عاجل
الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
"مؤتمر القاهرة" والحل في السودان

"مؤتمر القاهرة" والحل في السودان

نستطيع أن ننظر للدعوة المصرية لاستضافة القاهرة حوار وطني "سوداني-سوداني"، يجمع كل الأطياف والقوى السياسية والمدنية السودانية، بعين مختلفة عن باقي المبادرات والدعوات والاجتهادات، التي تُقدم من أطراف سودانية ودول إقليمية وقوى دولية، لاعتبارات تتعلق بتضافر مجموعة من المعايير والضمانات تقدمها "الوساطة المصرية"، كفيلة بالوصول لنتائج ناجعة هذه المرة لإنهاء الحرب.



وربما يتسائل المتابع للأزمة السودانية ومن قبله المواطن السوداني، وهو يتابع توالي الدعوات والمبادرات الداعية لوقف الحرب الداخلية على مدى أكثرى من عام دون جدوى، عن الجديد الذي يمكن يضيفه "حوار القاهرة" المرتقب في نهاية يونيو، في مسار "الحل المأمول" في السودان، وأوجه اختلافه عما سبقه من تدخلات إقليمية ودولية لاستعادة الاستقرار السياسي والأمني في السودان.

والواقع، أن دعوة مصر لاستضافة مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية، التي نص عليها بيان الخارجية المصرية، قدم مجموعة من المحددات لضمان فاعلية ونجاح مخرجات الحوار، تتضمن: التأكيد على أن "النزاع الراهن هو قضية سودانية بالأساس، وأن أي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل كافة الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية، وفي إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها".

وإلى جانب تلك المحددات، وضعت القاهرة ما يمكن تسميته "قوة دفع" إقليمية ودولية لإنجاح الحوار، من خلال التأكيد على عقد مؤتمر القوى السودانية، "بالتعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، لاسيما دول جوار السودان، وأطراف مباحثات جدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقى، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيجادبما يعني أن "حوار القاهرة" يتكامل مع كل هذه الجهود.

وبالنظر لتلك المحددات، نجد أن القاهرة تسعى لتهيئة المناخ المناسب لحوار يجمع مختلف أطياف المجتمع السوداني، ومعالجة أوجه القصور فيما سبقه من تدخلات للحل، لكن يبقى الاستفهام الذي يطرح نفسه، هو كيفية اختلاف "الحوار المرتقب" عن باقي الدعوات السودانية والجهود الإقليمية والدولية، وهنا نتوقف مع مجموعة من الأبعاد والمعاني التي تضمنتها "دعوة القاهرة" للنخبة السودانية، وهي:

  1. على المستوى التنظيمي، يعد "حوار القاهرة"، الدعوة الأشمل التي يجتمع فيها كل ممثلي القوى والكيانات السياسية السودانية منذ اندلاع الحرب، في أبريل من العام الماضي، وبذلك تختلف الدعوة عن مبادرات أخرى قاطعتها قوى سودانية وأقصت أطراف أخرى، مثل تجمع "تقدم".
  2. يأتي الحوار الوطني السوداني، كثمرة لحراك سياسي سوداني شهدته القاهرة  طوال الأشهر الماضية، كان اخرها توقيع مجموعة من الكتل السياسية "ميثاق وطني" بداية شهر مايو الجاري، بين الكتلة الديمقراطية وقوى الحراك الوطني السوداني.
  3. رسمت "دعوة القاهرة"، خارطة طريق واضحة للحوار الوطني السوداني، تشمل الحفاظ على وحدة وسيادة السودان على كامل أراضيه، والحفاظ على المؤسسات الوطنية للدولة السودانية، مع التأكيد على إشراك كل "القوى الفاعلة" دون إقصاء، وهي محددات غابت عن أطر ومسارات حلول ومبادرات سابقة.
  4. لا يقصي "مؤتمر القاهرة"، كل الجهود والمبادرات الإقليمية والدولية، بل يعقد بالتعاون والتكامل مع كل الجهود الخارجية التي سبقته، بداية من (منبر جدة، ومبادرة دول الجوار، ومبادرة الاتحاد الأفريقي، ومبادرة الإيجاد)، فضلا مشاركة الأمم المتحدة والجامعة العربية بصفة مراقب.
  5.  تعكس "دعوة مؤتمر القاهرة" مصداقية وثقة في الدور المصري، الهادف لوقف الحرب الدائرة في السودان، على عكس أدوار تدخلات دول إقليمية أخرى لم تحظ بثقة وإجماع الأطراف السودانية، كما الحال مع الدور الكيني والإثيوبي.

من هذا المنطلق، يمكن اعتبار "الحوار الوطني السوداني" الذي دعت له القاهرة، "المظلة الأشمل" التي تجمع كل أطياف المجتمع السوداني، وكل الجهود السودانية والإقليمية والدولية، وبالتالي هي فرصة للأشقاء في السودان، لوقف الحرب وإنقاذ ما تبقى من السودان، أتمنى أن يتم استثمار هذه الفرصة أفضل استثمار.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز