عاجل
الجمعة 16 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

نشوى سلامة تكتب:على مشارف العام الجديد.. "ما فاتك ليس لك"

المقال الذي أحرص دائمًا على كتابته، هو مقال نهاية العام، والذي أتردد كثيرًا في اختيار حروف كلماته لتصف ما أريد قوله، فنحن دائمًا نخشى ألا نعطي لكل شيء حقه، وأيضًا نخشى أن تقول الكلمات ما تخفيه الأنفس، ولا أخفيكم سرًا فأنا أسرح بخيالي كثيرًا أمام الورق الأبيض، وأتحدث إليه قائلة: هل ما ستسرده تفاصيل الأيام الفائتة سيشوه بياضك، أم ستظل ناصعًا، وبين هذا وذاك أجد أنها بالفعل أيام مضت بحُلوها ومُرها، ولا بد أن نعترف بأن مرارة تجاوز بعضها هي ذاتها مرارة مرورها علينا، إذ كيف لنا الشعور بالراحة دون أن نشعر بالتعب؟ 



في آخر السنة نستمع إلى أنفسنا أكثر من الغير، نحاسبها، نثني عليها أحيانًا وكثيرًا ما نعاقبها، هذه النفس التي لازمتنا طوال ٣٦٥ يومًا، تحدثت وضحكت وبكت وسخرت وصرخت وتغنت وصُدمت وفرحت وأِحبطت ونجحت وخُذلت وآثرت الصمت وانزوت وشكرت الله وحمدته ورضت فارتضت، هل في كل مرة توقفت أمام حالها؟ هل ترفقت بها حين هُزمت، هل جلدتها حين تجبرت؟ وهل احتويتها حين كُسرت، وهل قومتها حين اعوَجت؟

هذه النفس كما أنها ضعيفة فهي لوامة، إن كان صاحبها يخشى الله، تحتاج إلى اليد الحانية، تحتاجك أنت دون غيرك ليربت عليها، فالكثير حولك سيشاركونك بعض الوقت وبعض الفرح وبعض الأسى، لكن أنت وحدك ونفسك من تستطيعان أن تعبرا كل شيء، لا تجعل أخطاء الآخرين تحدد شخصيتك، وأن تقود هويتك، لا تجعل نفسك ضحية أفعال غيرك، وتعيش آسفًا على نفسك، لا تبحث عن حجج أو مبررات لسوءاتك، تستطيع دومًا أن تخلق نسخًا جديدة من روحك، نسخًا مختلفة، ووحدك أنت من تحدد كيف تكون، الحياة مزيج من الأحبة والصحبة والأهل، لكن دون نفسك وإرادتك لن تشعر بأي من هؤلاء، لا وجودًا ولا قولًا ولا فعلًا.

والآن بعدما وقفت مع نفسك ورأيتما معًا أيام عام بكامله، ماذا الآن، ماذا عن مكاسبك وخسارتك، إياك أن تقول أنك خسرت شىء، أي شيء، أنت لا تزال تحيا، وتستطيع أن تفكر وتستعيد توازنك وترتب أوراقك، نعم تستطيع، أنت نجحت، لكنه نجاح نسبي يحتاج منك مجهودًا أكبر هذا العام حتى يصبح أفضل، وبالتالي تتخطى أنت سقطاتك وتصبح أفضل، هل ستتدارك كلماتي بلفظة- نعم لكن- هذا أمر طبيعي لنا جميعًا، فنحن للأسف لا نستطيع أن نصدق أننا أشخاص جميلة، جيدة، وناجحة، فنستدرك دائمًا الحديث، ويقفز على ألسنتنا أي قصور في حياتنا لنذكره، وكأننا نحرم على أنفسنا حق الثقة والتصديق، والفرحة مثلًا.

ونحن على مشارف العام الجديد تيقن أن ما فاتك ليس لك، وأن ما تريده لا يزال ينتظرك، ولكن لكل شيء أوان، خسارتك هي مكسبك لأنك تتعلم، وجودك مؤثر جدًا لغيرك فَلا تبخل، هناك من يحبك وهناك من يُقدرك، وأنت مسؤول حتى ولو عن نفسك فقط، فلا تخذلها، ولا تحمل ما لا طاقة لك به، نفسك غالية، عامل الناس كما يحبون إن كان في استطاعتك، ولو استشعرت ضيقًا فتغافل، تعلم كيف تحكم قولك، ومتى تلتزم الصمت، اتبع حدسك واستمع إلى قلبك فإنهما دليلك ولا يُخطئان، وتأكد أن ما من قول وفعل لك إلا سيأتيك ولو بعد حين، وتمنّ على الله أن يأتيك بما تريد، فهو اللطيف الخبير. 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز