
أنت طالق بالانفوجراف
بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني
الانفوجراف كفن وكعلم تم البدء في رصده مع بدايات عام 2011 م ويجمع ما بين الفن الذي يتمثل في الرسوم الجرافيكية المعتمدة على برامج الكمبيوتر وبين المعلومات النصية والرقيمة الاتصالية التي تنقل الرؤية بوضوح. كأنك باختصار تعمل على رسم خريطة لفكرتك موضحة بالرسوم.
وعلى الرغم من أن بداية الانفوجراف كانت على سبيل توضيح فكرة بوضعها في شكل مجسم يستطيع أن يفهمه بسرعة الأشخاص المتعجلون أو هؤلاء الذين لا يرغبون في تتبع الفكرة في أكثر من مكان ، على الرغم من ذلك إلا أن الممارسات البشرية نحت به منحى مختلفًا.. بدأت المواقع الإلكترونية التي تتيح لك أن تنتج الانفوجراف الخاص بك في منزلك تتزايد ، وبدأ الأفراد العاديين في استخدامها من أجل التعبير عن حياتهم الخاصة. فاجأ شاب عربي مجتمع الإنترنت بتصميم يظهر فيه إحصاءات تفضح علاقته بزوجته بأدق تفاصيلها ، ثم أنهى هذا التقديم بتطليقها انفوجرافيًا. وترك هذا التصميم المستخدمين الذين شاهدوه في صدمة.. أما الزوجة فصممت على أنها قد طُلقت بالفعل بينما طالب الزوج بعودتها لأن الانفوجراف لا يعني أنه طلقها أبدًا من وجهة نظره.
وكان لا بد أن تستخدم شركات التسويق هذه الأداة الإلكترونية بنجاح كبير في أنشطتهم ، وبالفعل ظهر ما سُمي بـ (التسويق الانفوجرافي) وفيه تستطيع أن تقدم للأفراد المعلومات التي تدفعهم لتأييد فكرتك أو منتجك بطريقة مركزة تجمع بين الكلمة والصورة ، وحقق ذلك نجاحًا كبيرًا في عام 2014 م حتى أنه صار من الصعب أن تجد شركة لا تلجأ له.. الغريب أن هذه الممارسات الانفوجرافية تجد استجابة سريعة جدًّا من الناس في أوقات معينة ، وكأنها تتماشى مع حركة أدمغتهم.
ذهب أحد الباحثين الأوروبيين لفكرة غريبة مفادها أن التسويق الانفوجرافي يتبع ما يُسمى بـ (اتجاه الحركة) داخل التصميم وأن هذا الاتجاه حين يتم تصميمه بشكل قريب من (خارطة الدماغ) التي يرسمها الفرد عن موضوع التصميم فإنه يحدث لدى الفرد ما يشبه حالة التنويم المغناطيسي ، ومن ثم قد يحدث حالة من اقتناع الأفراد بهذا التصميم بشكل سريع وفعال. لذا حين يعمل أحد المصممين على تصميم ما فإنه يستهلك طاقة كبيرة في محاكاة الحركة الطبيعية للجهاز العصبي والدماغي لدى الإنسان حتى دون أن يقصد ذلك. وتبعًا لهذا الرأي فإننا قد نستخدم سلسلة من الرسوم الانفوجرافية المحلية التصميم المتقن في تغيير الرأي العام في منطقة ما وهو ما يحدث بالفعل في قلب الرأي العام خلال أوقات الانتخابات لا سيما باللعب على عواطف الناخبين. وأيضًا يمكن استخدام بعض صور الانفوجراف في تحسين الصحة النفسية على نفس الغرار بما يتناسب مع الحالة النفسية للأفراد المستهدفين.
على أي حال مازال الانفوجراف ناشئًا ، ومازال قادرًا على التطور بفعل البيئات التكنولوجية القوية التي نعيش فيها في عصر الاتصالات ، إلا أننا مع كل ما حدث قد نتوقع صدور قوانين خاصة بالتطبيقات الانفوجرافية التي لا تنطبق عليها المواصفات القانونية الدولية للصورة منفردة ولا للنص منفردًا.