د. عادل القليعي
دور علماء المسلمين في درء الفتن ووقف الاقتتال في بلاد الإسلام
في البداية لا بد أن نشير إلى أمر مهم بل ومهم جدا، وترجع أهميته إلى أننا نتحدث عن دماء أسيلت وروت الأرض بين بني الإسلام.
انظروا بعين الاعتبار إلى ما يحدث فىذي السودان وسوريا والعراق وافغانستان وباكستان وغيرها من بلاد المسلمين أليس هذا أمرا يثير قلق كل مسلم مهموم بدينه، كل إنسان تتمثل في داخله الإنسانية، كل شخص يحيا على هذا الكوكب يود أن يطمئن على مستقبلهم ومستقبله آله.
إن عبارات الإدانة والشجب لا تسمن ولا تغني من جوع في موضوعات مثل القتل، وإنما ضرورة التدخل الحاسم لإنهاء مثل هذه الأزمات وإلا فالسكوت على ذلك بمثابة موافقة وشرعنة للاقتتال مما يثير الفتن في بلاد الإسلام، ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد.
ومن ثم وجب على علماء الدين وأقول علماء الدين نعم لأنه ثم فرق كبير بين عالم الدين ورجل الدين فليس كل رجل دين عالم دين، فالعالم هو العامل بعلمه أما رجل الدين فهو مصطلح يرجع إلى فترة سيطرة الكنيسة في أواخر العصور الوسطى، أصحاب صكوك الغفران، من يدفع يحصل على البركة - قبل أي أحد أن يقولوا قولهم الفصل في هذه القضية، يأتي بعدهم كل من هو مهموم بقضايا الأمة الإسلامية ونهضتها من مفكرين وأدباء وساسة وخبراء اقتصاد وثقافة وتعليم.
ولي رأي في هذا الأمر إن جاز لي ورأيي سأستقيه من كتاب الله تعالى عارضه على عقلي.
يقول تعالى (وإن طآئفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله)، إذن الله تعالى أمرنا بالتدخل الفوري والسريع لحقن دماء المسلمين، مصداقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، لأن تهدم الكعبة حجرا حجرا أهون على الله من إراقة دم امرؤ مسلم.، حرمة الدماء. لكن إذا بغت طائفة ووجوه البغي كثيرة واهمها تغيير معتقد، والاستيلاء على الأرض وانتهاك الأعراض، أو انتهاك لحدود الله- وهذه الانتهاكات لا أحد يقررها ولا يقدرها إلا أهل الفتوي ومصادرها الشرعية والرسمية- فقاتلوا التي تبغي حتى ترجع عن بغيها وهذا ما أسماه علي بن أبي طالب، عندما سئل عن الخوارج قالوا له هل هم كفار قال لا وإنما هم بغاة أهل بغي بغوا وطغوا وأخذوا حقوقا ليست لهم ومن ثم وجب قتالهم ومناهضتهم.
أما كيفية التعامل مع الأزمات الحالية التي يتعرض لها المسلمون في السودان أو سوريا أو أفغانستان، فلا بد أولا: أن نبحث عن السبب الرئيس لهذه الأزمات، فالأزمات ليست وليدة نفسها وإنما لابد أن يكون وراءها فاعل ، فلا يمكن وصف العلاج الناجح إلا بعد تشخيص الداء (داء ودواء) ثانيا: لا بد أن يؤدي علماء الدين دورهم المنوط بهم، بمعنى ألا يقتصر دورهم على الوعظ والإرشاد على المنابر في القضايا الفقهية والعبادات والطهارات، وأين فقه الواقع. ومن ثم وجب عليهم جهاد الكلمة وتوضيح حرمة الدماء، والاقتتال والتناحر وتوضيح ما أمر به الله تعالى ورسوله وما نهوا عنه.
كذلك تهدئة النفوس بخطاب ديني متزن يحتكموا فيه إلى ما قاله تعالى وما ذكره النبي ﷺ من أحاديث في هذا الأمر، شريطة ألا يكون النداء والخطاب عن بعد وإنما عن قرب، الجلوس مع كل فريق على حدة، وعندما يصلون لنقطة إتفاق يتم الجمع بين كآفة الأطراف في وجود قوى محايدة لضمان إبرام اتفاق الصلح. الأمر الثالث وهذا خاص بولاة أمور المسلمين، حكام المسلمين فلا بد أن يكون لهم دوري بارز في احتواء مثل هذه الأزمات ، ولابد من توضيح الأضرار التي ستنجم عنها مثل هذه الانقسامات والخلافات بين المسلمين سواء ما ينجم عنها من أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية ونفسية وثقافية وتدمير للبنيات التحتية للبلاد والتي تؤثر سلبا على العباد بل وتثير الحقد والبغضاء بين بني الوطن الواحد.
الأمر الرابع: إذا لم نتحد ونكون كالجسد الواحد فإنه ستتداعى علينا الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها وهذا ما أخبر عنه النبي ، وسيقف العدو الحقيقي الذين يتمنى هلاك أمتنا الإسلامية سيقف متفرجا ضاحكا على أمتنا الإسلامية ويضرب ضربته الكبرى من أجل النيل من وحدتنا وتفتيت قوتنا.. اتحدوا ولا تتناحروا ولا تتقاتلوا يرحمكم الله. ففي اتحادنا قوة وفي تشرذمنا ضعف ووهون ، وإن الذئاب لا تأكل من الغنم إلا القاصية.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان