طارق الشناوى
سر حامل مفتاح الجنة وسر كريم عبدالعزيز!!
أتابع بقدر كبير من المتعة حوار مسلسل (الحشاشين)، الذي يقف فى منطقة خاصة جدا، بين الفصحى والعامية، إنه الاختيار الأصعب للمبدع عندما يصبح الرهان على كلمة تحمل ظلالا وأكثر من تأويل، لا يمكن وأنت موقن تماما من موقفك أن تعتبرها عامية ولا يمكنك أيضا أن تدخلها فى قاموس الفصحى، فهى تقف فى منطقة رمادية امتزجت فيها تلك المفردات.
هذا هو رهان الكاتب عبدالرحيم كمال والمخرج بيتر ميمى، عندما أجادا ضبط هذا الهامش السحرى، حتى يظل الجمهور مشدودا بكل مشاعره لكل هذا السحر.
مسلسل سيعيش طويلا فى وجداننا، وبعد انتهاء عرضه، تكتشف أنك تستعيده، كثيرا ما كنت أقول لعبدالرحيم كمال أنه وصل للذروة الدرامية فى مسلسل (الخواجة عبدالقادر) 2012 وإن كل مبدع له قمة لن يستطيع طوال مشواره أن يتجاوزها. إلا أنه هذه المرة ذهب بالفعل إلى منطقة أبعد.
شخصية حسن الصباح لا يمكن أن تضعها تحت مسمى الشر المطلق، هو لديه قناعاته، حتى مفتاح الجنة الذي أعلن أنه بين يديه، كان يعبر فيه عن إحساسه ، يشعر أن لديه مددا علويا من السماء، يمنحه كل القوى البدنية والذهنية، وأنه لا ينطق عن الهوى، يضحى بكل شيء من أجل أن يظل هو الحاكم والمتحكم، يقتل أقرب الناس إليه، لا يعترف لا بصلة دم ولا عشرة ولا زمن، المهم أن يظل ليس فقط جالسا على العرش بل يصبح هو العرش.
سر كريم عبدالعزيز ومفتاح أدائه أنه لم يناصب حسن الصباح صاحب مفتاح الجنة العداء، بل تفهم تماما أفكاره.
هناك من تخوف بأن حب الناس لكريم قد يدفعهم لحب حسن الصباح، وهى مقولة خاطئة تماما، لأن الجمهور يتعامل مع فنان كبير، محبوب ومصدق كممثل، ولو كانت الناس تكسر الخط الفاصل، لكره الجمهور رشدى أباظة نجم النجوم وفتى مصر الأول الذي قدم ببراعة كل أدوار الشر.
على العكس تماما، ارتفع مؤشر ترمومتر الحب عند الجمهور بعد كل دور شرير لأنهم اقتنعوا به وهو بالضبط ما يجنيه الآن كريم عبدالعزيز مع (الحشاشين).
لا يمكن لأحد أن يختصر النجاح فى الإمكانيات التي رصدت للمسلسل، ولكن كيف تم توظيف هذه الإمكانيات ؟، هذا هو بالضبط السر، الشاشة التي قدمها لنا بيتر ميمى حلقت مع السيناريو والحوار الذي أبدعه عبدالرحيم كمال.
يظل المسلسل نقطة فارقة فى تاريخ الدراما التليفزيونية العربية، سر حامل مفتاح الجنة وسر كريم عبدالعزيز!!