وزير الأوقاف: الالتفاف خلف قواتنا المسلحة وشرطتنا ودعمهما واجب شرعي ووطني
صبحي مجاهد
في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري والتثقيفي، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة، ألقى د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اليوم خطبة الجمعة بعنوان: "السلام مع النفس والكون" بمسجد "الفتح" بمركز ومدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية بمناسبة العيد القومي للمحافظة، بحضور الدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية، و د. محمد سعفان وزير القوى العاملة، ود. شوقي علام مفتي الجمهورية، و د. عثمان شعلان رئيس جامعة الزقازيق، واللواء محمد والي مدير أمن الشرقية، د. أحمد عبد المعطي نائب محافظ الشرقية، واللواء مهندس يسري الديب رئيس هيئة الأبنية التعليمية، وعدد من القيادات الأمنية والشعبية بالمحافظة، وبمراعاة الضوابط الاحترازية والإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي.
وفي خطبته أكد وزير الأوقاف أن ديننا دين السلام فالسلام أصل راسخ في ديننا مع الكون كله مع البشر والشجر والحجر، وأن نبينا "صلى الله عليه وسلم" هو نبي السلام، وتحيتنا هي السلام وتحية أهل الجنة في الجنة السلام، يقول تعالى: "وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ"، وتحية الملائكة لأهل الجنة سلام، يقول تعالى: "وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُم " ويقول سبحانه: "وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ" ، وإكرام رب العزة لأهل الجنة حيث يقول سبحانه: "سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ" ، والجنة هي دار السلام لأهل السلام.
ولفت إلى أن رب العزة أكرم أنبياءه ورسله وأصفياءه بالسلام ، حيث يقول سبحانه : "سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ" فأي فضل وأي إكرام من إلقاء رب العزة السلام على أنبيائه ورسله وعباده وأصفيائه، وهذا السلام أمان من الله لسيدنا نوح "عليه السلام" ، وسيدنا إبراهيم "عليه السلام" "سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ" ، وسيدنا موسى وهارون "عليهما السلام" "سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ" ، وسيدنا إلياس "عليه السلام" "سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ" ، وفي شأن سيدنا يحيى "عليه السلام" "وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًا" ، وفي شأن سيدنا عيسى "عليه السلام" " وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا"، وفي عامة أنبيائه يقول الحق سبحانه : " قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى" ، أما في شأن الحبيب سيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم" يقول سبحانه : "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" بصيغة المضارع التي تفيد التجدد والاستمرار ، ومن هنا كانت الصلاة والسلام على الحبيب "صلى الله عليه وسلم" في كل صلاة وفي كل تشهد ، وقد قال النبي "صلى الله عليه وسلم" لأصحابه: "والَّذي نفسي بيدِه لا تدخلوا الجنَّةَ حتَّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا أولا أدلُّكم علَى شيءٍ إذا فعلتُموهُ تحاببتُم أفشوا السَّلامَ بينَكم" ، وقال عبد الله بن سلام "رضي الله عنه" لمَّا قدمَ النَّبيُّ "صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ" المدينةَ، انجَفلَ النَّاسُ قبلَهُ، وقيلَ: قد قدمَ رسولُ اللَّهِ "صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ"، قد قدمَ رسولُ اللَّهِ، قد قدمَ رسولُ اللَّهِ ثلاثًا، فَجِئْتُ في النَّاسِ، لأنظرَ، فلمَّا تبيَّنتُ وجهَهُ، عرفتُ أنَّ وجهَهُ ليسَ بوَجهِ كذَّابٍ، فَكانَ أوَّلُ شيءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ، أن قالَ: يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ" .
وقال "صلى الله عليه وسلم": " لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ، فَيُعْرِضُ هَذَا، ويُعْرِضُ هَذَا، وخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ"، وقال "صلى الله عليه وسلم": "إن أَوْلَى الناس بالله من بَدَأَهُمْ بالسلام"، وأولى الناس بالله هم أولى الناس برحمة الله وبفضل الله وبقربهم من الله.
وأوضح أن السلام الحقيقي ليس بالكلام فقط ؛ بأن تسلم على صاحبك أو جارك أو زميلك وقلبك يمتلئ عليه غلًا وحقدًا وحسدًا ، بل السلام صفاء نفسي ، مع النفس ، مع الكون ، مع الإنسان ، مع الحيوان ، مع الجماد ، وأن السلام الحقيقي هو أن لا تؤذي أحدًا ؛ لا قولًا ولا فعلًا ، فالقلوب الصافية هي التي لا تعرف الحقد ، ولا الغل ، ولا الحسد ، فالمسلم لا يجهل ، ولا يفسق ، ولا يصخب ، ولا يغدر ، ولا يخون ، ولا ينم ، ولا يغتاب بل حاله حال الرجل الذي قال عنه النبي "صلى الله عليه وسلم" " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنَّة"، ولما سئل الرجل عن ذلك قال موضحًا حاله : "أنام ولا أحمل في نفسي لأحد من المسلمين غِشًّا، ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه" ، فالسلام ليس كلامًا ، بل السلام الحقيقي أن تصفي قلبك مع الخالق ، وأن تصفي خُلقك مع الكون كله ، مبينا أن هناك فرقا بين السلام والاستسلام ؛ فالسلام الحقيقي هو سلام الأقوياء كما يقولون: "سلام الشجعان" ، هو السلام الذي ينشأ عن قوة ، قال الشاعر النابغة الجعدي في حضرة سيدنا رسول الله "صلى الله عليه وسلم": ولا خير في حلمٍ إذا لم يكن له بوادر تحمي صفوه أن يكدرا وما استطاع سيدنا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أن يعقد المعاهدات إلا عندما كانت له قوة تجبر الأعداء على احترامه ، يوم صلح الحديبية كان له جيش وكانت له قوة ، فالضعيف لا يستطيع أن يقيم سلامًا أبدًا ، فالسلام لا بد له من قوةٍ تحميه ، ومن هنا نوجه التحية لقواتنا المسلحة الباسلة التي تحمي وتحرس سلام الوطن وأمنه وأمانه ، فتحية لقواتنا المسلحة
واستطرد قائلا: من هنا نؤكد أن الالتفاف خلف قواتنا المسلحة وأن دعمها واجب شرعي ووطني، مؤكدًا أن السلام المجتمعي تقوم عليه عين الأمن الساهرة، وعين الشرطة الساهرة على أمن الوطن وسلامه المجتمعي من كل الظواهر السلبية والانحراف والخروج على القانون وتهديد أمن المجتمع، فتحية للشرطة الوطنية والدور الذي تقوم به على أمن المجتمع. مشيرًا إلى أن السلام المجتمعي يحتاج إلى التكافل والتراحم، وألا يكون بيننا جائع ولا محتاج، وأن نتكافل ونتضامن، ومن هنا التفتت الدولة بمسؤولية تامة تجاه السلام الاجتماعي بما قامت به من مبادرات، بداية من علاج فيروس سي أو من كل المبادرات الصحية والتعليمية والتثقيفية والتي توجت بمبادرة حياة كريمة موجهة إلى الفئات الأولى بالرعاية في القرى والنجوع، وهذا يصب بقوة في تحقيق السلام والأمن الاجتماعي الذي ننشده جميعا.
وفي ختام خطبته أكد أن المسؤولية الفردية علينا جميعا ، هل نترك القوات المسلحة وحدها أو الشرطة وحدها أو المؤسسات الاقتصادية وحدها ، فهناك نوع هام من الأمن لا يتحقق إلا بصحوة الأفراد ، وهو أن لا نسمح لمفسدٍ أو عميلٍ أو مأجورٍ أو خائنٍ أو متطرفٍ بالفساد والإفساد ، سواء أكان يعبث بالأمن الاقتصادي ، أم بالأمن العام ، أم يعبث بفكر أبناء هذه الأمة ، فالسلام لنا جميعا ويتحقق بنا جميعا ، فعلى كل منا مسؤولية في تحقيق السلام المجتمعي بأن لا نسمح لمتطرف ولا لعميل ولا لمأجور ولا لمفسد أن يبث سمومه سواء كان بالفكر المتطرف أم بتضليل الشباب كتجار المخدرات أم المنحرفين أم المفسدين أم المختلسين أم المرتشين كل هذه الظواهر السلبية تؤثر على الأمن المجتمعي مما يجعل التضافر الوطني والمؤسسي والفردي مع كل جهات الدولة واجبًا شرعيًّا ووطنيًّا حتى يتحقق الأمن لنا جميعًا ، وإذا كان الأمن لنا جميعًا فلن يتحقق إلا بنا جميعًا ، وما استحق أن يولد من عاش لنفسه ، وفي الحديث الشريف : " لا تَكونوا إمَّعةً، تقولونَ: إن أحسنَ النَّاسُ أحسنَّا، وإن ظلموا ظلَمنا، ولَكن وطِّنوا أنفسَكم، إن أحسنَ النَّاسُ أن تُحسِنوا، وإن أساءوا فلا تظلِموا "، ليس هذا فحسب بل أن توقفوا إساءتهم ، وأن تواجهوا إساءتهم ، لأن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أو المفسد ولم يأخذوا على يديه وعلى فساده وتخريبه وتدميره أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده.