عاجل
الخميس 15 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

"ذا ديبلومات": امتلاك فيتنام لسلاح نووي سيضر بمكانتها على الساحة الدولية

السلاح النووي - ارشيفية
السلاح النووي - ارشيفية

ذكرت مجلة (ذا ديبلومات)، المتخصصة بالشؤون الآسيوية، "أن الدعوات التي تحث فيتنام على امتلاك سلاح نووي من أجل تحقيق التوازن مع الصين ستضر بمكانة فيتنام على الساحة الدولية وتجعلها "منبوذة" دوليًا بسبب العقوبات التي ستطبق عليها على غرار كوريا الشمالية".



وأوضحت المجلة أن هذا الاقتراح، وإن كان منطقيا، إلا أنه يُهمل تاريخ فيتنام وإدراكها لدور الأسلحة النووية في استراتيجيتها الأمنية لاسيما فيما يخص علاقتها مع الصين، مشيرة إلى أن امتلاك قدرة نووية كان أمرًا متاحًا أمام فيتنام في أواخر سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي في إطار تحالفها مع الاتحاد السوفيتي السابق. 

وأضافت أن موسكو قامت ببناء ملاجئ لغواصاتها النووية في خليج "كام رانه" الفيتنامي للقيام بدوريات في بحر الصين الجنوبي، إلا أن فيتنام اختارت في نهاية المطاف عدم استضافة الرؤوس الحربية النووية السوفيتية لسبب واحد وهو أنها لا تريد الإضرار بعلاقتها مع الصين في وقت انخرط فيه البلدان في عملية تطبيع للعلاقات الدبلوماسية بنهاية ثمانينيات القرن الماضي وأوائل التسعينيات.

وتابعت أنه تبريرًا لعدم استضافتها لأسلحة نووية، راجعت فيتنام معاهدة عام 1978 للصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفيتي السابق وجادلت بأنها لا تتضمن أي بنود تنص على السماح لموسكو باستضافة رؤوس حربية نووية في خليج "كام رانه"، وبعدها فقد تحالف الاتحاد السوفيتي وفيتنام تماسكه بسبب التدهور الاقتصادي للاتحاد السوفيتي ومساعي تطبيع العلاقات مع الصين.

ولفتت إلى أن فيتنام لو كانت حريصة على امتلاك أسلحة نووية لردع الصين بأي ثمن، لقبلت باستضافة الرؤوس الحربية النووية السوفييتية، وإنما كان قرار هانوي برفض استخدام الأسلحة النووية أمرًا حيويًا من أجل تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الصين في عام 1991.

وأشارت إلى أنه بعد رفضها استضافة الأسلحة النووية السوفيتية والانسحاب السوفيتي الكبير من خليج "كام رانه"، انضمت فيتنام إلى معاهدة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في جنوب شرق آسيا عام 1995، وبموجبها تعهد الموقعون على المعاهدة بالتخلي وعدم تطوير أسلحة نووية أو تصنيعها أو حيازتها أو امتلاكها أو السيطرة عليها أو نقل الأسلحة النووية بأي وسيلة أو إجراءات اختبارات لها أو استخدامها.

وأضافت أن سبب انضمام فيتنام للمعاهدة كان يحمل بين طياته هدفًا استراتيجيًا، حيث كانت هانوي تتطلع أن تقيد هذه المعاهدة الخيارات العسكرية الصينية في المنطقة، موضحة أن فيتنام انضمت بعد ذلك إلى معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية عام 1996 وصدقت عليها عام 2006، لتؤكد هانوي بذلك التزامها بعدم انتشار الأسلحة النووية.. كذلك، فإن فيتنام عضو في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية منذ عام 1982.

ووفقًا لـ(ذا ديبلومات)، ليس من المبالغة الادعاء بأن قرار فيتنام بعدم استضافة الأسلحة النووية السوفيتية والمشاركة بالمنطقة الخالية من الأسلحة النووية في جنوب شرق آسيا كان ضروريًا لإعادة إدماجها في المجتمع الدولي، وهي الخطوة التي فشلت كوريا الشمالية في اتخاذها حتى الآن.

وتابعت أنه بناء على ما سبق ذكره، فإن تحول فيتنام إلى دولة نووية من شأنه أن يفسد بشكل أساسي سياسة هانوي الخارجية المتبعة منذ فترة ما بعد الحرب الباردة والقائمة على التنوع والتعددية، فالسعي وراء امتلاك الأسلحة النووية من شأنه أن يشوه على الفور استراتيجية نمو هانوي الاقتصادي القائمة على الصادرات؛ نتيجة للعقوبات الدولية التي من المحتمل أن تُفرض عليها بسبب هذه المساعي، مما سيخفض من مكانتها على الساحة الدولية على غرار كوريا الشمالية.

ولفتت إلى أن هذه السيناريوهات ليست محض خيال، ففعليا كانت فيتنام منبوذة قبل 40 عاما فقط حينما كانت تفكر في استضافة الأسلحة النووية السوفيتية، مشددة على أن فيتنام لا ينبغي لها على الإطلاق معاداة الصين؛ لأن أمنها وازدهارها يعتمد على علاقتها الجيدة مع الصين. 

فعلى الرغم من أن السير في المسار النووي بالنسبة لفيتنام يعد مسألة دفاع عن النفس، إلا أنه بالنسبة للصين سيعتبر إشارة قوية على أن فيتنام لديها نوايا عدوانية، ولن تخجل الصين من تنفيذ ضربات استباقية ضد فيتنام لوأد برنامجها النووي الناشئ.

وأوضحت المجلة أنه حتى لو نجحت فيتنام في الحصول على قدرة نووية بتكلفة عالية، فمن غير المؤكد أيضا إذا كان بإمكانها الحفاظ عليها على المدى الطويل بالنظر إلى أساسها الاقتصادي والتكنولوجي الأضعف مقارنة بالصين التي تمتلك صواريخا أكثر دقة وعددًا.

وأضافت أن الصين تُدير ترسانتها النووية منذ 50 عامًا على الأقل، في حين أن فيتنام ليس لديها الخبرة الكافية لإدارة أية قدرات نووية بمفردها، الأمر الذي سيزيد من مخاطر وقوع حوادث نووية، وهو ما يدحض تبريرات ضرورة امتلاك فيتنام لترسانة نووية توازن بها التفاوت الهائل في القوة بينها وبين الصين.

وبافتراض السيناريو غير المحتمل، فمن غير المُجدي لفيتنام ردع الصين في بحر الصين الجنوبي وبأسلحة نووية؛ نظرًا لأن تلك الجزر لا تُمثل أهمية استراتيجية بالنسبة لفيتنام.

وذكرت المجلة إن كل هذه الأمور تجعل امتلاك سلاح نووي أمر غير ضروري بل وضار لفيتنام، لاسيما وأن سياستها الخارجية مبنية على رغبتها في تكوين صداقات مع جميع البلدان، مما يجعل السعي لامتلاك قدرة نووية عاملًا قد يؤدي إلى فشل تلك السياسة، مؤكدة أن فيتنام قالت لا للأسلحة النووية في الثمانينيات عندما كانت في وضع أسوأ مما هي عليه الآن، ويجب عليها القيام بذلك مرة أخرى.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز