

د. عادل القليعي
الانحطاط هو معيار الأخلاق الوحش همجية!
عندما كنا نسمع هذا اللفظ "منحط"، كنا نشمئز لمجرد سماعه، وكنا نضيق بمن يقوله ذرعا ونمتعض أيما امتعاض. فالمنحط هو المتدني قليل الأصل، الذي ليس له معدن وإن كان فمعدنه خسيس ورخيص.. متدنٕ قيميا وأخلاقيا وسلوكيا.
بمعنى أدق وضيع الأصل معدوم النسب فاقد للهوية الإنسية، بل هو إن جاز التعبير، فارق البهائمية، فالحيوان البهيم الأعجم بغريزته قد يشفق على فصيلته فلا يفترسها وقد يشفق على الإنسان بل وقد يصادقه ويدافع عنه.
أما ما يحدث الآن على الساحة، على أرض الواقع، على أرض غزة العزة لأمر فاق الحدود،ش فاق كلمة الانحطاط الأخلاقي، بل وتعجز مفردات اللغة وقواميسها المكتوبة بكل اللغات، أن تجد تعابير تصف بها ما يحدث من هذه الشرذمة الضآلة المضلة التي لا تمت للإنسانية بأدنى صلة لا من قريب ولا من بعيد.
شرذمة سولت لها أحلامها البغيضة أنهم أسياد العالم وما دونهم عبيد، وهذا دليل دامغ يعلمونه جيدا، أنهم هم الذين يشعرون بالدونية، وتلك حقيقة لا ينكرها إلا الدوني ممن على شاكلتهم، فاللقطاء ملتهم واحدة، ودينهم ودأبهم واحد، القتل وسفك الدماء، لا يفرقون بين طفل أو شيخ، رجل أو امرأة.. المهم تحقيق مآربهم الدنيئة.
إنهم المآرقة الذين مرقوا عن الإنسانية كما يمرق السهم عن الرمية، فلا إنسانية لديهم ، يرتكبون الجرائم النكراء الشنعاء ضد العزل الذين لا حول لهم ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أولئك الذين ليس لهم ذنب اللهم إلا تمسكهم بأراضيهم، رافضين الهجرة من ديارهم.
نعم إنهم المآرقة المنحطون أخلاقيا الذين فاقت شناعاتهم المدي وفاقت شريعة الغاب، الوحشية الهمجية البربرية التتارية المغولية، فلا نامت أعين الجبناء.
عندما تحدث توماس هوبز قائلا الإنسان ذئب لأخيه الإنسان، نقول له ها هي مقولتك قد حققها وتحققها بنو صهيون بل وتجاوزها بآلاف الأميال والكليوميترات. ولو بعثت من قبرك لصببت عليهم وابلا من اللعنات ولوسمتهم بأنهم للانحطاط عنوان.
ليسوا وحدهم وإنما يشاركهم في الدونية والانحطاط الأخلاقي كل من شايعهم وبارك افاعيلهم، وكل من أعطاهم الضوء الأخضر وأمدهم بالعدة والعتاد لإبادة هذا الشعب الأعزل.
ليس هذا وحسب بل يشاركهم في هذه الرذيلة والانحطاط الأخلاقي، كل من وقف متفرجا من بني جلدتنا، على الرغم من أنه يستطيع قول الحق ورد الظالم، فإنه وقف ساكتا كشيطان أخرس متخليا عن دينه وعروبته وقوميته وإنسانيته من أجل أن يحصل على البركة من سيده الذي يظن أنه سيحميه، لا لن يحميك فلا أمان لمن لا دين له، سيظل يحلبكم ويسوقكم كالاغنام ثم سينقلب عليكم واحدا تلو الآخر.
والتاريخ يشهد على ذلك، أم أن ذاكرتكم طمس عليها، وقلوبكم تحجرت فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة، وعقولكم باتت فارغة ملأها حب الدنيا وزينتها ومباهجها وزخارفها. ألا سحقا لكل من باع القضية، ألا سحقا لكل من شاهد وطأطأ رأسه وقال لا يعنينا في شيء. ألا سحقا لمن ظن أنه سيخلد في هذه الدنيا وأنه لن يلقى الله.
ألا سحقا لمن تخلى عن نصرة دينه والذود عن مقدساته. خسئتم وخيبتم يا أعداء الإنسانية. فأذنوا بحرب من الله ورسوله. فعلا أنتم للانحطاط وللنذالة عنوان، فبئس العنوان.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان