عاجل
الأحد 9 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
ساعة الفراق.. وسنينها

ساعة الفراق.. وسنينها

بقلم : د. نهلة زيدان الحوراني

 وفجأة تجد نفسك مجبرًا على فراق أشخاص تحبهم.. تريد البقاء لكن كفًا تجذبك بقوة نحو أن تتركهم.. حينها ترى مستقبلك ألبوم صور يحمل لحظات سعيدة لا تعود.. ويا صديقي كل الذكريات خائنة لأنها لا تعود أبدًّ..



     يحدث أن نفارق صديقًا أو حبيبًا أو قريبًا مرغمين ويكون الأمر الأصعب على الإطلاق أنك أحيانًا لا تستطيع حتى أن تخبره لما تبتعد ولما تتركه.. يبدأ هو في إجراءات حسابية معقدة.. وقد لا يصل لنتيجة أبدًّا.. عندها يتحول في حالة ما إلى شخص يثق بك جدًّا لدرجة أنه يتوقع أن لديك من الأسباب ما يكفي للرحيل دون أن تقصد إيذاءه أو هجره حتى لو أخفيت تلك الأسباب.. وهي حالة من الثقة نادرًا ما تجدها.. تنشأ مع المجموعات المتناغمة جدًّا مع شخص ما أو مع بعضها.. كعلاقة المعلم الروحي بتلامذته.. وحين يحدث ذلك تكون محظوظًا إذ لا يمكن أن يكون الفراق إلا محطة يمكن الرجوع بعدها حين تستطيع ركوب قطار يعيدك لها.. إذ تظل أنت وهم في انتظار حتى لو لم تشعروا بذلك..

    أما الحالة الأخرى فتحدث حين يشعر بأن الرحيل خيانة.. وبأنك لم تتحدث لأنك لا تجد ما تقوله خجلًا.. حينها تكون مظلومًا جدًّا ومتألمًا جدًّا وباحثًا عن الخلاص.. وعادة ما يتحول الحب لحالة غضب تهدأ مؤقتًا حين يأتي النسيان.. عندها أنت من سيظل على انتظار لقطار يعيدك لمحطتك لكنه قطار لا يعلم كيف سيقف في المحطة السابقة أبدًّا..

     الفراق مزعج ومؤلم يجعلنا نفكر في كيف ننتمي لبعضنا.. كم هو رائع أننا خلقنا من ذات الأرض ومن ذات التراب وأننا مهما اختلفت انتماءاتنا ننتمي لذات الأرض.. فهل هذا الفراق يعني أننا نفارق الأرض كل مرة نفترق فيها؟ هو إبداع الخلق الذي يحملنا على التأمل فيه هنا.. وإذا كنا ننتمي لذات الأصل فكيف يمكن أن يبكي أحدنا ولا يحزن آخر ؟!

    الفراق تمرينات القلب لذا نسمع كثيرًا (قلبي متعود على الوداع) لكنها ليست حقيقة فأنا أظن أن القلوب لا تتوقف عن الانكسار مع كل فراق وإلا لما يتوقف البعض عن إنشاء علاقات مع الآخرين لو تكرر الفراق ؟! إنه الخوف من تكرار الإنكسار.. هذه القلوب تنتمي لمكان كانت فيه معًا يومًا.. ولا يمكننى أن أنسى كلمات تشارلز ديكنز في روايته الرائعة (توقعات عظيمة) حين عبرت إحدى الشخصيات عن حال بطل القصة ووضعت يدها على صدرها : (نعم هناك قلب.. ونعم هو مكسور)..

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز