عاجل
الأربعاء 16 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
عيد الشرطة.. الاصطفاف قائمٌ والبطولات ممتدةٌ

عيد الشرطة.. الاصطفاف قائمٌ والبطولات ممتدةٌ

فوجئ مواطنو الإسكندرية 11 يوليو 1882، بقذائف مدفعية البحرية البريطانية، تدق حصون الدفاع، لتسقط بعد بسالة في المقاومة، وتبدأ حقبة احتلال بغيض لمصر، امتدّت 75 عامًا.



 

مع اندلاع الحرب العالمية الأولى ، 1914 فرض الاحتلال على مصر الأحكام العرفية، وصادر المحاصيل الزراعية، وغلّظ الرقابة على المطبوعات، وزاد من ضغطه على الشعب الذي ازداد معاناة، فتحرك الزعيم سعد زغلول ورفاقه، مطالبين المندوب السامي البريطاني بإلغاء الأحكام العرفية واستقلال مصر.

 

واجه الزعيم النفي، وواصل الشعب نضاله فثار عام 1919 ضد الاحتلال، حتى أبرمت معاهدة 1936، التي انسحبت قوات الاحتلال بموجبها من جميع أراضي القطر المصري، باستثناء مدن القناة التي تمركز بها 80 ألف جندي بريطاني بمعسكراتهم وأسلحتهم الثقيلة.

 

كانت المعاهدة تلزم مصر بالدفاع عن المصالح البريطانية، وهو ما رفضه الشعب، فاستجابت حكومة الوفد، وألغى البرلمان معاهدة 1936 في جلسة عاصفة يوم 8 أكتوبر 1951، لتواصل الحكومة والشعب النضال.

 

غادر العمال المصريون أعمالهم في معسكرات الاحتلال، واصل الفدائيون عملياتهم الموجعة للعدو في مُدن القناة، بتنسيق تام مع قوات الشرطة المصرية، التي ظن المحتل إثمًا أنها يمكن أن تلاحق الفدائيين.

 

أدرك الاحتلال الحقيقة، الشعب والحكومة والجيش والشرطة، يدٌ واحدة في مواجهة العدو، لتحقيق هدف الاستقلال التام وجلاء الاحتلال البريطاني، فأصدر المحتل أوامره بإخلاء الحي البلدي بالإسماعيلية وإخلاء الشرطة المصرية «البوليس» من المحافظة.

 

استدعى «البريجادير إكسهام» قائد قوات الاحتلال البريطاني بمدن القناة، ضابط الاتصال المصري لتسليمه إنذارًا، يطلب من قوات الشرطة المصرية إخلاء مواقعها بالإسماعيلية وتسليم أسلحتها، واستقلال القطار المتجه إلى القاهرة فجر الجمعة 25 يناير 1952.

 

رفض اللواء أحمد رائف، قائد قوات البوليس المصري بالإسماعيلية، الإنذار، وسط إصرار من رجال الشرطة المصرية، على التمسك بأرضهم، وإدراكهم أن الهدف من إخلائهم مدن القناة، تمكين الاحتلال من الفدائيين والمدنيين، بعد أن تأكد العدو من أن الشرطة المصرية تدعم وتوفر الحماية للمقاومة الشعبية.

 

أجرى اللواء أحمد رائف، اتصالًا بمكتب وزير الداخلية فؤاد باشا سراج الدين، لإطلاعه على الموقف، وتلقي الأوامر، تم تحويل الاتصال إلى الوزير، قال رائف: "قوات الاحتلال وجّهت إلينا إنذارًا تطلب إخلا مقراتنا بالإسماعيلية وتسليم سلاحنا يا فندم ونحن رافضين وقررنا المقاومة وننتظر تعليمات سيادتك". الوزير: تقدروا يا أحمد؟ رائف: سندافع عن أرضنا حتى آخر نفس يا فندم. الوزير: استمروا في المقاومة".

 

أسطورة البطولة الخالدة

  

الزمان: فجر الجمعة 25 يناير 1952.

 

المكان: الإسماعيلية مبنى المحافظة

 

الحدث: قوات الاحتلال البريطاني تحاصر مبنى المحافظة بالأسلحة الثقيلة والدبابات.. تطالب اليوزباشي مصطفى رفعت، قائد قوات البوليس المصري بمبنى المحافظة، بتسليم أنفسهم.

 

يرفض رفعت، ويقرر ورجاله الدفاع بكل ما أوتوا من قوة عن أرضهم وشعب الإسماعيلية ومقراتهم، فالمحتل هو من عليه أن يرحل.

 

في ذلك اليوم كانت المقاومة المصرية قد تجاوزت 70 عامًا في مواجهة المحتل، التحم الشعب مع قوات الشرطة، وجه الاحتلال قذيفة دبابة لمبنى المحافظة، استشهد عامل السويتش، دارت المعركة، استبسل القادة والجنود المصريون.

 

تكبد الاحتلال خسائر فادحة، وصمدت قوات الشرطة والفدائيون حتى آخر طلقة ذخيرة معهم، استشهد 50 من أبطال الشرطة المصرية، وأصيب 80 بطلًا.

 

أصابت الدهشة الجنرال ماتيوس، قائد قوات الاحتلال المهاجمة، كيف لجنود بأسلحة خفيفة يقاومون جيش بريطانيا العظمى ويوقعون به خسائر فادحة، طلب قائدهم مصطفى رفعت، الذي تفاوض على الخروج بكرامة.

 

إسعاف الجرحى، ونقل الشهداء، وخروج الجنود مرفوعي الرؤوس لم يضعوا أيديهم على رؤوسهم، أعطى البريطانيون التحية العسكرية لأبطال مصر الذين دافعوا بشراسة وشرف وكرامة عن أرضهم.

 

ذلك اليوم الخالد كان الشرارة التي اندلعت في أعقابها نيران القضاء التام على الاحتلال، وخرج من الجيش ضباط أحرار، ووقعت اتفاقية الجلاء ليرحل آخر جندي بريطاني عن مصر 1956.

 

تحول يوم 25 يناير من كل عام إلى عيد للشرطة المصرية، يخلّد البطولة والتضحية والفداء، وعيدًا قوميًا لمحافظة الإسماعيلية.

 

وفي الذكرى الـ73 لعيد الشرطة، الذي نحتفل به هذا العام، نظمت وزارة الداخلية بقيادة سيادة الوزير محمود توفيق، اصطفافًا هو الأكبر من نوعه.

 

وفي الاحتفال بعيد الشرطة، بعثت الفعاليات الإبداعية برسالة بليغة مفادها: أمن مصر خط أحمر، لا يمكن لأي كائن من كان تجاوزه.

 

لسبب بسيط، وهو أن مصر تملك من القدرة، وتتخذ من الإجراءات ما يكفل لها حماية جبهتها الداخلية وأمنها القومي، على جميع محاوره الاستراتيجية، وبفضل الله ورعايته بها رجال قادرون ومستعدون للدفاع عن الوطن بأرواحهم.

 

هذه البطولات التي سطرت وكتبت بأحرف من نور في سجلات الوطنية المصرية 25 يناير 1952، ممتدة وقائمة ومستمرة، فقد قدم الأبناء والأحفاد أرواحهم دفاعًا عن الوطن في معركة القضاء على الإرهاب، وحفظ الأمن والاستقرار.

 

سأل الرئيس عبد الفتاح السيسي وزير الداخلية محمود توفيق: الاصطفاف لا يزال قائمًا؟ رد الوزير بالإيجاب، ووجه السؤال ذاته للفريق أول عبدالمجيد صقر وزير الدفاع والإنتاج الحربي بشأن اصطفاف القوات المسلحة فرد بالإيجاب، فوجه الرئيس بزيارات لشباب مصر وطلابها وأبناء الأحياء والمحافظات للإطلاع على قدرة قوات الجيش والشرطة لطمأنتهم.

 

الاصطفاف قائم، حاملًا رسائل أن قواتنا على أعلى درجات الكفاءة والجاهزية، دفاعًا عن أمن واستقرار مصر في مواجهة التحديات المتصاعدة على جميع المحاور الاستراتيجية.

 

وفي كلمته وجه اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، رسائل بليغة، قوات الشرطة المصرية على عهدها وعقيدتها بأن تظل مصر حصنًا منيعًا للأمن والاستقرار.

 

يقول الوزير: ترتكز الاستراتيجية الأمنية على استقراء الواقع الأمني الداخلي ومحيطه الإقليمي، ووضع الخطط اللازمة لمواجهة التحديات الناجمة عن الصراعات والمتغيرات التي تواجهها المنطقة، والتي أوجدت بيئة خصبة للأنشطة غير المشروعة التي باتت تهدد استقرار الدول في ظل التطور التكنولوجي غير المسبوق.

 

وهنا إشارة إلى رصد للتحديات والمتغيرات الإقليمية والتكنولوجية، وأثرها على الحالة الأمنية، ومن ثم وضع خطط المواجهة.

 

وحققت الدولة المصرية إنجازات كبيرة، بالقضاء على الإرهاب بتضافر جهود المؤسسات، وانخفضت الجريمة الجنائية بمعدل 14.2% بفضل الاستراتيجية الأمنية وما تم من إصلاحات مجتمعية بالقضاء على العشوائيات، وتحقيق معدلات أكبر من العدالة الاجتماعية والعدالة العقابية، التي تؤهل وتصلح المعاقبين بمؤسسات الإصلاح وتحول دون عودتهم إلى الجريمة.

 

مكافحة الإرهاب لم تكن مقصورة على المواجهة الأمنية للعناصر، بل ومصادر التمويل، فقد بلغت الأنشطة التجارية الخفية لتنظيم الإخوان بهدف تمويل عناصره 2.4 مليار جنيه.. وأشار الوزير إلى أن ذلك التنظيم الإرهابي يسعى لاستغلال الأحداث في المنطقة لمحاولة استعادة نشاطه.

 

جهود قوات الشرطة لا تقتصر على مواجهة الجريمة الجنائية، بل تمتد لمواجهة الجريمة الاقتصادية، والاتجار في العملات، إلى مكافحة الاتجار في المخدرات، حيث بلغت قيمة المضبوطات 15.7 مليار جنيه، ومواد تخليقية استهدفت العبور عبر مصر إلى دول جوار بقيمة 28 مليار جنيه.

 

وتواجه الداخلية عدوًا خفيًا في العالم الافتراضي، فتواجه جرائم «الدارك ويب»، الإنترنت المُظلم، وجرائم الابتزاز الإلكتروني، حفاظًا على الخصوصية وأمن واستقرار الأسرة المصرية.

 

وتتجه لتنمية حقوق الإنسان، وتعظيم حقوق النزلاء الصادرة بحقهم أحكام بالحبس، من خلال تحويل السجون إلى مراكز للإصلاح والتأهيل، وتغير الاسم من سجين إلى نزيل، مع تعليم النزلاء حرفًا ومهنًا تمكنهم من تحقيق دخل خلال فترة العقوبة يؤهلهم لبدء حياة صالحة بعد العقوبة.

 

كل عام وشعب مصر بخير وسعادة، وجيشه وشرطته بخير وسعادة.. وسيظل اصطفاف الشعب والجيش والشرطة قائمًا بإذن الله والبطولات ممتدة.

 

 

[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز