عصام أبو بكر
مجزرة "التابعين".. ونهاية حرب غزة
أعتقد أن التاريخ يعيد نفسه فقد ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة مروعة يندى لها جبين الإنسانية، باستهداف مدرسة "التابعين" بمدينة غزة، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 100 شهيد وإصابة العشرات بجروح أثناء أدائهم لصلاة الفجر، موغلة أكثر في سفك الدم الفلسطيني المظلوم، تحت مرأى ومسمع العالم أجمع الذي لا يحرك ساكنا، والذي يتحمل المسؤولية الأخلاقية والمعنوية عن الجرائم والمجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني، أن المجزرة التي أقدمت عليها حكومة الاحتلال تؤكد أنها ماضية في حرب الإبادة التي تشنها ضد الشعب الفلسطيني وأن خيارها الحقيقي هو القتل وارتكاب المجازر، غير أبه بالمناشدات الدوليه.
قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، إن أكثر من نصف المدارس المستخدمة لإيواء النازحين في غزة تعرضت للقصف، وهي رسالة رعب وإرهاب مخضبة بالدماء للشعب الفلسطيني في غزة فحواها أنه لا مكان أمن لأي فلسطيني في غزة وأن مصيركم إما إلى القتل أو التهجير وهو تكرار لسيناريو نكبة 48 وهدفها الدفع بالفلسطينيين إلى التهجير.
إن جيش الاحتلال للأسف مستمر في قتل الأطفال والنساء والشيوخ داخل مراكز الإيواء التي ادعى فيها الاحتلال أنها أماكن آمنة بدون أدنى أخلاق أو معايير، وقد تجاوز كل الخطوط الحمراء بارتكابة جرائم حرب غير مسبوقة يرتكبها جيش مدجج بكل أشكال العنصرية والكراهية والفاشية، ومُتحرر من أي قيد أخلاقي أو ضمير إنساني، ودون رادع حقيقي سواء من الولايات المتحده أو حتى من الدول العربيه التي للأسف وقفت موقف المتفرج، مما شجع الاحتلال على ارتكابة هذه المجازر والحماقات لأنه أمن العقاب، وإسرائيل إذا أمنت العقاب تجاوزت كل الخطوط الحمراء.
يأتي هذا في الوقت الذي يحاول فيه الاحتلال تبرير قصفه لهذه المدرسة بادعاءاتٍ كاذبة بأن المدرسه كانت مكانا عسكريا يؤوي عسكريين من حماس، ورغم نفي حماس هذه المزاعم الكاذبه التي صنعها الاحتلال مشيرة إلى أن هذه المزاعم لا تعدو كونها محاولة صهيونية لتبرير جرائمه ضد المدنيين الأبرياء؛ فالاحتلال يمارس دوماً الكذب للتغطية على جرائمه البشعة.
إن هذه المجزرة الكبيرة ما كانت لتحدث لولا الغطاء السياسي والدعم العسكري السافر من الإدارة الأمريكية، التي منحت الضوء الأخضر لهذا الكيان المجرم ليواصل حرب إبادته على الشعب الفلسطيني الاعزل في ظل صمت دولي وعربي مخزي حقيقة، وكأن ما يحدث في فلسطين لا علاقة له بالعالم وكأن الفلسطينين ليسوا بشر ولكن كما وصفهم وزير دفاع الاحتلال بأنهم "حيوانات بشرية" وفي الوقت الذي تمارس فيه آلة العدو الوحشيه المجازر تلو المجازر بحق الشعب الفلسطيني نجد إن الإدارة الأمريكية ماضية في غيها وفي دعمها اللامتناهي لإسرائيل، بإفراجها عن مليارات الدولارات لصالح الكيان الصهيوني ليتمكن من شراء أسلحة ومعدات عسكرية، يقتل بها الشعب الفلسطيني ويكشف من جديد حقيقة التواطؤ الأمريكي الذي لا يكتفي بالصمت بل إنه شريك مباشر في جريمة الإبادة، حيث يسهم مباشرة في مواصلة هذه المجزرةالبشرية التي ليس لها نظير، وفي الوقت نفسه تسعى الإدارة الأمريكية بسياساتها هذه التي لا تعمل على إنهاء العدوان؛ بل تسعى لتخدير العالم بخطابات زائفة ومفاوضات بالية تَدعّي فيها كذبا الحرص على وقف الحرب بينما تُغذي آلة القتل الصهيونية، كما تؤكد أنها شريك رئيسي في هذه الحرب المدمرة.
وعلى الرغم من فظاعة هذه المجزرة، لكنها مؤشر لنهاية الحرب في غزه فمجزرة مدرسة "التابعين" الاستفزازية رغم أنها جريمة حرب كاملة الأركان بحق مدنيين عزل ونازحين، لكنها تؤكد على قرب نهاية الحرب في غزة وأن ما يفعله جيش الاحتلال هو عمل ضربات مرعبة ومفجعة في نهاية الحرب لإحداث نوع من الصدمة والرعب لدى الفلسطينيين، وإرسال رسالة مخضبة بالدماء لهم أنه لا مكان لكم في غزة وأن مصيركم إما إلى القتل أو التهجير لدفعهم إلة التهجير القسري أو الطوعي وترك أرضهم وبيوتهم، وهو نفس سيناريو 48 حين ارتكبت إسرائيل مجزرة "صابرا وشاتيلا" لإحداث الصدمة والرعب لدى الفلسطينيين مما أضطرهم إلى التهجير وترك أراضيهم وبيوتهم فيما سمي بنكبة 48.
لكني أتمنى أن يكون الفلسطينيون قد وعوا الدرس هذه المرة، ولن يكرروا أخطاء الماضي، وسيظلوا متمسكين بأرضهم وبيوتهم ولا يتركونها حتى لا تنتهي القضية الفلسطينية، وهو الهدف من حرب غزة، وهو إنهاء القضية الفلسطينية إلى الأبد بعد تهجير سكانها وإنهاء إقامة دولة فلسطينية لأنه لا دولة بدون شعب. فضلا عن أن هذه المجزرة استفزاز دولي وبالأخص لحزب الله وإيران لاستعجالهما بالرد لبدء الحرب الثانية على بيروت وطهران بعد انتهاء حرب غزة.