هنا شرم الشيخ.. "المخدرات والجريمة" التابع للأمم المتحدة يطلق تقريرًا عالميًا لحماية الرياضة من الفساد
أحمد شوقي العطار
أصدر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، على هامش انعقاد اجتماعات الدورة التاسعة من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بشرم الشيخ، بيانًا كشف خلاله عن تفاصيل تقريره العالمي الجديد، بشأن مكافحة الفساد في مجال الرياضة.
أكدت الأمم المتحدة في بيانها، أن الفساد المتفشّي والجريمة في الرياضة يسبّبان تخفيض مساهمتها الإيجابيّة في المجتمعات، وأن مصداقيّة الرّياضة على المحكّ ما لم تبذل الجهود لمكافحة الرّهانات غير القانونيّة، والتّلاعب بالمسابقات، وسوء التّعاطي في الرّياضة، والفساد في الأحداث الرّياضيّة الرّئيسيّة، وتورّط الجريمة المنظّمة في الرّياضة، وغيرها من الأنشطة غير المشروعة.
وأشار البيان إلى أن الفساد في الرّياضة ليس بجديد، فقد ظهرت الأنشطة الاحتيالية في المسابقات والمؤسّسات الرّياضيّة منذ الألعاب الأولمبيّة القديمة وازدادت الأنشطة الإجراميّة بشكل ملحوظ في العقدين الماضيين.
وأدّى النموّ السريع للرّهانات الرّياضيّة القانونيّة وغير القانونيّة إلى جانب التقدّم التكنولوجي إلى تغيير طريقة لعب الرّياضة واستهلاكها، الأمر الّذي أدّى إلى جذب المجرمين أكثر فأكثر.
وقال المكتب التابع للأمم المتحدة، إنّ الإعلان السياسي للجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في دورتها الخاصّة لمكافحة الفساد، والّتي عقدت في وقت سابق من هذا العامّ، قد أبرز حاجة المنظّمات الرّياضيّة والمنظّمات الدّوليّة والإقليميّة والأشخاص المكلّفين لتنفيذ القانون إلى التّعاون سويّا لمكافحة الفساد بشكل فعّال.
يقدّم مكتب الأمم المتّحدة المعني بالمخدّرات والجريمة (UNODC) المساعدة، من خلال برنامجه الخاصّ بحماية الرّياضة من الفساد والجريمة، ويعدّ هذا البرنامج ركيزة أساسيّة في برنامجه العالمي لمكافحة الفساد.
يقدّم البرنامج الدّعم للحكومات والمنظّمات الرّياضيّة والأطراف المعنيّة لمعالجة مشكلة الفساد والجريمة في الرّياضة.
شهد المجال الرّياضي العالمي العديد من فضائح الفساد البارزة، ممّا أنتج دفعا متزايدا للعمل على معالجة المشكلة.
ويشكّل التلاعب بالمسابقات الرياضيّة والرّهانات غير القانونيّة المرافقة لها، تهديدا خطيرا لنزاهة الرّياضة وعمليّة تجاريّة ضخمة عابرة للحدود مع ما يصل إلى 1.7 تريليون دولار أمريكي سنويّا في أسواق المراهنات غير الشّرعيّة.
ويؤكد التقرير، أن النّطاق المالي يجعل من المراهنات غير القانونيّة الدّافع الرّئيسي للفساد في الرّياضة ومسار رئيسي ومهمّ لعمليّات غسيل الأموال.
وقد أتت جائحة الكوفيد-19 لتزيد من عوامل الخطر.
ويتزايد استهداف الرّياضات الشبابيّة والمسابقات شبه الاحترافيّة والرّياضات النّسائيّة، بسبب قلّة أو عدم وجود مراقبة للرّهانات ويصعب بذلك اكتشاف التلاعب الحاصل.
إنّ انتشار المقامرة عبر الإنترنت، وكذلك ازدهار العملات المشفّرة إلى جانب العديد من عمليّات المراهنة غير القانونيّة والعابرة للحدود يشكّل تحدّيا. فيمكن للمشغّلين غير الشرعيّين استغلال المشهد التشريعي الوطني المتفاوت في حين أنّه قد يوفّر الإنترنت، وكذلك العملات المشفّرة نسبة أكبر من السريّة.
تعمل الحكومات والهيئات الرّياضيّة على معالجة هذه المخاطر وتخفيضها.
على الجانب الآخر، تتعاون عمليّات المراهنات الرّياضيّة الرّئيسيّة، وجمعيّات صناعة المراهنات وشركات المراقبة فيما بينها وتتبادل بيانات المراهنات وتنبيهات المراهنات المشبوهة مع المنظّمات الرّياضيّة.
يظهر التّقرير العالمي لمكتب الأمم المتّحدة المعنيّ بالمخدّرات والجريمة حول الفساد في الرّياضة لأوّل مرّة حجم ونطاق وتعقيد الفساد والشبكات الإجراميّة، في الرّياضة الوطنيّة والدّوليّة.
تمّ إطلاق التّقرير العالمي، ليتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة الفساد في 9 ديسمبر، وهو يرصد تهديدات الفساد الّتي تواجه الرّياضة، ويحلّل اتّجاهات ممارسات الفساد في الرّياضة، ويبحث في المبادرات القائمة والممارسات الجيّدة، وكيفيّة استخدام الأطر القانونيّة لمعالجة المشكلة. أسهم في إعداد التقرير ما يقارب من 200 خبير من الحكومات والمنظّمات الرّياضيّة والقطاع الخاصّ والأوساط الأكاديميّة، ويعدّ هذا التقرير الأكثر تعمّقا من نوعه حتّى الآن ويحدّد سلسلة من الإيجابيات المحتملة.
يظهر التقرير العالمي الحاجة الملحّة لتقوية وتعزيز الأطر القانونيّة، وتطوير ووضع السياسات، وزيادة التعاون، وتعزيز فهم التّرابط بين الفساد والجريمة المنظّمة في الرّياضة، وتطوير قدرات الكيانات الحكوميّة والمنظّمات الرياضيّة المختصّة.
قدّم مكتب الأمم المتّحدة المعني بالمخدّرات والجريمة (UNODC)، من خلال برنامجه المتعلّق بحماية الرّياضة من الفساد والجريمة، أكثر من 150 نشاطا بما في ذلك زيادة الوعي، وبناء القدرات والمساعدة الفنيّة، لأكثر من 7500 مستفيد مباشر من أكثر من 130 دولة منذ عامّ 2017.
هذا البرنامج يحظى بدعم ماليّ من حكومتي النرويج والاتحاد الرّوسي وكذلك من اللّجنة الأولمبيّة الدّوليّة والمفوّضيّة الأوروبيّة.
يعزّز مكتب الأمم المتّحدة المعني بالمخدّرات والجريمة فهم المشكلة، وما يجب القيام به حيالها من خلال البحث والتّحليل.
ووسّع هذه السنة مكتب الأمم المتّحدة المعني بالمخدّرات والجريمة شراكته مع اللّجنة الأولمبيّة الدّوليّة (IOC) لتعزيز أكثر، وزيادة التّعاون في مكافحة الفساد. تشدّد الاتفاقية على منع جرائم الشباب، والعنف وتعاطي المخدّرات من خلال الرّياضة.
كما تدعم مختلف النشاطات الّتي تهدف إلى تعزيز مساهمة الرّياضة في تحقيق أهداف التّنمية المستدامة وترويج الرّياضة من أجل التنمية والسلام، وذلك من خلال أيضا الألعاب الأولمبيّة والألعاب الخاصّة بذوي الاحتياجات الخاصّة.
بالإضافة إلى ذلك، لقد تضافرت جهود مكتب الأمم المتّحدة المعني بالمخدّرات والجريمة مع جهود الهيئة الحاكمة لكرة القدم العالميّة، الاتحاد الدّولي لكرة القدم (الفيفا)، بهدف تشجيع اللاعبين والأندية والمدرّبين والمسؤولين على التّحدّث علنا وبكلّ جرأة ضدّ التلاعب بنتائج المباريات، ونشر الوعي حول منصّات التقارير السريّة الخاصّة بالفيفا.
ويدعم مكتب الأمم المتّحدة المعني بالمخدّرات والجريمة أيضا تطوير برنامج النّزاهة العالمي الخاصّ بالفيفا والّذي يزوّد جمعيّات الأعضاء بالموارد المناسبة، لمعالجة مشكلة التلاعب بالمباريات.
كما وقد قدّم مكتب الأمم المتّحدة المعني بالمخدّرات والجريمة تدريبا لأربعة من أصل ستّة اتّحادات قاريّة الّتي تغطّي إفريقيا، وآسيا، وأمريكا الشماليّة والوسطى والجنوبيّة ومنطقة البحر الكاريبي.
وحول الإجراءات الّتي يجب اتّخاذها، قالت الأمم المتحدة إن تطوّر الرّياضة لازمه تطور في أنواع وحجم الفساد الّذي يؤثّر على الرّياضة، ما دفع لتعزيز الأطر القانونيّة، والسياسيّة والمؤسّساتيّة من أجل الإبلاغ عن الفساد ومنع حصوله. مع تّعاون وطني بين أجهزة تنفيذ القانون، وسلطات العدالة الجنائيّة، والمنظّمات الرّياضيّة أكثر فعاليّة، كما أن زيادة تبادل المعلومات أمرا مهمّا للغاية من أجل الكشف عن الفساد في الرياضة والإبلاغ عنه ومنع بذلك التلاعب بالمسابقات.
ودعت الأمم المتحدة الرياضيين وغيرهم من الأشخاص، للإبلاغ عن الأساليب المستخدمة من قبل الّذين يتلاعبون في المباراة، من خلال آليّات مفتوحة وسريّة وبطريقة متخفّية.