رئيس الكونجرس الفلسطينى الأمريكي لـبوابة روزاليوسف
المظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة شكلت نقطة تحول عالمية في صراع الشرق الأوسط
فتحى الضبع
قال ماهر عبد القادر، رئيس الكونجرس الفلسطيني الأمريكي بنيويورك في تصريحات صحفية لـ"بوابة روزاليوسف"، إنه منذ أسابيع انطلقت الجامعات الأمريكية حراكاً طلابياً متصاعداً بدأ من جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك يوم ٤/١٧ دعماً لصمود الشعب الفلسطيني الأعزل ومطالبا إدارة الجامعة بفسخ كل عقود التعاون مع المؤسسات الإسرائيلية.
بعد مرور 210 أيام على عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة تستمر هذه الاحتجاجات، داعيةً لوقف جرائم الإبادة الإسرائيلية وإنهاء العدوان ووقف سياسة التمييز العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الحراك الطلابي الأمريكي والذي امتد إلي معظم الدول الغربية وبعض جامعات اليابان غير مسبوق وأقرب مثالا له حراك الطلاب ضد حرب فيتنام في نهاية ستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي، كما احتجاجات جامعة كاليفورنيا لسنه 1985 لرفض سياسات الفصل العنصري التي كانت تنتهجها جنوب إفريقيا. في حينها اضطرت أمريكا لتلبية مطالب الطلاب وانسحبت من فيتنام.
كما قررت جامعة كاليفورنيا بيركلي سحب 3 مليارات دولار من الاستثمارات المرتبطة بجنوب إفريقيا، وهو قرار أثر بشكل كبير على جنوب إفريقيا وأسهم في إنهاء حكم الأقلية البيضاء في البلاد.
وأضاف عبد القادر حاليا، الحراك السياسي الذي يقوده الطلاب الأمريكان المتضامنون مع المحنة الفلسطينية، والذي ينمو وبشكل غير متوقع، حيث يقوده طلاب من مختلف جامعات النخبة في أمريكا ) تُعتبر هذه المؤسسات العلمية خزان النخب الأمريكية في مجالات السياسة والاجتماع والاقتصاد والمؤسسات المالية والاستثماريّة و( بدأ يواجه رداً قمعياً عنيفاً ومدروسا من السلطات المحلية في ولايات عديدة مثل نيويورك وتكساس وفلوريدا وكاليفورنيا وميتشيغان.
مظاهرات الطلبة أدت إلى كشف حجم الاستثمارات الضخمة التي تقدمها الجامعات والمنظمات الأمريكية والعالمية والحكومات والدول والصناديق السيادية للاقتصاد الإسرائيلي خاصة الجيش. لقد نجحت الحركة الصهيونية وعلى مر السنين ليس في قيام إسرائيل فحسب بل وإجبار العالم على تأييدها والاستثمار فيها ودعم شركاتها ومؤسساتها وحكومتها وجيشها والدعم يبدأ من الحكومات الغربية و مصانع السلاح والبحث العلمي والجامعات وصولا لشركات الشاي والقهوة والوجبات السريعة، فإذا توقف هذا الدعم وسحبت الاستثمارات سقط المشروع الصهيوني.
وأكد قائلا تصاعدت حدة التوتر في هذه الجامعات بعد أن طلبت رئيسه جامعه كولومبيا قمع اعتصام الطلبة حيث قادت السلطات ضدهم حملة اعتقالات بغية ردعهم، وهو الأمر الذي أدى إلى اتساع رقعة الغضب أكثر لتشمل جميع جامعات النخبة الأمريكية الثمانية.
كما انضمت له اكثر من 200 جامعة اخري له وذلك حسب آخر المعلومات. الطلبة عرضوا مستقبلهم التعليمي والمهني والسياسي للخطر حيث يقود اللوبي الصهيوني والإعلام اليميني المتصهين في أمريكا حمله مشوهه ضدهم كما بنيامين نتنياهو والذي وصف الاحتجاجات الطلابية بأنها حركه ضد الساميه وتزيد من كره اليهود في العالم وتذكره بألمانيا النازية.
ماهر عبد القادر رئيس الكونجرس الفلسطيني الأمريكي
وأشار إلى أن الحراك الطلابي الواسع يعكس الفجوة الكبيرة بين الشعب الأمريكي والنخبة السياسية في البيت الأبيض والكونغرس والمدعومة بملايين الدولارات من اللوبي الصهيونية (أيباك) .هذا الفجوة ساهمت في دفع القوى الطلابية ورفع صوتها ضد السياسة الأمريكية خاصة إدارة بايدن المنحازة لإسرائيل وبشكل أعمى وتقوم بدعمها ماليا وسياسيا وعسكريا في عدوانها على الشعب الفلسطيني.
النخبة في كلا الحزبين الأمريكي، الديمقراطي والجمهوري، هي في موقف الخضوع التام لغطرسة إسرائيل خاصة رئيس حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلية. في هذا السياق، كانت تصريحات رئيس مجلس النواب المتطرف وعضو الحزب الجمهوري الأمريكي من ولاية لويزيانا، المنتمي للتيار الصهيوني الإنجيلي في واشنطن، مايك جونسون، التي يصف فيها العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزة بأنه حرب دينية، ودعا مايك جونسون بصوت قوي. من درج باب جامعة كولومبيا لاستقالة رئيسة جامعة كولومبيا، البروفيسورة نعمت شفيق، ذات الأصول المصرية، رغم استماتتها في الحفاظ على منصبها ومحبتها لأهواء اللوبي الصهيوني، ووقوفها ضد طلاب جامعتها وحريتهم، ودعت شرطة نيويورك لاقتحام الحرم الجامعي. وهذه خطوة ليست هينة، فجلب الشرطة لقمع الطلاب في أرقى الجامعات في العالم، خطوة تضرب حرية التعبير.
والعالم شاهد الشرطة الأمريكية وهي تقوم بالاعتداء على الطلاب من شرق إلى غرب أمريكا مروراً بالجنوب.. وكأن كل ذلك يحدث في جامعات دول العالم الثالث او في الدول العربية أو الإسلامية أو إفريقيا.
النائب في مجلس النواب الأمريكي ريك ألان قال لرئيسة جامعة كولومبيا أثناء استجوابها في الكونغرس: «لقد كان عهد الله لإبراهيم واضحاً جداً: «إذا باركت إسرائيل أباركك، وإذا لعنت إسرائيل ألعنك» ألم تسمعي عن هذا العهد؟، وترد رئيسة الجامعة بالقول، «الآن عرفته منك» واضاف هل تريدين أن يلعن الله جامعة كولومبيا؟!
المظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة شكلت نقطة تحول عالمية في صراع الشرق الأوسط وتقريبا كما كان الأمر سابقا في حرب فيتنام حيث قامت الجامعات الأمريكية بالتظاهر في أعوام 1968 - 1971 لوقف الحرب.
إن “المجتمعات الغربية مجتمعات حية تؤمن بثقافة حقوق الإنسان وذلك رغم الدعاية والبروباغاندا الصهيونية”، أن تكشف الطلبة والجماهير لقيمة الدعم اللامشروط التي تقدمها هذه الدول لإسرائيل وغيرها من العوامل الأخرى، ينذر بحراك قادم للشعوب في الغرب ضد نخبها السياسية والاقتصادية ولفظاعة ما شاهدوه من حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل وبشكل يومي ضد الفلسطينيين.
توسعت احتجاجات الطلبة لدعم غزة في حرم الجامعات الأمريكية خلال الأسبوعين الماضيين خاصة بعد دخول شرطة نيويورك إلى حرم جامعة كولومبيا، بطلب من رئيستها بعد يوم من "استجوابها" في الكونغرس، والقبض على 108 من الطلاب، حيث كان عدد منهم قد قاموا صباح الأربعاء 17 إبريل/نيسان بنصب خيام في حرم الجامعة للاعتصام بداخلها تنديداً بالحرب الإسرائيلية على القطاع
ما ينبغي أن ندركه هو أن الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية المرموقة، من هارفارد في كامبريدج إلى ستانفورد في كاليفورنيا، براون في رود آيلاند ، مروراً بجامعة ميشيغان وأوهايو بالشرق الغربي وصولاً إلى فلوريدا وتكساس، ليس مجرد تحرك عابر بل هذا الاحتجاج بمثابة صحوة إبريل/نيسان، التي تقف في وجه جنون إسرائيل والحركه الصهيونية وإدارة الرئيس بايدن المتصهينة والحكومة الدينية العنصرية المتطرفة في إسرائيل. وترتفع حدة الاحتجاجات في حرم الجامعات الأمريكية كل يوم أكثر وأكثر، بل تتوسع وتنتقل لجامعات أخرى، وكل هذا يصب في الضغط على الرئيس جو بايدن، الداعم لدولة الاحتلال، والمقبل على انتخابات رئاسية بعد أقل من 5 أشهر،حيث يشعر كما الجميع بأنهم على أعتاب نهاية مشابهة لحرب فيتنام. رويترز بالأمس أشارت في استطلاع للرأي أجرته حيث أظهر أن بايدن في أدنى تأييد له في أمريكا حيث نسبه تأييده تدنت إلى %38،
خروج طلاب هذه الجامعات (تعد جامعات النخبة المرموقة ملجأً لأبناء الأسر الثرية من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك أبناء الأغنياء من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا)، المرموقة وغيرها في احتجاجات تذكر بتلك التي شهدتها أمريكا أثناء حرب فيتنام وحركة مكافحة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. يُظهر الحراك الذي يجري في الجامعات الأمريكية، وخاصة تلك المنضوية تحت مجموعة "Ivy League"، وعياً وفخراً لهذا الجيل من الشباب الذي كان يُتهم سابقاً بالأنانية والنرجسية والكسل، ويُعرف بـ"جيل لماذا؟" أو "Generation Why".
وأن تعميم حراكهم السلمي تضامناً مع الفلسطينيين في غزة ورفضًا لسياسات إدارة الرئيس المتصهين بايدن ومشاركتة في دعم حرب الإبادة التي تشنها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بتقديم السلاح والمال والمعلومات الاستخبارية كما دعم وغطاء عسكري ودبلوماسي خاصّة في الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية واستخباراتي ما هو إلا صحوة ضمير في صفوف نخبة طلائعية من الطلاب والأساتذة والمثقفين وصناع الرأي، هذه النخبة سيكون لها في المستقبل دور قيادي زاهر متحرر من تبعيه الصهيوني . إن ما يحدث ثورة حقيقية سلمية من شأنها أن تدفع في تحقيق العداله لشعب فلسطين وان تعزز رفاه الإنسان وازدهار المجتمعات والمساواة وتكافؤ الفرص وقواعد القانون من أجل ديمقراطية عادلة في أمريكا وإنقاذها من الاستبداد والانصياع التام للحركة الصهيونية.
منذ حرب إسرائيل الحالية ضد الشعب الفلسطيني ارتفعت وقائع الكراهية والتحيز ضد العرب وبشكل خاص الفلسطينيين في الولايات المتحدة.
في أكتوبر من العام الماضي ومباشرة بعد أن بدأت إسرائيل بالهجوم على غزة قتل طفل أمريكي من أصل فلسطيني عمره 6 أعوام، بعدما طعنه رجل في ولاية إلينوي.
كما تعرض 3 طلاب من أصل فلسطيني لإطلاق نار في نوفمبر في ولاية فيرمونت، وتعرض أمريكي من أصل فلسطيني للطعن في تكساس في فبراير
من فيتنام إلى غزه:- تحول في مواقف المجتمعات الغربية.
ما يعيد إلى الأذهان الحماسة النضالية التي عمت الولايات المتحدة في فترة الستينيات من القرن الماضي، عندما كانت الاحتجاجات الطلابية الهائلة في الجامعات، تتنوع في أسبابها ومطالبها، حيث شملت مواقف رافضة للحرب في فيتنام، ولنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وتأييدًا لحركة حقوق الإنسان والمساواة.
المؤسسات الأمريكية المنادية لحقوق الانسان تتداعى الآن لقمع الحراك الطلابيّ في أمريكا والذي نتج عنه اعتقال أكثر من 2000 طالب وطالبة وتصفه بالخطير لأنه يجعل إسرائيل وداعميها في الحزبين الأمريكيين الرئيسيين يقفون عراة أمام الرأي العام الأمريكي والعالمي، والذي يكشف حقيقة توجهات الإدارة الأمريكية في دعمها وبشكل منفرد جرائم الإبادة التي تركبها إسرائيل.
المفترض أن الجامعات التي بدأت بالحراك لدعم فلسطين هي جامعات النخبة، والتي تصنع قادة المستقبل في البلاد، مثل جامعة كولومبيا وهارفارد وييل وبراون، وتشمل في صفوفها أبناء النخبة وقطاعاً كبيراً من الطبقة الوسطى التي غالباً ما تقوم بعمليات التغيير في أمريكا، خطورة ما يحدث أنه يكرس لدى الرأي العام الأمريكي والدولي حقيقة قيام إسرائيل بجرائم إبادة جماعية في غزة وتمارس الاضطهاد والتمييز العنصري وبشكل فاضح. ظهور الشرطة الأمريكية على الملأ واستعمالها العنف في قمع المظاهرات أظهر أن ممارسات الشرطة الأمريكية لا تختلف عن أي شرطة في دول العالم الثالث، حيث انتشرت حول العالم صور لعناصر الشرطة الأمريكية، وهم يلاحقون المحتجين السلميين ويعتقلونهم بطرق عنيفة، وبشعة لا تختلف عن غيرها من طرق العنف لدى الديكتاتوريات العريقة.
إن هذا الحراك لا يكتفي بالقول إن ما يجري في غزة إبادة جماعية، ولكنه يؤكد أن أمريكا ليست فقط متواطئة، بل مشاركة في هذه الإبادة، بمليارات الدولارات تمويلاً وتسليحاً ودعماً اقتصاديا وسياسياً ودبلوماسياً ولدى القضاء الدولي، حيث تمارس واشنطن ضغوطاً كبيرة على مدعي عام محكمة الجنايات الدولية بعدم إصدار مذكرات اعتقال، ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين، كما مارست الضغوط ذاتها على محكمة العدل الدولية لرفض قبول الاتهامات الموجهة لإسرائيل، ضمن الملف الذي تقدمت به جنوب إفريقيا وتبنته عده دول كان آخرها تركيا. هذا الحراك يفضح حقيقة تحالف لوبيات تصنيع السلاح وصناعة الطاقة والقطاعات المالية والمصرفية واللوبي الصهيوني والمسيحيين الصهاينة الجدد مع المؤسسة الرسمية، مظهره فيه أن هذه المؤسسات تعمل علي تطويع أمريكا لخدمة مصالح دولة أجنبية على حساب مصالح الأمريكي.
ما كشفته الحرب على غزة والحراك الطلابيّ في العالم الغربي، أن اللوبي الصهيوني قام ومنذ نشأة الكيان الصهيوني في فلسطين سنة 1948 على تدجين النظام الحاكم والمؤسسات العلمية والعسكرية لتقبل وبسردية مغلوطة على إظهار الجلاد الإسرائيلي في صورة الضحية، والضحية الفلسطيني في صورة الجلاد.
وأوضح كما يعري الحراك الطلابيّ ويكشف ويفضح الأسطوانة المستعملة دوما عن أن من ينتقد إسرائيل "معادي للسامية ويكره اليهود ويعمل بشكل مباشر علي تقويض وجودها» وهو التبرير الذي استعملته المؤسسة الرسمية لحكومه بايدن لقمع هذا الحراك، رغم أن منظمة «الصوت اليهودي من أجل السلام» كانت من أبرز المشاركين والمنظمين لاحتجاجات الطلاب في جامعة كولومبيا، الأمر الذي يجعل دعاوى معاداة السامية تسقط أمام مثل هذه الأصوات التي تقول لإسرائيل بصوت عال: «ليس باسمنا».
هذا يدحض التعاطف الزائف الذي أبداه رئيس مجلس النواب مايك جونسون مع الطلاب اليهود حين صرح بأنه لا يحتمل رؤيه اليهود يطاردون في الشوارع من قبل دعاة معاداة السامية، وهو انعكاس لوصف رئيس وزراء إسرائيل أعمال الاحتجاج بأنها أعمال «مجموعة من الغوغاء المعادين للسامية الذين يحتلون الجامعات الأمريكية» وهو الوصف الذي لم يرق للمرشح الرئاسي السابق بيرني ساندرز الذي قال: «لا يا سيد نتنياهو، القول إن حكومتك قتلت 34 ألفا في 6 أشهر ليس معاداة للسامية ولا مناصرة لحركة حماس، والقول إنك دمرت بنية غزة التحتية ونظامها الصحي و221 ألف مسكن ليس عداء للسامية». الغرب واللوبي الصهيوني يخشون أن الطلاب سيدفعوا المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة والغرب على مناهضة الحرب، وهذا يضر في مصلحة إسرائيل وسيدفع قضية شعب فلسطين للاعتراف بها.