عاجل
الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الانتخابات الأمريكية.. الأمة على المحك

الانتخابات الأمريكية.. الأمة على المحك

مع توجه الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع، تبدو المخاطر أعلى من أي وقت مضى، فقد قدم كل من الحزبين الرئيسيين رؤى مختلفة تماما للأمة، تعكس انقسامات سياسية وثقافية عميقة. 



ولكن في هذه البيئة شديدة الاستقطاب، يخشى كثيرون أن يشعر حتى النصر الحاسم وكأنه خسارة للبلاد ككل. 

وأيا كان من يصبح رئيسا، فإن الانقسامات الأساسية بين المناطق الحضرية والريفية، والمحافظين والتقدميين، والشباب والكبار، فبغض النظر عمن يفوز، فإن التحديات التي تواجه الوحدة الوطنية والثقة والاستقرار قد تظل دون حل.

لا شك أن الأمة مستقطبة، ويبدو أن القضايا التي سمحت ذات يوم بمساحة للتسوية تدفع الأميركيين إلى مزيد من التباعد. 

فقد أصبحت الهجرة والرعاية الصحية وحقوق الأسلحة والتعليم وتغير المناخ نقاط اشتعال للانقسام، وغالبا ما يُنظر إليها على أنها معارك رمزية حول هوية البلاد ذاتها. بالنسبة للعديد من الناخبين، تبدو المخاطر وجودية. 

فالخسارة تعني المخاطرة بقيم المرء ورؤيته للمستقبل، مما يجعل فكرة التنازل بلباقة شبه مستحيلة.

ينظر مؤيدو المرشحين من كلا الجانبين إلى بعضهم البعض باعتبارهم الأمل الوحيد "لإنقاذ" البلاد من الرؤية المعارضة. 

بالنسبة للعديد من الناس، لم تعد هذه مجرد اختلافات في السياسات بل ضرورة أخلاقية، هذا الشعور يغذي تصور أن انتصار الجانب الآخر يشكل تهديدًا للأمة نفسها. 

ولكن مع وجود الكثير على المحك وقليل من القواسم المشتركة، تخاطر الولايات المتحدة ببيئة سياسية حيث لا يمكن لأي نتيجة أن ترضي الشعب الأمريكي تمامًا.

على مدى السنوات الأخيرة، ضعفت الثقة في المؤسسات الكبرى، الحكومة والمحاكم ووسائل الإعلام، بشكل كبير. 

وقد أسهم هذا الاتجاه، الذي تسارع بسبب وسائل الإعلام الحزبية وتضخم على وسائل التواصل الاجتماعي، في خلق بيئة من عدم الثقة. 

يتهم كل جانب الآخر بتقويض الديمقراطية، وعدد متزايد من الأمريكيين على استعداد للاعتقاد بأن نتائج الانتخابات يمكن تزويرها أو عدم شرعيتها إذا لم تتوافق مع توقعاتهم.

وقد يثبت هذا انعدام الثقة أنه أحد أكثر الإرثات ضررا لانتخابات 2024. فعندما يفقد الأميركيون الثقة في المؤسسات المصممة لحماية الديمقراطية، تبدأ أسس البلاد نفسها في التذبذب. 

وإذا اعتبرت أجزاء كبيرة من السكان النتائج غير شرعية، فستواجه الإدارة القادمة معركة شاقة من أجل المصداقية. وحتى إذا ظهر فائز واضح، فقد يقود بلدا فقد الثقة في عملياته الديمقراطية.

كما تثقل المخاوف الاقتصادية كاهل الناخبين، مما يزيد من الشعور العام بالاستياء، فقد خلق التضخم وانعدام الأمن الوظيفي وديون الطلاب وأزمة الإسكان أرضا خصبة للإحباط. وبالنسبة للكثيرين، تؤدي هذه الضغوط الاقتصادية إلى تفاقم الشعور بأن الحكومة تفشل في تلبية احتياجات المواطنين العاديين.

وتضيف التوترات الثقافية والاجتماعية طبقة أخرى من التعقيد، وأصبحت المناقشات حول العرق والجنس والحقوق الفردية مسيسة بطرق تجعل التسوية شبه مستحيلة. 

وهذه القضايا ليست مجرد مناقشات حول السياسة، الواقع أن هذه الصراعات تدور حول القيم والهوية، وهي معارك يصعب حلها كثيراً. وتساهم هذه الاستقطابات الثقافية في ترسيخ عقلية المحصلة الصفرية، حيث تبدو المكاسب التي تحققها مجموعة ما وكأنها خسائر لمجموعة أخرى.

من يفوز في انتخابات عام 2024 سيرث أمة منقسمة وغير واثقة، والتحديات التي تواجه القيادة في هذا العصر عميقة، وسوف يواجه الرئيس القادم المهمة الشاقة المتمثلة في محاولة حكم شعب قد لا يعترف بشرعيته أو يتقاسم رؤية موحدة للبلاد. 

ومن المرجح أن تواجه محاولات معالجة القضايا الملحة مثل التفاوت الاقتصادي أو تغير المناخ معارضة شرسة من بعض الجهات، مما يجعل إحراز تقدم كبير أمراً صعباً.

بالنسبة للعديد من الأمريكيين، سيظل عام 2024 في الأذهان باعتباره اللحظة التي برزت فيها الانقسامات في البلاد إلى الواجهة، وألقت بظلالها على أي انتصار محتمل.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز