غدًا في شرم الشيخ.. مؤتمر الأمم المتحدة يناقش الأبعاد "الجنسانية" للفساد
أحمد شوقي العطار
تشهد اجتماعات الدورة التاسعة من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بشرم الشيخ، في يومها الثالث، جلسة أممية حول معالجة الأبعاد الجنسانية للفساد، غدًا الأربعاء، وهي قضية شغلت الرأي العام العالمي منذ سنوات، ونشر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بشأنها تقريرًا في 2020 " يستكشف خلاله الترابط بين النوع الاجتماعي والفساد
التقرير الذي حمل عنوان " حان الوقت الآن: معالجة الأبعاد الجنسانية للفساد " يغطي كيف يمكن لجهود المساواة بين الجنسين أن تتصدى للفساد والعكس صحيح، والإطار الدولي والاستجابات الوطنية للالتزامات الدولية.
ويستند التقرير إلى المناقشات التي جرت خلال اجتماع فريقٍ من الخبراء في بانكوك في عام 2018. وضمّ الاجتماع 26 مشاركًا من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، وسلطات مكافحة الفساد وأخصائيين وطنيين ممارسين في مجال العدالة الجنائية، فضلاً عن المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية من أجل مناقشة الأبعاد الجنسانية للفساد وتحديد الممارسات الجيدة.
واستعان التقرير بدراسات حالة عملية عن البرازيل وغانا وإندونيسيا، ساعيًا إلى توفير مادة فكرية لمجتمع مكافحة الفساد العالمي، يساعد في ترجمة الأفكار إلى مبادرات برنامجية.
تتمثّل إحدى نتائج التقرير في كيف يمكن لجهود مكافحة الفساد والمساواة بين الجنسين أن تعزّز بعضها البعض وكيف يمكن لأوجه التآزر بين الاثنين أن تعزّز قرارات السياسة والأطر القانونية.
ويؤكد التقرير أن الفساد يؤثر على النساء والرجال بطرق مختلفة. وأنه غالبًا ما تجعل نتائج الفساد المرأة أكثر ضعفًا، مما يجعلها مستبعدة من أدوار صنع القرار ويحد من فرصها في التقدم التعليمي والاقتصادي. كيف ذلك؟
يوضح التقرير أن النساء أكثر تأثرًا بنتائج الفساد النهائية وغير المباشرة أكثر من الرجال، فعندما يؤدي الفساد إلى تراجع كفاءة الخدمات العامة أو التقليل من قاعدة الدخل الضريبي للدولة، وينتج عن ذلك تخفيضات في الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية أو التعليم أو الخدمات الاجتماعية، فمن المرجّح أن يؤثر ذلك على النساء والأطفال أكثر من الرجال، لأن النساء والأطفال أكثر استخدامًا للخدمات العامة.
كما يكشف التقرير أن الذكور يطغوا على شبكات الفساد في العالم. وفي البلدان التي ينتشر فيها الفساد، غالبًا ما يتمّ استبعاد النساء عن هذه الشبكات المترابطة التي يهيمن عليها الذكور والتي يستفيد منها المطّلعين من خلال أعمال الفساد أو السيطرة على عمليات التوظيف. وبالتالي، تتضاءل احتمالية حصول المرأة على مناصب سياسية أو غيرها من أدوار صنع القرار.
ونظرًا لتعميق عدم المساواة بين النساء بسبب الآثار السلبية للفساد، قد تكون النساء أكثر تحفيزًا من الرجال لمكافحة الفساد لأنه يعيق طموحاتهنّ المهنية واستقلاليتهنّ. ومع ذلك، فإنّ النساء بشكل عام أكثر خشيةً من الرجال للإبلاغ عن حالات الفساد بسبب الخوف من الانتقام أو غير ذلك من المساوئ.
كما أن النساء هن أكثر عرضةً لخطر استخدام أجسادهنّ كعملةٍ للفساد. عندما يتمّ استخدام الخدمات الجنسية كشكلٍ من أشكال إساءة استعمال السلطة أو التواطؤ أو المحسوبية، عندئذٍ يعتبر الفساد جنسانيًا.
والتعرّض لهذا النوع من الفساد يعرّض النساء لخطرٍ حقيقي ويمكن أن يكون له آثار جسدية ونفسية واجتماعية واقتصادية مدمّرة طويلة الأجل على النساء والفتيات.
وأظهرت الدراسات أنّه غالباً ما لا تفهم الضحية أنّ طلب خدماتٍ جنسية هو شكل من أشكال الفساد، وأنّه يمكن استخدام الجنس لإساءة استعمال السلطة، كعملةٍ أو رشوة.
كما أكدت أن التعليم يعد أداةً حاسمة للنهوض بالمساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة، وكلاهما أساسي لمعالجة الأبعاد الجنسانية للفساد. فتح الأبواب المهنية أمام النساء له تأثير حاسم على أنماط الفساد والشفافية والمساءلة العامة.
كما أشار التقرير إلى أن الفساد يقوّض التقدّم على صعيد المساواة بين الجنسين، ويشكّل عائقاً أمام التنمية ويحوّل مسار الموارد بعيداً عن جهود القضاء على الفقر، ممّا يؤثّر على النساء والأطفال بشكلٍ خطير. كما أنّ له تأثير سلبي شامل على جميع الأهداف السبعة عشر، ممّا يهدّد تحقيقها. يمكن استخدام المبالغ الطائلة المفقودة بسبب الفساد لتحسين مستويات المعيشة وزيادة فرص الحصول على المساكن والخدمات الصحية والتعليم والمياه النظيفة. ومع ذلك، فإنّ الجهود المبذولة للنهوض بالمساواة بين الجنسين ومكافحة الفساد لها تأثير يعزّز كلّ منهما الآخر.النوع الاجتماعي، والفساد وأهداف التنمية المستدامة
يسعى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة باستمرار إلى معالجة الأبعاد الجنسانية للفساد من خلال التطوير النشط للأنشطة البرنامجية وتوسيع مجموعة المعارف الموجودة.
وخلال فعاليات مؤتمر الدول الأطراف، سيكون هناك فريق رفيع المستوى حول "القيادات النسائية في النزاهة: اعتبارات من أجل التعافي الشامل" مع المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، غادة والي. كما سيتمّ عقد العديد من الأحداث الجانبية المتعلقة بالنوع الاجتماعي والفساد.