: أبشر

السفير خليل الذوادي
السفير خليل الذوادي

عندما يقول لك الأردني الشقيق "أبشر" فإنه يعني ما يقول، وقلما يقول لك سأحاول، وإنما للمرة الأولى يشعرك بأن ما تطلبه سيتحقق وتنال مطلوبك، وهي وإن كانت كلمة قليلة في مفرداتها لكنها كبيرة في معناها، والغاية منها، وقد يضيف إليها كلمة "ما تقلكش" بالأردني، أما الفلسطينيون فيقولون ما تكلكش بالكاف، وهي حالة من الاطمئنان النفسي بين المتخاطبين.



الأردن الشقيق بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وولي عهده الأمير الحسين بن عبدالله الثاني بن الحسين، آمنوا بقدرة الشعب على تجاوز المحن وما يحيطهم من مآس، فهم يتعاطفون ويحرصون على أمن غزة وشعبها الأبي الصامد والشعب في الضفة الغربية فهنا الأهل وهناك الأهل والعشيرة والنسب والألم واحد والمصاب جلل والدعاء بأن يمنح الله الأهل الأمن والأمان فما حل بأهلنا في غزة مصابنا نحن العرب جميعاً، داعين الله جلت قدرته أن يرحم الشهداء الأبرار وأن يمنح الله سبحانه وتعالى الصحة والعافية للجرحى والمصابين، فقلوبنا مع إخواننا الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.

 صمم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين أن يجري تعديلاً دستورياً يشمل قانون الانتخابات ويعزز تمثيل للأحزاب الأردنية وتخفيض سن المرشحين بحيث يتاح للشباب خوض الانتخابات النيابية، وكذلك شملت التعديلات حق المرأة في المشاركة البرلمانية مع الاحتفاظ بالكوتات المعروفة ومنها البدو و"الشركس" و "الشيشان" و"المسيحيين"، وهو نسيج اجتماعي يحرص الأردن على الإبقاء عليه تأسيساً على نهج قادة الأردن الهاشميين الكرام.

الأردن الساعي لإثراء تجربته الديمقراطية بل قل مسيرته الديمقراطية المدروسة يحرص على التطوير وإتاحة الفرصة للمواطن لبناء المملكة ونموها الاقتصادي وتعاونها مع الأشقاء العرب وبالذات الجيران مع موقعها وتوجهاتها الدولية في التعاون مع من يمد اليد للخير المشترك.

التنمية في الأردن الشقيق تسير بخطوات مدروسة وموثوقة رغم التحدي الماثل في شح الموارد الطبيعية ومن بينها الغاز والنفط والماء لكن علاقاتها بالأشقاء العرب وتعاونها مع من يمد لها اليد بالعون والمساعدة استطاعت أن تبني اقتصاداً يسمح لها بأن توفر للمواطن سبل العيش الكريم، واستقبلت أشقاء فرضت عليهم الظروف السياسية والتدخلات الخارجية أن يلجأوا إلى أشقائهم الأردنيين الذين كانوا لهم نعم السند، فالنشامة الأردنيين تأبى شيمهم وأخلاقهم صد القاصدين لهم بالهجرة، فقد اعتاد الأردن أن يكون سنداً وذخراَ وعزاً لضيوفه فما بال حاله مع من اضطرتهم الظروف لأن يتركوا أوطانهم ويحتموا بأهلهم الأردنيين.

كان شعب الأردن ولا يزال كما نعلمه نصيراً لأمته ومساعداً لمن يطلب حاجة في التدريب المدني والعسكري، والتعليم بمراحله المتعددة، بالإضافة إلى الخبرات الأردنية في مختلف المجالات والتي كانت تطلب من الأشقاء العرب أو غيرهم من الأصدقاء؛ فالشعب الأردني متعلم وصاحب خبرة وتجربة واسعة في مختلف المجالات، والعمران الذي نشهده في العاصمة عمان وغيرها من المدن دليل على الصحوة التنموية، والرغبة في الاستثمار وفتح أبواب المستثمرين وبالذات العرب، فحقيقة إن الاستثمار العربي في بلادنا العربية هو الأسلوب الصحيح والخطوة التي علينا مباركتها وتشجيعها والعمل بها، فالمال العربي حبذا لو أنفق في بلادنا العربية وبالذات الدول التي هي في أمس الحاجة إلى الاستقرار والأمن.

المواطن في بلادنا العربية يحتاج كثيراً لأن يجد في بلاده ما يضمن له الاستقرار والأمن والوظيفة المناسبة وعلينا أن نؤمن بأن الخير في بلادنا هو خير لجميع المواطنين والعيش الآمن المستقر هو رغبة كل مواطن غيور على خدمة مواطنيه وخدمة وطنه وقيادته.

الترحيب الأردني بالأشقاء العرب تلمسه عند كل مواطن أردني بمجرد أن تطأ قدماك أرض الأردن سواء كنت جئت عن طريق الجو أو السفر بالبر، والأردني لديه من الحس الوطني ما يستطيع تقديمه لك وتسويقه بشكل مرضي ومدروس، فأنتم أمام مغريات كثيرة من حيث الخدمات الطبية والعلاجية والدوائية ومن حيث المطاعم المميزة التي تقدم لك أطيب مأكولات "المنسف" باللحم والجميد (الحليب المجفف) والحلويات بأنواعها وكذلك المكسرات وأضرابها من ثمار الضفة الغربية والفستق الحلبي والزعتر بأنواعه، ومن ثمار أرض الأردن الغناء، هذا إضافة إلى منتجات البحر الميت التي لا حصر لها وتصدر إلى دول أخرى عربية وأجنبية، والأردني بطبعه غيور على مصلحة بلاده، ويسوق المنتجات بروح الوفاء والود، ويشعرك بأنه يقدم النصيحة لوجه الله ولخير بلاده التي يعيش فيها آمناً مستقراً.

بدعوة كريمة من المهندس موسى المعايطة رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات إلى السيد أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية بإرسال وفد من الجامعة العربية لمراقبة الانتخابات النيابية الأردنية استجاب الأمين العام لهذه الدعوة وأمر بتشكيل فريق من الجامعة تقديراً من الأمين العام لنهج الأردن الشقيق في تكريس الديمقراطية وقيمها بما يعزز مكانة المملكة ويسهم في التطوير المنشود وتمت زيارة فريق الجامعة للهيئة المستقلة للانتخابات وتم توقيع اتفاق حول المراقبة بين الجامعة والهيئة المستقلة للانتخابات.

وكان فريق الجامعة يضم السفير خليل إبراهيم الذوادي الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومي من مملكة البحرين رئيساً وعضوية وزير مفوض أحمد أمين من العراق والسيدة هبة مرعب من لبنان والمستشارة دينا سيف من مصر وسكرتير أول صلاح الدين الشميري من اليمن وسكرتير ثالث أحلام البشاري من ليبيا والسيد محمد أبوالفتوح من مصر.

وكان الفريق من أصحاب الخبرة والتجربة وسبق لهم أن شاركوا في مراقبة الانتخابات في عدد من الدول العربية وبتوجيهات من الأمين العام للجامعة ومتابعة لصيقة من السفير حسام زكي الأمين العام المساعد رئيس مكتب الأمين العام قام الوفد بزيارات متعددة للجهات الرسمية والأهلية المعنية بمتابعة الانتخابات مع تغطية إعلامية من قطاع الإعلام والاتصال بالأمانة العامة للجامعة، فقد اجتمع الوفد بالدكتور عامر بني عامر المدير العام لمركز راصد، والسيد مازن الفراية وزير الداخلية الأردني، والسيد حديثة جمال الخريشة وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الأردني، والمحامي بشير المومني مدير عام هيئة الإعلام، والسفير ماجد القطارنة أمين عام وزارة الخارجية، والسفير عاهد سويدات مدير إدارة الشؤون العربية والشرق أوسطية بوزارة الخارجية الأردنية، والسيدة سمر الحاج حسن رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان، والأردن الشقيق حريص على إقامة مؤسسات تمتاز بالاستقلالية لضمان الاستمرار في النهج الديمقراطي السليم، وإذا كان صحيحاً أن تكريس الديمقراطية في أي بلد يأتي إيماناً بالممارسة والتقييم فإن الأردنيين يعون بشكل جلي أن الممارسة هي إثراء للنهج الديمقراطي ووجدنا الحماس والرغبة في المشاركة لدى الأشقاء الأردنيين.

وكنا نتحدث مع المواطن الأردني الذي كان ينقلنا من مكان إلى آخر بسيارته وإحساسه بأنه يقدم خدمة لضيوفه في الوقت نفسه يقدم خدمة جلي لوطنه الأردن فالأخ "أمجد بن حسين مالطي" بوحسين كان يقدم الخدمة بنفس رضية ويسوق بلاده بشكل عفوي لكنه مدروس، ويشعرك وزميله الآخر "محمد" بأنك في بلدك وليس غريباً، وهذا شعور كل من التقينا بهم من مسؤولين بمختلف مهامهم ومسؤولياتهم ويشعرونك بأنهم يعرفونك ولا يبخلون عليك بالمعلومة التي تفيدك وتفيد مجتمعهم.

عندما تزور الأردن فتأكد أن لك أخوة أعزاء يبادلونك حباً بحب ويفرحون بقدوم الأشقاء ومشاركتهم في أفراح الوطن، ففي الأردن أشياء يمكننا التعلم منها وتبادل الخبرات بين بعضنا بعضاً يدخل ضمن نسيج مجتمعاتنا العربية التي لا غنى لنا عن بعضنا بعضاً في الاستفادة وتبادل الخبرة.

نتمنى للأردن الشقيق التوفيق في كل المساعي التي يقودها جلالة الملك المعظم ومؤازرة شعبه الأبي الذي ينشد الخير له ولأمته. ونحن كأبناء الأمة العربية نشعر بضرورة التعاون الوثيق بيننا وبين الأشقاء في الأردن بمدنه وقراه ونحن معكم في القول المأثور لديكم "أبشر" لفظاً ومعنى. وعلى الخير والمحبة نلتقي.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز