عاجل
الأحد 23 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

صحافة

التلاعب والتضليل: الذكاء الاصطناعي وعلاقته بتزييف الأخبار المعروضة

الذكاء الاصطناعي … مع تزايد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي ، شهدت الصحافة تطورا سريعا فى السنوات الأخيرة؛ حيث أصبح الذكاء الاصطناعى أداة رئيسية فى إنتاج الأخبار ونشرها، وتعرف هذه الظاهرة باسم "صحافة الذكاء الاصطناعى".



 

صحافة الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين:

يمتلك استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة العديد من الفوائد مثل تحسين جودة الأخبار، وتعزيز كفاءة النشر، وتوسيع نطاق الوصول إلى الأخبار، ومع ذلك فإنها تطرح أيضا بعض المخاطر، مثل انتشار المعلومات المضللة واختراق الخصوصية وتضليل الرأى العام.

 

وفي ذلك التقرير ستقوم بوابة روزاليوسف برصد جميع جوانب تلك القضية:

ألقت تقنيات الذكاء الاصطناعى بظلالها على واقع الممارسة الصحفية، وأحدثت تحولات كبيرة فى قدرتها على التأثير فى الرأى العام، وبات جزءا من المؤسسات العالمية يتجه نحو استخدام الذكاء الاصطناعى والاستفادة منه فى مجالات عدة، أهمها استخراج البيانات، وتحسين طرق البحث، والتنبؤ بالموضوعات، والتفاعل مع تعليقات الجمهور، ومكافحة الأخبار المزيفة، وكتابة النصوص الإخبارية بشكل كامل، وذلك بهدف توفير أدوات أكثر ذكاء وسرعة فى نقل الخبر إلى المتلقى، وتفاعل الجمهور بسهولة، وقد أدى ذلك إلى ظهور بعض المفاهيم المستحدثة، مثل صحافة الروبوت، وتوليد اللغة الطبيعية، والخوارزميات، وغيرها.

 

إن اقتحام  التكنولوجيا الرقمية للمشهد الإعلامى كقوة دافعة، أصبح يغير المفاهيم الاقتصادية والسياسية، وقواعد التجارة والقدرات التنافسية ما عكست آثارا عميقة وهائلة على مستقبل الإعلام الرقمى، وبروز المجتمعات الرقمية المعتمدة على توظيف التكنولوجيا فى كل مناحى الحياة والعمل.

 

 

التلاعب والتضليل  الإعلامى: 

 

فى عصر تحظى فيه منصات تقنية عالمية معدودة وذات تأثير هائل بالقدرة على زعزعة الوسائل التقليدية التي كانت تعتمد عليها المجتمعات فى الحصول على المعلومات، فإن عمليات التلاعب بالإعلام وحملات المعلومات المضللة تمثل تحديا صارخا لجميع المؤسسات السياسية والاجتماعية.

 

وثمة اتفاق عريض بأن التلاعب والتضليل فى الإعلام من المعضلات الحقيقية التي تواجه المجتمعات اليوم، لكن تعريف المعلومات المضللة والتلاعب الإعلامى وكشف توثيقه ودحضه لا يزال صعبا، ولا سيما أن الهجمات باتت تستهدف قطاعات مهنية مختلفة مثل الصحافة والقانون والتكنولوجيا.

 

لذا، فإن فهم التلاعب الإعلامى بوصفه نشاطا ذا نمط ما سيكون خطوة أولى لا غنى عنها فى العمل على التحقق بشأن الظاهرة والحد من ضررها .

 

 

صحافة الذكاء الاصطناعى والتزييف العميق:

 

أحد تحديات استخدام الذكاء الاصطناعى لمكافحة الأخبار المزيفة هو الذكاء الاصطناعى نفسه؛ حيث يستخدم الذكاء الاصطناعى بالفعل فى إنشاء التزييف العميق (Deep fake) بطريقة عميقة من خلال صور وفيديوهات ومقاطع صوتية يتم فيها استبدال وجه شخص ما أو التلاعب بلقطات وطبقة الصوت الخاصة به بأستخدام بصمة الصوت.

 

 ما يجعل الأمر يبدو كما لو أن الشخص قال شيئا لم يقله فى الواقع، وفى الوقت الحالى  أصبحت تطبيقات الهواتف الذكية قادرة على هذا النوع من التلاعب، وإن كانت هذه التطبيقات تنتج ما يعرف بالتزييف الرخيص (cheap fakes)، وعلى الرغم من ذلك فإن هذه التقنيات أصبحت فى متناول أى شخص تقريبا، ويصعب اكتشافها خاصة لدى غالبية المستخدمين غير المتخصصين.

 

 

ويعرف بعض الباحثين الأخبار الزائفة بأنها أخبار خاطئة غير حقيقية، وتم اختلاقها بصورة كلية أو جزئية.

 

 

وتتميز تلك التقنية عن غيرها من شبكات الذكاء الاصطناعى الأخرى بأنها لا تكفى فقد بمقارنة البيانات وتصنيفها وعرض النتائج بناء على مدخلات ثابتة، بل لها القدرة على التعلم وإنتاج بيانات مشابهة للبيانات الأصلية، وتدريب الذكاء الاصطناعى على اكتشاف أنماط الكلام المحددة فى الشخص واستنخدام البيانات لجعل هذا الشخص يقول الكلمات التي لم يقلها بالفعل فى الحياة الحقيقية.

 

 

وعرفت صحيفة New York Timesالــ   Face newsبأنها نوع من الصحافة الصفراء أو الدعاية التي تتكون من التضليل  المتعمد باستخدام أسليب الدعايا السوداء او الرمادية، أو الخدع المنتشرة  عبر وسائل الإعلام المطبوعة والإذاعية التقليدية، أو مواقع الشبكات الاجتماعية.

 

 

 

 

والأخبار الزائفة هى بالتأكيد جزء من فئة أكثر عمومية من الخداع الصحفى ما يعرف بأسم "الخبر الملون"، وقد أشار "إليوت وكولفر" إلى أن تلك الأخبار ليست رسائل اتصالية فقد تقدم عن طريق الكذب، لكن تقدم أيضا عن طريق حجب المعلومات وإخفائها؛ ما يؤدى إلى خلق أشخاص لديهم اعتقاد زائف، ومن ثم يمكن عدُّ تلك الأخبار  شكلا من أشكال التضليل الإعلامى.

 

تقنيات الذكاء الاصطناعي تناقض نفسها:

 

فقد أعلنت شركة Google عن ظهور أداة تسمى “SynthID” تقوم بكشف الصور والفيديوهات المفبركة عن طريق تقنية الذكاء الاصطناعي وأنها حاليًا متاحة لقليل من العملاء الذين يدفعون مقابل لأعمالها، مما يجعل تلك الأداة مهمة للحد والتقليل من المعلومات المضللة… والتحقق من الصور والفيديوهات.

 

 

 

التزيف العميق وتقنيات التضليل:

 

فى عام 2018، نشر البروفيسور سوى لاى (Siwei Lyi)، وهو باحث رائد فى مجال التزبيف العميق فى جامعة ألبانى (Albany)، ورقة بحثية تثبت أن الوجوه التي تظهر فى مقاطع الفيديو عميقة التزييف لا ترمش بنفس المعدل الذي يرمش به البشر الحقيقيون.

 

وسرعان ما تلقفت هذه الملاحظة العديد من المجلات والمواقع، ما ولَّد اقتناعا لدى كثيرين بأنه قد باتت لدينا الآن طريقة موثوق بها للتعرف إلى مقاطع الفيديو عميقة التزييف.

 

 

 ولم تمض عدة أسابيع على نشر هذا البحث حتى وصل إلى هذا الباحث عدد من مقاطع الفيديو عميقة التزييف تستخدم وجوها ترمش بشكل مماثل للطريقة التي يرمش بها البشر الحقيقيون، وهكذا فإن هذه الملاحظة لم تعد مفيدة ولا دقيقة، رغم أنها كانت خللا أساسيا فى خوارزميات التزييف العميق فى تلك الآونة، وبيانات التغذية التي كانت تستخدم فى إنشائها، ولكن فى غضون بضعة أشهر اختفت هذه المشكلة بعد التوصل إلى حل لها.

 

خبراء يحزرون:

 

حذر خبير أمن المعلومات المهندس وليد حجاج أن هناك أدوات وخدمات تابعة للذكاء الاصطناعي سهلت فبركة الصور وتزييفها… كما انتشر فى الآونة الأخيرة فيديوهات غير حقيقية مصنوعة من قبل الذكاء الاصطناعي… وتركيب أصوات ونسبها لشخصيات لا تمت للصوت بصلة.

 

وهناك العديد من البرامج الخاصة بتعديل الصور التابعة للذكاء الاصطناعي مثل:

  • دي بونوت
  • كرايون
  • ميدجورني
  • دال-إي
  • ستايبل
  •  

حيث بإمكان تلك التطبيقات تزييف الصور بشكل يجعل المرء يدركها على أنها حقيقية تمامًا وغير قابلة لأى نوع من أنواع الشك… ومن الطبيعى أن يُعد ذلك جريمة وكارثة.

 

 

استخدام إسرائيل لتزييف الصور والفيديوهات أثناء الحرب:

 

 

تستخدم إسرائيل العديد من الوسائل لتزييف وتشويه الحقائق… حيث إنه تم انتشار العديد والعديد من الصور والفيديوهات المفبركة منذ بداية الحرب الفلسطينية… حيث يرغب الجانب الصهيونى فى تشويه الحقيقة وجعلها تبدو من وجهة نظرهم فقط.

 

ومن السهل جدًا إنتاج صور بأى شكل وأى وصف، مجرد تحديد البيانات لبرامج مثل Dall-E أو Midjourney فيقوم بتحويل تلك البيانات لصور بدون أى تصميمات يدوية، ومن البديهى أن الصور والفيديوهات المفبركة تؤدى لتضليل المعلومات وإخفاء الصورة الحقيقية للصراع.

 

 

 

 

 

استراتيجيات مواجهة نشر المعلومات والأخبار الكاذبة:

 

1- إصدار تشريعات لحذف الأخبار الكاذبة

عمدت الدول الأوروبية إلى إصدار تشريعات لمواجهة الأخبار الكاذبة والمحتوى المتطرف، فعلى سبيل المثال أصدرت ألمانيا قانونا حمل اسم "قانون إنقاذ الشبكات" (Network Enforcement Act)، الذي بموجبه يطالب مواقع التواصل الاجتماعى بإزالة الأخبار الزائفة التي تحرض على الكراهية، وذلك خلال فترة زمنية لا تتجاوز 24 ساعة، وإلا تعرضت هذه المواقع لغرامات تصل إلى 50 مليون يورو.

 

2- التعامل النقدى مع المواد الإعلامية

تبنى الاتحاد الأوروبى استراتيجية جديدة لمكافحة انتشار الأخبار الزائفة، وكانت أحد أهم أعمدة هذه الاستراتيجية هى مطالبة الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى بتطوير نظمهم التعليمية، بحيث تتضمن مواد تعليمية حول المواطنة الرقمية والثقافة الإعلامية (Media Literacy)، بالإضافة إلى تعليمهم مهارات التفكير النقدى، لزيادة درجة وعيهم حول مخاطر نشر المعلومات والأخبار الكاذبة والأدوات التكنولوجية المستخدمة لنشرها بصورة مكثفة على مواقع التواصل الاجتماعى.

 

3- توظيف الذكاء الاصطناعى

يرى البعض أن أنظمة الذكاء الاصطناعى من الممكن توظيفها كأجهزة رادار أو نظم إنذار مبكر، تستطيع رصد التهديدات المعلوماتية النابعة من العدو فى صورة أخبار كاذبة، أو إشاعات أو غيرها، وتحديد منشأها، والمواقع التي انتشرت عبرها، بل توجيه مستخدمى الإنترنت إلى المواقع التي تفند هذه الأخبار الكاذبة.

 

 

 

 

الذكاء الاصطناعى و تغير موازين القوى.

 

وفي سياق متصل ، قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قال: إن من يسيطر على الذكاء الاصطناعى سوف يسيطر على العالم، وفى تقرير للجمعية البرلمانية لحلف الناتو الصادر فى أكتوبر 2022 أشار إلى أن "للذكاء الاصطناعى آثارا مدمرة على القدرات العسكرية، ومن المتوقع أن يزداد هذا الأثر بشكل كبير خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة". ومن جانبه حذر عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينج من أن الذكاء الاصطناعى "أسوأ شىء يحصل للبشرية"، وتنبأ بأنه "ربما تطور الروبوتات أسلحة قوية ذاتية التحكم أو أساليب جديدة لاضهاد الكثيرين"، وقال أعتقد أنه لا توجد فروقات عميقة بين ما يمكن للعقل البيولوجى أن يحققه وما يمكن للحاسوب أن يحققه، نتيجة لهذا فإنه يمكن للحواسيب  ان تتفوق علي الذكاء البشرى،  كل ذلك ما هو إلا دليل على التأثير الكبير الذي يمكن أن يتسبب به الذكاء الاصطناعى فى تغير موازين القوى.

 

خاتما... هناك لجميع تقنيات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي جانبين، وتعتبر دائمًا سلاح ذو حدين، لذا فمن الأولى أن نأخذ ما يمكن أخذه بشكل أيجابي ونحد مما يمكن أن يستخدم فى ضرر البشرية أو التأثير السلبي عليها.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز