"ذا ديبلومات": سريلانكا يجب أن تُسرع إجراءات الإصلاح لإنقاذ اقتصادها
وكالات
تحت عنوان " الجذور العميقة للأزمة الاقتصادية في سريلانكا" نشرت دورية "ذا ديبلومات" الأمريكية تقريراً يلقي الضوء على الأزمة السياسية والاقتصادية التي دفعت البلاد لحالة من الإحباط العام وسط احتجاجات عارمة وفرار رئيسها السابق جوتابايا راجاباكسا، ويوصي سريلانكا بتسريع وتيرة الإصلاح لإنقاذ اقتصادها.
وتطرقت دورية "ذا ديبلومات" الأمريكية المتخصصة في الشؤون الآسيوية إلى تفنيد التحديات الاقتصادية في سريلانكا التي يمكن إيجازها في: النقص المستمر في الوقود والغاز والمواد الأساسية الأخرى بسبب نقص النقد الأجنبي الذي تآكل بسبب ضعف عائدات السياحة على خلفية جائحة كورونا وأزمة الديون بعدما تخلفت البلاد عن سداد ديونها، ما يعرقل سريلانكا في الحصول على المزيد من القروض الأجنبية لدى صندوق النقد الدولي والمؤسسات التمويلية الاخرى، أو المزيد من الإعفاء من الديون، بدون إدخال تعديلات جوهرية وصادمة لاقتصادها المحلي المنهك بالأساس.
ويذكر التقرير في لمحة تاريخية التحديات الاقتصادية في البلاد التي استبقت التوترات الأخيرة التي تمثلت في الضائقة المالية نتيجة التخفيضات الضريبية عام 2019، ما أدى إلى زيادة العجز المالي، وبلغت ذروة الازمة عند قيام وكالات التصنيف الدولية بتخفيض التصنيف الائتماني لسيريلانكا، وبالتالي عزل البلاد عن الكثير من سوق رأس المال الدولي، ومما زاد الوضع تعقيداً انهيار القطاع السياحي بسبب جائحة كورونا وانخفاض عدد العاملين بالخارج وتراجع التحويلات الاجنبية، وانخفاض انتاج الشاي بنسبة 50 في المائة كمصدر رئيسي آخر للنقد الأجنبي.
وتطرق التقرير إلى الحرب الاهلية التي شهدتها البلاد والتي استمرت 26 عامًا ، واستمرار الإرهاب والتشكك العام تجاه الخصخصة والعداء الثقافي ضد الاستثمار الأجنبي المباشر، وهي عوامل أدت إلى توليد هشاشة النظام في البلاد الذي انفجر مؤخراً.
واستعرض التقرير توجه سيريلانكا إلى الاقتراض مع توجيه الأموال لمشاريع ذات منفعة وطنية محدودة أو معدومة، استهدفت إشباع الغرور السياسي، مثل إنشاء برج كولومبو لوتس، وسط وقوع البلاد فيما يمكن إطلاقه "دبلوماسية فخ الديون" للصين والدول الغربية، وترافق مع ذلك سياسات شعبوية لأحزاب تقدم وعود غير قابلة للتحقيق، مثل خفض سعر الخبز والأرز المدعوم، والأسمدة المجانية، وزيادة رواتب القطاع العام، والتخفيضات الضريبية، وسط بيئة إعلامية غامضة ما يضع البلاد في دائرة من الأزمات المتعاقبة، ويضاف إلى ذلك ضعف أداء الشركات التابعة للدولة، ونظام دعم غير فعال للفئات الهشة، وتوجيه نسبة 36 في المائة من الإيرادات الحكومية لدفع رواتب ومعاشات موظفي القطاع الحكومي الحالي، ما أعاق التنمية في قطاعي التعليم والصحة، اللذين يحصلان مجتمعين على أقل من 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الإنفاق الحكومي.
ورأى التقرير أن الاوضاع الاقتصادية في البلاد بحاجة لإصلاح جذري من خلال تحرير الاقتصاد الوطني عبر توسيع القاعدة الضريبية حيث تعاني سيريلانكا من انخفاض الإيرادات الضريبية التي تبلغ 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتحتاج البلاد إلى نظام ضرائب يجعل الأثرياء يدفعون نصيبهم المستحق، والتركيز على الشفافية التي تضمن حقوق الملكية والمصالح التجارية للطبقات العليا والمتوسطة.
ويلقي التقرير الضوء على تركيز السياسيين على إشباع تفضيلات المواطنين دون الالتفات للمصالح الاقتصادية والاجتماعية للبلاد حيث يستحق الشعب رأيًا حقيقيًا وصحيحًا، ويعد تثقيف الناس حول كيفية إدارة الحكومة مالياً مع الوصول الكامل إلى المعلومات أمر ضروري لجعل الناس يفهمون أن السياسات الشعبوية ستكون ضارة للتعافي على المدى الطويل، داعيا إلى تشجيع رواد الأعمال حيث يمثلون أقل من 3 في المائة من السكان، بينما لدى بنجلاديش، على سبيل المثال، نسبة 12 في المائة.
ويرصد التقرير أيضا ضرورة إعادة هيكلة وإصلاح الشركات المملوكة للدولة لتحقيق الانضباط المالي، عبر برنامج خصخصة طموح وتحديداً في القطاعات التي تحتكرها الدولة، إذ أفضى خصخصة مؤسسة الاتصالات الوطنية في البلاد إلى نتائج ايجابية، حيث بيعت 35٪ من أسهمها إلى مستثمر ياباني.
وينبه التقرير إلى أن البلاد بحاجة للتحول نحو اقتصاد موجه نحو التصدير، وهذا يتطلب تغييرات استباقية في العديد من الأوجه مثل خفض التعريفات الجمركية على الواردات لجعل المواد الخام أرخص للشركات القائمة على التصدير، والتوسع في اتفاقيات التجارة الحرة مع الشركاء الإقليميين، فيما تعد سريلانكا طرفاً في 3 اتفاقيات تجارة حرة فقط في الوقت الحالي.
ويدعو إلى تحسين سريلانكا ثقة المستهلك والمستثمر من خلال إدخال تغييرات تنظيمية قوية وشاملة، وإسراع الخطى، في الإصلاحات السياسية والهيكلية، وإلا، فسيكون قد فات الأوان لإنقاذ الاقتصاد بشكل حقيقي.