لقطات من زمن فات
عاجل| حكايات القمة.. قصة "عامر الثامن عشر" وديربي 65 "السوداني"
أحمد فتحي
حكايات القمة هي اللفظة الأقرب للحقيقة والدقة، لوصف الحالة الشعورية العالقة بأذهان عشاق ومُشجعي الناديين، والتي تحملها وتؤول إليها نهاية مثل هذه المواجهات الساخنة، التي تجمع بين فريقي الأهلي والزمالك في جميع المسابقات، المحلية منها في المُجمل الأعم، والقارية التي لا تتعدى مراتها عدد أصابع اليد الواحدة.
فغالبًا ما تحمل ديربيات القمة الكروية الأشهر عربيًا، والأقدم إفريقيًا العديد من الذكريات واللمحات التي يُسجلها التاريخ، ويتندر بها عُشاق القطبين لتصبح تُراثًا تتناقله الأجيال فيما بعد، وقاعدة عامة يتم الاستناد إليها والاستدلال بها، للتأكيد على صعوبة توقع نتيجة مباريات الأهلي والزمالك، في شتى المسابقات التي تجمع بين لاعبي الفريقين.
وعلى مدار 124 لقاءًا سابقًا ببطولة الدوري الممتاز، دارت رحى معارك كروية طاحنة، بين لاعبي ونجوم الأهلي والزمالك، ابتسمت فيها الساحرة المُستديرة لجماهير أحد القطبين مرات عديدة، قبل أن تُدير ظهرها إليهم ويتخلى الجنرال "حظ" عنهم في مواجهات آخرى تالية، كما هو الحال في مثل تلك الديربيات.
حفلت حكايات القمة بالعديد من اللقطات والوقائع الغريبة، التي سجلتها إحصائيات ديربي القمة، وحفظتها جماهير القطبين الأقدم والأكبر سنًا عن ظهر قلب، والتي غالبًا ما يدور أغلبها حول التألق اللافت لأحد رموز الفريقين، وإسهاماته الإيجابية في قيادة فريقه نحو تحقيق الفوز والانتصار.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، لم يفلت بعض لاعبي ديربيات القمة، التي جمعت بين الأهلي والزمالك، على مدار تاريخ لقاءات الفريقين، من سخط وانتقادات الجماهير، نتيجة ابتعادهم عن مستواهم، ومساهمتهم الفاعلة في ضياع نقاط المباراة، أو توجيه بوصلة اللقب صوب الفريق الخصم، وهي الوقائع التي حفرت نفسها في ذاكرة عُشاق القطبين، ضمن حكايات القمة التي لا تُنسى.
وقبل انطلاق القمة 125 نستعرض مع القراء، عددًا من الديربيات التاريخية التي أثارت جدلًا واسعًا، وكان لها الصدى الأكبر في تاريخ لقاءات الفريقين، ببطولة الدوري الممتاز، نقدمها كما هي طبقًا لترتيبها التاريخي.
موسم 66/65
قمة سودانية بامتياز
شهد لقاء قمة الدور الثاني بين الأهلي والزمالك، واحدة من المُفارقات الغريبة، التي أرشفتها سجلات المباراة، وأدلى فيها “لاعبين” سودانيين بدلوهم، في تعديل نتيجة المباراة وتحويل دفتها، نحو تتويج أحد القطبين بنقطتي الفوز، طبقًا لقواعد البطولة التي كانت تمنح الفائز نقطتين فقط.
في هذا اللقاء افتتح إبراهيم الكبير -اللاعب السوداني المُحترف بصفوف المارد الأحمر- شريط الأهداف بهدف مُعاكس داخل مرماه، قبل أن يُضاعف مواطنه عمر النور "نجم القلعة البيضاء" النتيجة بالهدف الثاني، لتنتهي المباراة 2/0 لصالح أبناء ميت عقبة، في البطولة التي تُوج بها النادي الأولمبي للمرة الأولى في تاريخه بمنافسات الدوري.
موسم 82/81
دوري عامر "الثامن عشر"
أبى تاريخ مواجهات الأهلي والزمالك ببطولة الدوري المُمتاز أن يُمر مُرور الكرام، وعاود مُفارقاته الغريبة في ديربي قمة موسم 81/82، وكان بطلها نجم الأهلي الأسبق محمد عامر، صاحب العلامة الكاملة، وهداف اللقاء الأوحد بلا مُنازع.
بدأت المُباراة بتسجيل "عامر" هدفًا مُعاكسًا، بتسديدة خاطفة داخل مرمى فريقه، ليتقدم المارد الأبيض بهدف دون رد، وتسير المواجهة نحو فوز الزمالك الأول في مواجهات هذا الموسم.
وقبل انتهاء الوقت الأصلي فاجأ محمد عامر الجميع، وانشقت الأرض عنه، بتسديدة مُباغتة أعادت الأمور إلى نصابها، مُحرزًا هدف التعادل للأهلي، لينتهي اللقاء 1/1، وهي النتيجة التي حولت بوصله بطولة الدوري تجاه القلعة الحمراء، ليحقق الشياطين لقبهم "الثامن عشر" بفارق نقطتين فقط عن الزمالك، الذي حل في المرتبة الثانية برصيد 25 نقطة.
موسم 2002/2001
"بيبو وبشير.. بيبو والجون"
انتفض المارد الأحمر بقيادة الداهية البرتغالي مانويل جوزية في ولايته الأولى، ليثأر لهزيمة ديربي الدور الأول، والتي فاز بها الزمالك بهدفي الثعلب الصغير حازم إمام، وسجل حينها علاء إبراهيم هدف الأهلي الوحيد، في المواجهة التي انتهت 2/1 للأبيض.
وخلال مواجهة الدور الثاني كشر الأهلي عن أنيابه، وحقق انتصارًا تاريخيًا عريضًا، احتل موقعًا مُميزًا في سجلات لقاءات القطبين، ليكون واحدًا من أبرز حكايات القمة، ويدخل ضمن النتائج “المُذلة” التي تلقاها أبناء ميت عقبة أمام المارد الأحمر، في ديربيات بطولة الدوري الممتاز، والتي حملت الرقم 89.
في هذه المواجهة التاريخية تألق النجم خالد بيبو، وتقمص دور البطل المغوار،ليُسجل بمفرده أربعة أهداف دُفعة واحدة في العرين الأبيض، كان القاسم المُشترك في أغلبها هو "بشير التابعي" مدافع الزمالك الصلد، الذي انكسرت شوكته في هذه المعركة الثنائية الخاصة، لتظل أنشودة "بيبو وبشير.. بيبو والجون" هي المقولة الأشهر العالقة بأذهان جماهير الأهلي، والأكثر قسوة على عاشقي القلعة البيضاء.
ورغم هذه النتيجة الثقيلة، إلا أنها لم تشفع بانتقال اللقب إلى قلعة الجزيرة، ولم تُشكل فارقًا كبيرًا في ما آلت إليه النسخة الـ45 لبطولة الدوري الممتاز، والتي حسمها الإسماعيلي بفارق نقطتين عن الأهلي، الذي حل في المرتبة الثانية كوصيف، بعد لقاء قدم فيه نجوم الفريقين أداءًا رفيع المُستوى، لتكون هي المباراة الأشهر على مدار مواجهاتهما معًا، وانتهت بالتعادل بين المارد الأحمر والدراويش بنتيجة 4/4.
موسم 2014/2013
"الجنرال توفيق" يتخلي عن "توفيق"
انضم أحمد توفيق مدافع الزمالك إلى القائمة السوداء لديربيات القمة التي جمعت بين الأهلي والزمالك ببطولة الدوري الممتاز، بعدما سجل بالخطأ في مرماه، مُهديًا الفوز ونقاط المباراة للمارد الأحمر، الذي حقق لقبه السابع والثلاثين، وتصدر فيها نجمه "عبدالله السعيد" قائمة الهدافين مُناصفة مع جون أنطوي "مُهاجم الإسماعيلي" بـ8 أهداف.
موسم 2022/2021حارس الفراعنة "خارج نطاق الخدمة”
سجلت مواجهة ديربي الدور الأول بين الأهلي والزمالك، واحدة من أعلى النتائج من حيث غزارتها التهديفية، التي وصلت إلى 8 أهداف دُفعة واحدة، في لقاء دراماتيكي حقق فيه المارد الأبيض الفوز، وخسر لقب البطولة للعام الثاني على التوالي.
شهدت مواجهة ديربي القمة 123 تفوقًا واضحًا للاعبي الأهلي، الذين امطروا شباك محمد أبو جبل "جباسكي" بخمسة أهداف، ثلاثًا منها في النصف ساعة الأولى من عُمر المباراة، واحدًا منها أحرزه حارس مرمى الزمالك والمنتخب القومي بالخطأ في مرماه.
حملت سجلات ديريي القمة 123 توقيع سبعة لاعبين "مصطفى فتحي، زيزو، بن شرقي للزمالك، محمد أبو جبل (هدف عكسي)، محمد شريف، أليو ديانغ، علي معلول "ثنائية"، لتنتهي لصالح الأهلي بالفوز 5/3.
ورغم الفوز الكاسح الذي حققه الأهلي بقيادة بتسو موسيماني، إلا أنها لم تشفع له في امتصاص غضبة الجماهير الحمراء التي اتهمت مديرها الفني بسوء إدارته للمباراة، وارتكابه حفنة من الأخطاء التكتيكية على مستوى التشكيل والتغييرات، ما حرمهم من تحقيق فوز تاريخي يصعب تكراره على المدى القريب، لتُسهم هذه النتيجة وخسارة اللقبين المحلي والإفريقي في فك الارتباط بين القلعة الحمراء والمدرب الجنوب إفريقي، بعد مسيرة حافلة بالإنجازات القارية والدولية.