عاجل
الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الذين رفعوا قميص رمضان

الذين رفعوا قميص رمضان

بقلم : أسامة سلامة

قامت الدنيا ولم تقعد بسبب القميص  الذى ارتداه الممثل محمد رمضان  فى حفلته الغنائية  بالساحل الشمالى الأسبوع الماضى، انتقده البعض وهاجمه آخرون، ولكن الأخطر من رفعوا قميص رمضان مطالبين بالثأر للأخلاق التى اغتيلت، والقيم التى أُهدرت، والفن الذى أريق دمه، وسارع محامٍ  بتقديم بلاغ  إلى النائب العام ضد هانى شاكر نقيب الموسيقيين لأنه سمح لرمضان بالغناء ومنحه تصريح إقامة الحفلة، وبلاغ آخر ضد رمضان لإهداره قيم المجتمع.



  قميص رمضان كان  أسود شفافًا يكشف جسمه، ووصفه البعض بأنه قريب مما ترتديه المرأة فى غرفة النوم، ومما لا شك فيه أن ارتداء مثل هذه الملابس يثير الدهشة والغضب لدى كثيرين  خاصة فى مجتمع متحفظ بطبيعته،  الغاضبون من قميص رمضان رفعوه دليلًا على انهيار الأخلاق فى المجتمع، والخائفون  على الفن ذرفوا الدموع  معلنين قرب نهايته على يد رمضان ومن والاه ، وكأنهم كانوا ينتظرون من رمضان فنًا مختلفًا أو سلوكًا مغايرًا.

وقد سبق أن غنى عارى الصدر  فى حفلته التى أقامها فى التجمع الخامس منذ  شهور ولم يوقفه أحد عن أفعاله.

فن رمضان معروف والأفكار التى يتبناها  فى بعض  مسلسلاته التليفزيونية  وأفلامه واضحة وهى ضد قيم المجتمع ومخالفة للقانون، ومعظمها قائمة على الانتقام الشخصى وليس بيد القانون  ممن ظلموه، وغالبية  من هاجموه مؤخرا يعرفون انه أرسى أفعالًا مدمرة قلدها مواطنون بسطاء مثل مشهد انتقامه من أحد أعدائه فى أحد المسلسلات عندما أجبره على ارتداء قميص نوم نسائى وطاف به فى الشوارع لكى يذله ويكسر أنفه، وهو ما تم تكراره  فى إحدى قرى الفيوم عندما قام عدة أشخاص  بالانتقام لشقيقتهم من زوجها الذى طردها من منزل الزوجية بملابس البيت فأرغموه على ارتداء قميص نوم والسير به فى القرية، وتم تصويره ونشر الفيديو على يوتيوب.

لا ينكر أحد شعبية رمضان وبالتالى تأثيره على مشاهديه ، وقد كان البعض يعتقد أن جمهوره من الغلابة والمهمشين والمطحونين، وأن هؤلاء يشاهدونه ويتفاعلون معه لأنه مثال للطيب الفقير  الذى ينتقم لهم من الأقوياء الأثرياء الظالمين المحتمين بأموالهم ونفوذهم وسطوتهم التى تفوق القانون.

ولكن رمضان أثبت من خلال حفلة الساحل الشمالى أنه نجم الأثرياء أيضا فقد كانت الحفلة «كومبليت» رغم ارتفاع أسعار التذاكر، فهل يقلده أبناء هذه الطبقة ويرتدون قميصه مثلما فعل المهمشون  الذين يرتدون ملابسه  و يرددون كلامه ولزماته ويكتبون عباراته التى يقولها  فى أفلامه ومسلسلاته  على التوك توك والميكروباص باعتبارها حكما خالدة.

من حق الخائفين على الأخلاق أن يهاجموه وينتقدوه وأن يروا فى قميصه نموذجًا لانحدار قيم المجتمع، ولكن هل كان قميص رمضان هو سبب تردى الأخلاق؟  وهل هو سبب أم نتيجة؟   قميص رمضان الشفاف  هو مرآة كاشفة للمجتمع،  فهو ليس له يد فى الفساد الذى استشرى فى المجتمع  حتى إن أبطال هذه القضايا من أكبر الموظفين إلى أدناهم ومنهم  الوزير والمحافظ ونواب محافظين  ووكلاء وزارة ومديرون عموم ورؤساء أحياء؟

رمضان  لم يكن سبب استيلاء البعض على أراضى الدولة واستغلال النفوذ للحصول على الأموال العامة، وهو ليس وراء  التحرش فى الشوارع، أو غش الأغذية والأدوية، وانتشار أفكار التطرف ومنع المسيحيين من أداء الصلاة فى الكنائس فى بعض قرى المنيا.

وهو أيضا لم  يمنح الفرصة للمذيعات والمذيعين عديمى الموهبة للظهور على شاشات الفضائيات والتهجم على بعض فئات المجتمع وإهانتهم، ولم يكن سببًا فى تردى التعليم وتأخر جامعتنا فى التصنيف العالمى، وهو ليس وراء ترديد عبارات أنت عارف بتكلم مين، والاستقواء بمناصب وعلاقات الآباء ضد البسطاء.

ما فعله الممثل الشهير عرض لمرض   ونتيجة وليس سببًا، وإذا عرفنا الداء وعالجنا الأسباب   فسوف يتغير أداؤه إلى الفن الذى يرتقى بالمجتمع  وتنتهى ظاهرة قميص رمضان.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز