عاجل
الجمعة 16 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

نشوى سلامة تكتب: سوق الحلاوة

نشوى سلامة
نشوى سلامة

"البضاعة الحلوة بتنادي على زبونها، والوحشة برضه لها زبونها"، هذا ما قاله ذلك التاجر الذي تركته وأنا مستاءة جداً، وجعلتني كلماته هذه أركز مع أي تاجر كيف يعرض بضاعته، سواء غذاء أو ملابس أو أدوات استهلاكية، حتى الأجهزة الكهربائية.



كان هذا التاجر يتغزل في معروضاته التركية محاولاً إغرائي باقتنائها، لكنني لم أفعل لأنني أحسست بشعوره بالعار لأنه يمتلك في متجره بضائع أخرى ليست بنفس الجودة، وطبعا تعرفون ما يقصد، ولم يستطع قلمي كتابتها. لكنني مكثت شهوراً أبحث عن سبب ذلك الشعور، ووجدت أسباباً معقولة، منها أننا بالفعل ينقصنا الإتقان ولا مزايدة في ذلك، ينقصنا الإتقان فى إخراج المنتج المصري كما ينبغي، وبالفعل إذا قارنا بين قطعتين من نفس النوع والشكل لخرجنا باختلافات واضحة، أنا اسمى ذلك شغل تحت السلم ونظام "شد واقطع  وقَفل"، وفي النهاية يذهب المستهلك للأفضل، رغم أن الصنايعي المصري بطبيعته شاطر، فهو يستطيع ايجاد حلول لأي مشكلة و"بيعمل من الفسيخ شربات". 

 

 

الصنايعى المصري "شاطر" ولا أقصد "الفهلوى"، لأن الفهلوة أكبر مصيبة، وهي من جعلت "سوق الحلاوة جَبرَ"، لكن ها لا يزال لدينا "صنايعية" أم متعلمين جامعيين يعانون البطالة ويأنفون العمل "صنايعية"، واختفى الصنايعي المحترف، وبالتالي اندثر الإتقان والجودة في كثير من الصناعات إلا ما رحم ربي، مع أن من المفترض أننا بلد صناعي. 

 

لو انتقلنا إلى انهيار الليرة التركية، حديث الساعة، فإن السوق المصري مرشح لغزو المنتجات التركية التي سيهرول التجار إليها لرخص سعرها، سيغرق السوق ببضاعة تنافس مبيعات المصانع لدينا، ناهيك عن سوق السياحة، لكني استدركت وفكرت أن ذلك سيكون مسألة وقت وهوجة وستنتهي، لأن كيف للمنتج الرخيص أن يستمر إنتاجه بدون خامات، وعمال وطاقة وأجور، كيف يتأتي ذلك بعملة لا تساوي شيئاً؟  

 

ماعلينا لنعود بالتفكير في أحوالنا، بعد أن تيقنا من كل عوامل النجاح التي تضمن لأي صناعة استمرارها (الخامات، الأيدى العاملة، التطوير، عامل الجودة).. هل نستطيع أن نركز على ما ينقصنا، هل نستطيع  بالفعل أن نقلل الاختلافات بين منتج بلدنا وغيره، هل نستطيع أن نصل إلى السوق العالمية وأن نجتذب أشهر الماركات لتُصنع لدينا، هل سيعيد التاجر عبارته أن "البضاعة الحلوة بتنادي على زبونها" وهو  يعرض منتجاتنا بكل فخر.. مصر وعن حقٍ إذا أُتقن كل شيء فيها ستصبح حُلوة الحُلوات.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز