جمال عبدالصمد
الإسكندرية تزين أقدم شارع في العالم في عيدها الـ٧٢
تحتفل محافظة الإسكندرية اليوم في السادس والعشرين من يوليو بعيدها القومي الـ٧٢، وذلك احتفالًا بذكرى خروج الملك فاروق من ميناء رأس التين على ظهر سفينة المحروسة عام ١٩٥٢م، بعد تنازله عن عرش مصر.
الإسكندرية هي مدينة السحر والجمال، والعاصمة الثانية لجمهورية مصر العربية، هي عروس البحر الأبيض المتوسط، هي عاصمة الثقافة الإسلامية، هي عاصمة السياحة العربية. وغيرها من الألقاب التي أطلقت عليها.
هي مدينة الثغر التي يتعانق فيها التاريخ مع الطبيعة، حيث تتميز بموقعها الجغرافي والاستراتيجي المهم، كما أنها تتمتع بجو جميل وطبيعة خلابة وشواطئ ذات طبيعة ساحرة، أيضا هي ملتقى الحضارات ومنارة الثقافات المختلفة، حيث تحتوي على العديد من الأماكن الأثرية والتاريخية والثقافية والدينية التي تميزها عن باقي المدن وتجعلها شاهدة على العديد من الحقب التاريخية.
أما عن نشأة مدينة الإسكندرية فترجع في البداية إلى الإسكندر المقدوني الأكبر عندما فكر في بناء مدينة جديدة لتكون عاصمة لإمبراطوريته عام ٣٣١ ق .م، وأسند هذه المهمة إلى المهندس دينوقراطيس الذي صمم المدينة على الطراز "الهيبودامي" الذي يعتمد على وجود شارعين رئيسيين أحدهما طولي والآخر عرضي وينتج عن تقاطعهما ميدانًا كبيرًا وعدة شوارع موازية له على شكل "رقعة الشطرنج"، كان شارع النبى دانيال جزءا أصيلا وأساسيا من الشارع الطولي للمدينة وأطلق عليه حين ذاك "السوما" لذلك يعد شارع النبى دانيال أقدم شارع في العالم.
وهو يمتد من محطة الرمل حتي محطة مصر، به العديد من السراديب وهي عبارة عن أنفاق كبيرة تعود للعصر الروماني، وكانت متصلة ببعضها وكانت مخصصة لهروب الإمبراطور في حين حدوث ثورات من أهل الإسكندرية.
عندما تتجول بالشارع ستشعر أنه خير مثال للوحدة الوطنية، حيث تجد "معبد الياهو اليهودي" الذي تحتوي مكتبته على ٥٠ نسخة قديمة من التوراة، وعلى مسافة قريبة منه تشاهد "الكنيسة المرقسية"، التي تعد أقدم كنائس أفريقيا، والتي بناها القديس مرقس في القرن الأول الميلادي، كما تلاحظ أيضًا في بداية الشارع "مسجد النبى دانيال " الذي ينسب إلى الشيخ محمد دانيال المواصلي أحد شيوخ المذهب الشافعي والذي جاء إلى مصر في القرن الثامن الهجري ويوجد الضريح الخاص به بداخله، و"مسجد الوفائي" والذي ينسب إلى سيدنا عبد الرزاق الوفائي الأندلسي المولد وهو ينتمي إلى بني أمية، كما يوجد ضريح آخر يقال إنه للقمان الحكيم، وتواجد مجمع الأديان السماوية الثلاثة بالشارع يعد تحقيقًا لعبارة شهيرة وهي: "إن الدين لله والوطن للجميع".
كما يحظى شارع دانيال بمكانة عظيمة لدى المثقفين في الإسكندرية والمحافظات الأخرى لأنه يحتوي على أكبر وأقدم مجموعة متنوعة من الكتب والمجلات والقصص والروايات وبأرخص الأسعار، لهذا يطلق عليه البعض "شارع الكتب"، هذا ما دفع المحافظة في عام ٢٠٠٦ م إلى إصدار تراخيص عمل أكشاك لعرض وبيع هذه الكتب والمجلات.
كما توجد به العديد من دور النشر كجريدتي "الأهرام والوفد" وعلى مسافة ليست بعيدة عنه تجد فرع نقابة الصحفيين، بالإضافة إلى وجود المركز الثقافي الفرنسي به، وعشرين مبنى تراثيا، فضلا عن وجود المسرح الروماني بمنطقة كوم الدكة والذي يعود بناؤه إلى القرن الرابع الميلادي، كما يوجد به العديد من المحلات التجارية المختلفة لذلك فهو يعد من الشوارع الحيوية بالإسكندرية.
شملت خطة التطوير الحالية شارع النبي دانيال، حيث تم الانتهاء من مرحلة التطوير الأولى، والآن على وشك الانتهاء من تنفيذ المرحلة الثانية من التطوير، والتي تهدف إلى رفع كفاءة الشارع بطول 750 مترا، والارتقاء بكامل واجهات العقارات التراثية والمحال التجارية المطلة على الشارع، حتى تتناسب مع قيمة وعراقة تاريخ هذا الشارع.
في النهاية وبعد أن استعرضنا القيمة الثقافية والتاريخية والتراثية للمدينة الساحرة لؤلؤة البحر المتوسط محافظة الإسكندرية، وبعد التجول فى المدينة وتسليط الضوء على أحد أهم شوارعها القديمة وهو شارع النبي دانيال الذي يستحق بدون أي مبالغة أن يطلق عليه أعرق وأفضل وأقدم شوارع العالم قديما وحديثا.