عاجل
الثلاثاء 5 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
محجوب عبدالدايم ماركة مسجلة

محجوب عبدالدايم ماركة مسجلة

بقلم : عاطف حلمي

كان الأديب الكبير نجيب محفوظ مولعاً باسقاط معاني اسماء ابطال بعض روياته على حقيقة هذه الشخصيات، ومن أبرز تلك الحالات رائعته الشهيرة "القاهرة 30" التي تحولت إلى فيلم بطولة سعاد حسني وأحمد مظهر وحمدي أحمد، وعبد العزيز مكيوي وعبدالمنعم إبراهيم وعدد من النجوم.
 
النخوة
 
ولاتزال شخصية محجوب عبدالدايم التي جسدها حمدي أحمد، ماثلة أمام الأذهان، بل ولانزال نراها ليل نهار تنغص علينا حياتنا طوال الوقت، فهو "محجوب" أي أن عبنيه محجوبتان عن الحق والخير والنخوة، وقل ماشئت فيه، و"عبدالدايم"، لأنه دائم التسلق كنبات خبيث يرتقي من منصب إلى آخر، بل ويفوز ببطلة الفيلم "احسان"، التي جسدت شخصيتها سندريلا السينما المصرية سعاد حسني، وربما كانت تشبيه لمصر كلها.
 
 
العملة الرديئة
 
ومن يستعرض أحداث تلك القصة يجدها نسخة بالكربون من عشرات "محجوب عبدالدايم" يلوثون حياتنا بدور "القواد" في مختلف مجالات حياتنا خاصة السياسة، والمؤسف أن هؤلاء كسروا القاعدة الطبيعية التي تقول إن "العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة"، وباتت تلك العملة "الرديئة" تطرد كل ما هو جيد في حياتنا.
 
فقر وجهل
 
فهذا الشاب محجوب عبد الدايم الوافد من الصعيد يعيش حياة فقيرة في القاهرة، ويتعرف على ابن قريته "سالم الإخشيدي" الذي يطلب منه أن يساعده في الحصول على وظيفة، فيعرض عليه وظيفة مقابل أن يتزوج من "إحسان" التي استغل رجل السياسة قاسم بك فقرها وجهل وقهر أهلها لتصبح عشيقته، على أن يزورها قاسم بك مرة كل أسبوع.
 
المناضل
 
لم تكن "احسان" مجرد فتاة جميلة وبريئة فقط، بل رمز لمصر، التي عشقها المناضل السياسي الوطني "علي طه"، الذي جسد شخصيته عبدالعزيز مكيوي، واسم "علي" اشارة إلى نقائه ونضاله على مثال "علي بن ابي طالب"، وهنا فأن "احسان" التي تمثل "مصر" وتعشق المناضل "علي" بدلاً من أن تتزوجه، وقعت ضحية لهذا القواد المتسلق "محجوب عبدالدايم"، الذي تزوجها ولم يجد غضاضة في أن يسلمها إلى السياسي الفاسد "قاسم بك" مقابل المال والوظيفة المرموقة.
 
فاسدون
 
وكم من "محجوب عبدالدايم" باع مصر للفاسدين وأصحاب الذمم الخربة، وكم منهم من برر أفعالهم من أجل نيل الرضا والحظوة، أعتقد أن الكثيرين مما يقرأون هذه السطور تأتي إلى مخيلتهم صور أكثر من "محجوب عبدالدايم" ابتلينا بهم ولانزال نتجرع مرارة كونهم مصريين بالإسم لكنهم لايعرفون عن مصر سوي بيعها وتعريتها لمن يدفع أكثر.
 
مجاهرة
 
والمؤسف، أن هذه القصة التي كانت تصف حالتي الإحتلال والفساد اللذين عانت منهما مصر قبل ثورة 23 يوليو المجيدة، لاتزال تصف ما نحن فيه، بل المخزي أن "محجوب عبدالدايم" كان يفعل ذلك سراً، بينما "محجوب عبدالدايم" القرن الواحد والعشرين يفعل ذلك بكل مجاهرة رافعاً لافتة "قواد برخصة"، ينشر مناخ الرذيلة السياسية وهو مزهو بجريمته لأنه يجد من يكافئه.
 
مهنة
 
وبينما نجد الأصوات الوطنية تتعرض للإقصاء، هناك من يفتح الأبواب على مصراعيها لأمثال هؤلاء، فأحدهم لم يخجل وهو يزور التاريخ والجغرافيا ويوثق جريمته في كتاب، حتى كدنا نترحم على محجوب عبدالدايم الأصلي، فأبناؤه وأحفاده الآن طوروا مهنة الجد الأكبر، حتى بات اسم "محجوب عبدالدايم" مهنة وماركة مسجلة لاتحتاج للتعريف بها، ولم يعد لنا سوى الله والرهان على وعي الشعب وقدرته على فرز المواقف والأشخاص.



 


 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز